عزيزي ريان …. رحمك الله يا صغيري و لروحك السلام
الحسن الطاهري
عزيزي ريان
لم تغف عيناي طول الليل، ابى مخي ان يستريح ف طار بي ذهابا و ايابا من جبلك الذي خربته الالات من اجل الوصول اليك و انقاذك و مسقط رأسي وحيي الذي نشأت فيه، فبت الليل اكمله طائرا بين هنا وهناك. عدت لطفولتي ف وجدتك فيها بل وجدتني فيك. تذكرت اللعب، نعم اللعب، كثير من الهرمة لم يلعبوا و لم يعرفوا معنى اللعب، و يكرهون اللعب. تذكرت حيي الشعبي الذي بدأ فوضى و لا يزال، لكن في طفولتي قرروا تزويده بالواد الحار فحفروا خندقا لا نهاية له طولا و عرضه اكثر من متر و عمقه قد يصل الى مترين، كان لا بد ان نعرف كيف نتخطاه، تحول بسرعة لدينا الى اداة للعب، لعبة القفز بين طرفي الخندق، كانت قفزاتنا تنجح مرة و مرات يغدر بنا التراب المتراكم على الجنبات فنهوي في قاع الخندق، ثم ننهض و قد اتسخت ثيابنا لنعيد الكرة من جديد، كنا نلعب و لا نكترث و لا نحب اللعب تحت مراقبة الكبار، لأن اللعب تحت اعينهم يكون مملا بل لا يبدو لنا لعبا ولكن ترويضا يحرمنا الحرية و يسجننا . تخيلتك انت كذلك وانت تحاول القفز على جنبات حفرة وخيالك البريء الطبيعي يقول لك و انت تلقي نظرة الى قاعها المظلم، كم يكون عمقها، كم ؟! لن تكون اكثر من سطح منزل، لن تكون اكثر من الخنادق التي ألفتها و الوديان التي قطعتها و قطعتها. نعم هكذا تخيلتك تتأمل الحفرة وبكل حرية و غبطة وسرور قررت القفز بين جنباتها، إن سقطت فستنهض من جديد و تقفز من جديد بين جنباتها، يا له من احساس رائع لا يعرفه إلا من تمتع باللعب. لقد لعبت ياعزيزي ريان كما لعبت أنا و كثير مثلي و مثلك، و أنا الآن لا أعرف إن كان حظا أني حييت حتى هرمت بعد تخطي تلك الحفر، و انت لا اعرف هل غدرك ظلام القاع ، فيا ليت بقيت حفر جيلي كحفر جيلك، عريضة الفم صغيرة البطن، مفضوحة تبتلعك و تلفظك دون ان تقدر عليك. يا ليتها بقيت كذلك، لكن ما عسانا نفعل نحن الكبار ، حفر لنا فلعبنا ونجونا فكيف نحفر لكم حفر تبتلعكم دون رجعة، لا، لا يمكن ذلك. رحمك الله يا صغيري و لروحك السلام،…
الحسن الطاهري