آخر الخرجات الجزائرية: أهل الكهف جزائريون وفرّوا من الملك دقيوس
عبدالقادر كتــرة
في برنامج يحمل اسم “سويعة” يبث على قناة الشروق الجزائرية، أثار المنشط حديثا، وحسب ما زعم أنه استقاه من كتب التاريخ، حول ما سماه الملك/الإمبراطور “دقيوس” الذي كان يلقب بالملك الكافر وحكم الرومان من 249 إلى 251 ميلادية، وكان يعذب المسيحين التي كانت ديانة جديدة وكلّ من لا يعبد الأصنام مثله إذ كان وثنيا، وكان يلاحقهم إلى آخر الدنيا.
“ولعلمكم أن أهل الكهف هربوا من بطش هذا الإمبراطور إلى الكهف وناموا أكثر من 300 سنة ولما استيقظوا ظنوا أنهم ناموا يوما، لكن بعد أن استوعبوا واقعهم أصبحوا يقولون أنهم ناموا من عهد دقيوس”، وهي العبارات التي لا توجد في أي بلاد عربية إلا في الجزائر.”
يستطرد المنشط بعد أن سلب انتباه ضيوفه، قائلا :”السؤال المطروح هو لماذا؟ ثم يضيف :”يقال أن الباحثين يذكرون أن أهل الكهف كانوا في الأردن والأناضول دون ذكر الإمبراطور دقيوس، الأمر الذي دفع الباحثين إلى القول بأن أصحاب الكهف كانوا في شمال أفريقيا وبالضبط في الجزائر”.
مما قيل في أصحاب الكهف:
لما تفشى الشرك بين المسيحيين وعبدوا الأصنام وذبحوا للطواغيت أزعج ذلك الموحّدين منهم. وكان أحد ملوك المسيحيين واسمه دقيانوس، (وفي روايةٍ دقيوس) يقتل النصارى الموحّدين. فألقى الشرطة القبض على فتية من هؤلاء الموحدين الذين كانوا من عظماء مدينتهم التي اسمها أفسوس، وفي بعض الروايات طرسوس. ولما أحضروهم إلى الملك عنّفهم على عدم سجودهم للأصنام، ولكنهم تمسكوا بالتوحيد. فأمهلهم الملك للمزيد من التفكير والتأمل، فاغتنموا الفرصة وفروا واختفَوا في غار اسمه بنجلوس، واشتغلوا هنالك في العبادة، واختاروا أحدًا منهم، واسمه يمليخا، ليُحضر لهم الطعام من المدينة. فكان يدخل المدينة متنكرًا ويأتي بالطعام. فعلِم في يوم من الأيام أن الملك قد رجع إلى المدينة بعد أن خرج منها لبعض المهام، وأنه أمر بإحضار الفتية. فأسرع هذا إلى أصحابه باكيًا وبلّغهم الخبر. ففزعوا إلى الله تعالى وبكوا، ولما فرغوا من دعائهم ضرب الله على آذانهم وناموا، ونفقتهم ومتاعهم بجنبهم، وكلبهم باسط ذراعيه بالوصيد. فخرج الملك في طلبهم، ولكن لم يستطع أحد من رجاله أن يدخل الكهف. فقال أحد رجاله: أيها الملك، أليس لو قدرتَ عليهم قتلتَهم؟ قال: بلى. قال: ابْنِ على باب الكهف جدارًا وتسدّه، ودَعْهم يموتوا جوعًا وعطشًا. ففعل. ثم كان من شأنهم ما قص الله تعالى الكتاب المبين.
وفيما يتعلق بمصيرهم فقد وردت في أحد التفاسير:
سلّط الله على أصحاب الكهف النوم دهرًا طويلاً، ثم بعَثهم. فأرسلوا أحدًا منهم ليأتي لهم بالطعام. فذهب ودفع إلى صاحب المحل الدرهمَ، فلما رأى الدرهم تحير وأنكره لأنه درهم قديم، ودفعه إلى جاره، فتحيروا جميعًا وظنوا أنها عملة بلد أجنبي. فوصل الخبر إلى الملك الذي اسمه يندوسيس، فلما سمع حكايته ذهب معه إلى الكهف، فسلّم الملك على أصحاب الكهف وعانقَهم، وتكلم معهم لبعض الوقت، ونصحوه. ثم عادوا إلى مضاجعهم وماتوا فورًا (ابن كثير، وروح المعاني).
الكهف بقرية الرقيم في الأردن على بعد 5 كلم من عمان
وحسب موقع “معرفة”، أصحاب الكهف هم مجموعة من الفتية المؤمنين الذين وردت قصتهم في سورة الكهف في القرآن الكريم، في الآيات من 9 حتى 25 وذلك في قوله تعالى: (…إنهم فتية آمنوا بربهم وزدناهم هدى ¦ وربطنا على قلوبهم إذ قاموا فقالوا ربنا رب السموات والأرض لن ندعو من دونه إلها لقد قلنا إذًا شطَطًا ¦ّهؤلاء قومنا اتخذوا من دُونِه آلهةً لولا يأتون عليهم بسلطان بيّن فَمَن أظلَمُ مِمَّن افترى على الله كذبًا ¦ وإذ اعتزلتُمُوهُم وما يعبدون إلا الله فأوُوا إلى الكهف ينشُر لكُم ربُّكُم من رحمَته ويهيئ لكم من أمركم مرفقا) الكهف 13-16. وورود قصة هؤلاء الفتية في القرآن الكريم يعد من معجزات الرسول صلى الله عليه وسلم.
وكان هؤلاء الفتية قد هربوا بدينهم من الكفار وقرروا الالتجاء إلى أحد الكهوف للاختباء فيه، وناموا به ثلاثمائة وتسع سنين، ثم استيقظوا بعد هذه المدة الطويلة بكامل هيئتهم، فبدأوا يتساءلون فيما بينهم عن المدة التي أمضوها نياماً، لكنهم لم يلبثوا أن صرفوا النظر عن التحقيق في ذلك لشعورهم بالجوع.
وكان بحوزتهم بعض النقود التي كانت متداولة في زمنهم قبل منامهم الطويل، فبعثوا أحدهم إلى المدينة ليبحث لهم عن طعام يأكلونه، لكن ذلك الرجل تفاجأ بأن المدينة التي غادرها هو وأصحابه بالأمس لم تعد كما كانت عليه وتغيرت ولم يعد يعرف فيها شيئاً مما كان يعهده، ودفع بما لديه من نقود إلى أحد الباعة.
أثارت النقود دهشة البائع وعجب بقية الباعة الآخرين، وقرروا أن يذهبوا بها وبصاحبها إلى سلطان مدينتهم وتعجب السلطان من قصتها وقرر أن يذهب إلى مكان الكهف، ورأى الفتية الآخرين ورحب بهم وفهم أن معجزة قد وقعت لهم، ولم يلبث أولئك الفتية بعد ذلك أن ماتوا جميعاً في نفس اللحظة.
وقد قيل أن الكهف اسمه الرقيم, وقال آخرون أن الرقيم هو اسم حجر على باب ذلك الكهف دونت عليه أسماء أولائك الفتية المؤمنين. وقيل أن البلدة التي يوجد بها ذلك الكهف هي قرية الرقيم الرجيب في الأردن وتبعد عن عمان 5 كيلومترات.
وقد وردت قصتهم بعدة روايات منها ما رواه اليونانيون ومنها ما رواه الرومان وغيرهم الكثير. عددهم لم يعرف تماما, ويقال انهم 7 أو 8 ومعهم كلب يدعى قطمير.
وقد سميت إحدى سور القرآن الكريم بـ(سورة الكهف): نسبة إلى قصة هؤلاء الفتية الذين ذهبوا إلى الكهف الذي كان فيه نجاتهم مع أن ظاهره يوحي بالخوف والظلمة والرعب لكنه لم يكن كذلك إنما كان العكس .
قال القرآن :” وَإِذِ اعْتَزَلْتُمُوهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ إِلَّا اللَّهَ فَأْوُوا إِلَى الْكَهْفِ يَنشُرْ لَكُمْ رَبُّكُم مِّن رَّحمته ويُهَيِّئْ لَكُم مِّنْ أَمْرِكُم مِّرْفَقًا ” آية 16 . فالكهف في السورة ما هو إلا تعبير أن العصمة من الفتن أحياناً تكون باللجوء إلى الله حتى لو أن ظاهر الأمر مخيف. وهو رمز الدعوة إلى الله فهو كهف الدعوة وكهف التسليم لله ولذا سميت السورة (الكهف) وهي العصمة من الفتن.