عن اي تناسب بين الضرورة العسكرية والاعتبارات الانسانية نتحدث ؟
ذة.سليمة فراجي
لماذا لم تهرع المنظمات الحقوقية الدولية للمطالبة بتطبيق مقتضيات القانون الدولي الانساني والتنديد بالانتهاكات الجسيمة في اوكرانيا وحماية المدنيين ؟ وهي الرائدة في مجال الدفاع عن حقوق الإنسان و تناضل من أجل وضع حد للانتهاكات الجسيمة لهذه الحقوق !
بل كيف ننسى تقارير منظمات حقوقية ابتعدت عن التجرد والحياد كلما تعلق الامر بوحدة المغرب الترابية وقضيته الوطنية ؟
ظاهريا يصبو المنتظم الدولي الى احترام الاتفاقيات التي تتعامل مع الأوضاع التي تمس حقوق الانسان المستمدة من قيم سامية منبثقة عن شرائع سماوية نزلت رحمة للبشرية بهدف تكريم الانسان وتهذيب النفوس وإحقاق السلام العادل لكافة البشر ، وجاء القانون للتعبير عن هذه القيم بلغة قانونية تفرض الالتزام على الدول الأطراف في الاتفاقيات المكونة له ، وبمقتضاها تلتزم باتخاذ التدابير للالتزام بها من خلال التشريعات او الاجراءات او السياسات او البنية الاساسية ،
لكن بقدر ما اسيل الكثير من الحبر لتعظيم هذه الاتفاقيات و حرص المجتمع الدولي على محاسبة من ينتهكها من الضعاف ، بقدر ما نشهد انتهاكات جسيمة من طرف من لا رقيب ولا حسيب عليهم
من منا لا يستشهد بالمجازر التي ترتكب في فلسطين كلما تعلق الامر بالانتهاكات الجسيمة لحقوق الانسان، ولما جاءت به اتفاقيات القانون الدولي الانساني ؟
ونتساءل عن جدوى القانون الدولي الانساني الذي يسعى من بين ما يسعى اليه الى انسنة الحروب و خلق التوازن والتناسب بين الضرورة العسكرية والاعتبارات الانسانية ، وعن جدوى اتفاقية جنيف الرابعة المتعلقة بحماية المدنيين اثناء النزاع المسلح والاحتلال الحربي والهجمات العشوائية في بؤر التوتر
جرائم وممارسات وافعال منصوص عليها وعلى عقوباتها في المادة السابعة من نظام روما ، من قتل وتعذيب وتسبب في معاناة شديدة
قصف للاعيان المدنية دون رحمة او شفقة يذهب ضحيته اطفال ونساء و مختلف شرائح المجتمع ناهيك عن تدمير المساكن و المرافق والقصف العمدي للمباني والمنشآت والمدن الآهلة بالسكان
فهل سنسلم بعودة شريعة الغاب وسيادة منطق القوة وهو الامر الذي يهدد كل قيمة لهذه الرحلة الطويلة التي قطعتها البشرية من اجل الارتقاء بمنظومتي حقوق الانسان والقانون الدولي الانساني ، والدعوة الى تشجيع المنتهكين للتمادي في تجاوزاتهم وانكار حقوق المعتدى عليهم ؟
متى يرجح الأقوياء كفة القانون ويغلبون الخير في صراعه الابدي مع الشر ؟ام ان هذه المواثيق والاجهزة الاممية هي عصا غليظة في يد الأقوياء لجلد الضعفاء ؟
ما جدوى صياغة القوانين والمواثيق اذا كان واقع الحال يصدح بعدم احترام مقتضياتها ؟
ما الفائدة ان كنا مطالبين بملاءمة تشريعاتنا الوطنية مع الاتفاقيات الدولية اذا كانت هذه المواثيق نفسها لم توضع الا لتخرق وعاجزة عن ردع المتجاوزين بل لا تثار الا لتخويف وابتزاز الضعاف من الشعوب ، بما ينذر بتقهقر النزعة الانسانية وخيانة لتاريخ البشرية وكما قال جورج سانتيانا اذا لم نستطع ان نتعلم من دروس الماضي ونتوقف عن التمادي في اعفاء الجرائم الدولية من العقاب فإننا نكرر نفس الأخطاء وسنعاني من نتائجها
عن اية رحمة في قلب المعارك نتحدث ؟