هرطقات جزائرية: ثلاثة “جزائريين” حازوا على جائزة نوبل للسلام؟
عبدالقادر كتــرة
قد يصاب المرء بالصدمة والغثيان من هَوْل ما يصل إلى علمه ولا يجد جوابا إلا الضحك والسخرية ويعتبر تلك الأخبار التي يتم ترويجها وتداولها من طرف مزابل الإعلام الجزائري وقنوات صرفه الصحي، من المستملحات والنوادر والحكايات التي ترويها العجائز للأطفال والصبيان أو قصص خيالية يرويها قصاصو الحلقة في ساحات المدن المغربية لقضاء بعض الوقت في الفكاهة والمرح.
تجرأت مزابل الإعلام نشر خبرا يجهله العالم من العرب والعجم وبعد الجزائريين يتمثل في كون “الجزائر القوة الضاربة” والبلد القارة والقوة الإقليمية حاصلة على ثلاث جوائز نوبل للسلام، آخرها فاز بها “الباحث محمد سنوسي مناصفة مع “ال كور Al Gore” نائب الرئيس الامريكي سنة 2007 ضمن فريق بحث الهيئة التابعة للأمم المتحدة حول التغيرات المناخية، مناصفة مع نائب الرئيس الأمريكي آل غور.
توفي محمد سنوسي في 16 ماي 2014، إثر مرض عضال عن عمر ناهز 58 سنة، يعدُّ خبيرا في علم المناخ وشخصية علمية وأحد المختصين في علم الأرصاد الجوية الاستوائية مما جعله يشارك في عمل الهيئة الدولية حول تطور المناخ، كما اشتغل أيضا أستاذا في معهد الأرصاد الجوية للتكوين والبحث الموجود بوهران وكذلك عضو مؤسس للجمعية الجزائرية للبحث حول المناخ والبيئة.
والحقيقة أن من حصل على جائزة نوبل للسلام هو نائب الرئيس الأمريكي “آل غور” مناصفة مع الهيئة الدولية حول تطور المناخ (جياك) التابعة للأمم المتحدة التي كانت تضم حوالى ثلاثة آلاف عالم، وخبراء اقتصاديين، وخبراء في علم المحيطات من جميع دول العالم (واحد من 3000 خبير وباحث)، وتُعنى بشكل خاص بمكافحة ظاهرة الاحتباس الحراري وآثارها.
ثاني “جزائري” حائز على جائزة نوبل في الأدب هو الكاتب والفيلسوف والروائي الفرنسي “ألبير كاموAlbers Camus” الذي ولد في الجزائر إبان الاحتلال الفرنسي، سنة 1957، والذي يعد ثاني أصغر فائز بالجائزة على الإطلاق. اشتهر “كامو” لأعماله بلغته الفرنسية التي ترتكز على الفلسفة العبثية كرواية الغريب (1942) ورواية الطاعون (1947) وغيرها.
ولد كامو في موندا في سنة 7 نونبر،1917 من أب فرنسي يعمل في الزراعة وأم إسبانية تعاني من الصمم الجزئي، لم يعش والده طويلاً إذ توفي بعد عام من ولادته خلال مشاركته في الحرب العالمية الأولى ولهذا عاش كامو في أحد الأحياء الفقيرة مع والدته.
تزوج في عام 1934م من “سيمون يي” إلا أن زواجه بها لم يدم طويلاً، ثم تزوج بعدها من فرانسيس فاغ سنة 1940م وهي عالمة رياضيات وعازفة بيانو وأنجب منها توأم فتيات وهما “كاثرين وجين” سنة 1945م. توفي سنة 1960، إثر تعرضه إلى حادث سير في فرنسا حيث كان يبلغ من العمر 46 عاماً فقط، اعتقد الكثيرون وقتها بأن الحادث مدبر على يد السوفييت إلا أنه لم يتم إيجاد دليل يثبت ذلك.
ثالث “جزائري”، حسب ما نشره عالم المعرفة الجزائري في أخبار “ثقافة وعلوم” ، حائز على جائزة نوبل هو الفرنسي/اليهودي “كلود كوهين تانوجي ” Claude Cohen-Tannoudji)) هو عالم فيزيائي فرنسي، لأنه ولد في الجزائر خلال حقبة الاستعمار الفرنسي، في الوقت الذي تعبر الجزائر عن بغضها لفرنسا ولليهود وإسرائيل، وهذا ما يدعو إلى الغرابة.
ولد بمدينة قسنطينة بالجزائر، في فاتح أبريل سنة 1933، من أبوين يهوديين مغربيين من مدينة طنجة، إبراهيم كوهين تانوجي وسارة السباح . حاز على جائزة نوبل للفيزياء عام 1997 مناصفة مع الأمريكيين “وليام فيليبس” و”ستيفن تشو” لإبداعهم طريقة لحبس وتبريد الذرات بالليزر.
وولد كلود في الجزائر لأبوين من يهود الجزائر، ويصف كوهين أصله : “عائلتي أصلها من طنجة، واستقرت في تونس ثم في الجزائر في القرن السادس عشر، بعد أن فروا من إسبانيا خلال محاكم التفتيش. واسم العائلة “تانودجي”، يعني ببساطة الطنجاوي أي الذي ينحدر من مدينة طنجة، ولا يدعي المغرب أنه جائزة نوبل التي حصل عليها مغربية ولا هو مغربي غم اعترافه بأصله.
بعد أن أنهى دراسة المرحلة المتوسطة عام 1953 في الجزائر، سافر لباريس لدراسة في مدرسة الأساتذة العليا ،وكان من أساتذته “هنري كارتن” و”لوران شفارتز” و”ألفريد كاستلر”.
في عام 1958 تزوج كلود من معلمة مدرسة ثانوية وأنجبا ثلاثة أطفال، وانهى الخدمة العسكرية عام 1960 والتي بسببها أجل دراسة الدكتوراة والتي حصل عليها عام 1962م
للتذكير، تعود بداية منح جائزة نوبل لعام 1864 عندما نشرت مجلة فرنسية عن طريق الخطأ نعيًا لألفريد نوبل مخترع الديناميت بعنوان “مات تاجر الموت” حينها قرر ألفريد نوبل ألا يكون الموت هو إرثه للبشرية فأقر في وصيته مبلغ يقارب 31 مليون كورون سويدي، أي ما يقدر اليوم بنحو 1,5 مليار كورون (162 مليون يورو).لإنشاء مؤسسة تحمل اسمه تهدي كل عام هدايا لأناس وعلماء أفنوا عمرهم وعلمهم في إنجازات تفيد البشرية. ونصت الوصية على أن تمنح الجوائز في مجالات: (الفيزياء، الكيمياء، الطب، الأدب والسلام) بالإضافة إلى جائزة نوبل في الاقتصاد، التي استحثتها اللجنة عام 1968 ويمولها البنك السويدي.
تُسلّم جوائز نوبل في احتفال رسمي في العاشر من دجنبر من كل عام على أن تُعلن أسماء الفائزين في شهر أكتوبر من العام نفسه من قِبل اللجان المختلفة والمعنية في تحديد الفائزين لجائزة نوبل، والعاشر من دجنبر هو يوم وفاة الصناعي السويدي، صاحب جائزة نوبل، وتسلم جائزة نوبل للسلام في مدينة أوسلو، بينما تسلم الجوائز الأخرى من قبل ملك السويد في مدينة ستوكهولم.
11 جائزة نصيب المسلمين من نوبل ولا ذكر لأي اسم جزائري
وحصل 11 مسلما على جائزة نوبل منذ بدأ تسليمها عام 1901 وحتى الآن في مجالات السلام والأدب والكيمياء والفيزياء من مصر وباكستان واليمن وفلسطين وتركيا وبنغلاديش.
ويعد العالم الباكستاني، محمد عبد السلام، أول مسلم يفوز بجائزة نوبل في الفيزياء عام 1979، وهو الوحيد في الفيزياء بالمشاركة مع العالم ستيفن وينبيرج، وهو واحد من أنبغ علماء المسلمين في القرن العشرين قام عبد السلام بتطوير نظرية لتوحيد القوى النووية الضعيفة والكهرومغناطيسية، بل جزم بإمكانية توحيد القوى النووية القوية مع القوى الثلاث الأخرى.
نال الرئيس الثالث لجمهورية مصر العربية، محمد أنور السادات، الذي وقع على اتفاقية السلام مع الكيان الصهيوني على جائزة نوبل للسلام عام 1978 بالمشاركة مع مناحم بيجن رئيس وزراء إسرائيل.
ويعد الروائي المصري المسلم الأول الذي يحصل على جائزة نوبل في الأدب، وقد حصل عليها عام 1988 باعتبار أدبه واقعيًا يعبر عن المجتمع، من أشهر رواياته ثلاثية القاهرة بين القصرين وقصر الشوق والسكرية.
وحصل الرئيس الفلسطيني الراحل، ياسر عرفات سنة 1994 على جائزة نوبل للسلام مناصفة الإسرائيليان، شمعون بيريز وإسحاق رابين، نتيجة لمفاوضات مؤتمر مدريد في 1991 التي توجت بإتفاقية أوسلو في 1994.
وفاز العالم الكيميائي المصري، أحمد زويل على جائزة نوبل في الكيمياء عام 1999، نتيجة لأبحاثه في مجال الفيتموثانية حيث قام بابتكار ميكروسكوب يقوم بتصوير أشعة الليزر في زمن مقداره فيمتوثانية، وقد مكن هذا الابتكار العلماء من رؤية الجزيئات أثناء التفاعلات الكيميائية، وفتح آفاقـًا جديدة في العلوم.
ونالت الناشطة الإيرانية في مجال حقوق الإنسان، شيرين عبادي، جائزة نوبل للسلام سنة 2003 لنشاطها من أجل حقوق النساء والأطفال في إيران.
وحصل المصري، محمد البرادعي على جائزة نوبل للسلام في 2005، حيث كان رئيسا للوكالة الدولية للطاقة الذرية ومنحت الجائزة للوكالة ومديرها اعترافـًا بالجهود المبذولة من جانبهما لاحتواء انتشار الأسلحة النووية.
وحصل أستاذ الاقتصاد البنغالي البروفيسور محمد يونس، على جائزة نوبل في السلام عام 2006 لجهوده في تغيير واقع الفقراء في بلاده، وهو يعد مؤسس بنك جيرامين بنك الفقراء عمل على محاربة الفقر بقروض صغيرة جدًا بدون فوائد يتم إقراضها للفقراء منذ عام 1972 وهو أول بنك في العالم يقوم بتوفير رؤوس الأموال للفقراء فقط، وبدون أية ضمانات مالية.
وحاز الكاتب والروائي التركي أورهان باموق، في سنة 2006 على جائزة نوبل للأدب، لأدبه العميق الذي عبر عن معاني ورموز جديدة ليكون أول تركي يحصل على جائزة نوبل.
ويعد باموق أحد أهم الكتاب المعاصرين في تركيا وترجمت أعماله إلى 34 لغة حتى الآن، ويقرأه الناس في أكثر من 100 دولة. من أشهر رواياته (الحياة الجديدة، اسمي أحمر، ثلج).
وتحصلت الصحفية وناشطة في مجال حقوق الإنسان، اليمنية توكل كرمان، على جائزة نوبل للسلام للعام 2011 بالتقاسم مع الرئيسة الليبيرية إلين جونسون سيرليف والناشطة الليبيرية ليما غوبوي لنضالهم السلمي لحماية المرأة وحقها في المشاركة في صنع السلام، لتصبح أول امرأة عربية واليمنية الوحيدة التي حصلت على الجائزة.
ونالت المدونة والناشطة الباكستانية، مالالا يوسفزي، في 2014 على جائزة نوبل للسلام، بعد أن اشتهرت بتنديدها عبر تدويناتها بانتهاك حركة طالبان باكستان لحقوق الفتيات وحرمانهن من التعليم، وقتلهم لمعارضيهم، وشاركها الجائزة الهندي كايلاش ساتيارثي، وهي أصغر الحاصلين على الجائزة.