رسالة مفتوحة موجهة إلى أولي الأمر: المطلوب إجراء تحقيق حول فيديو محتواه خطير للغاية
محمد إنفي
بعد التحية، أتوجه بطلبي هذا، أنا المواطن المغربي محمد إنفي، إلى أولي الأمر من أجل فتح تحقيق حول شريط فيديو صادم، يروج حاليا في مواقع التواصل الاجتماعي. وأتقدم بهذا الطلب من باب الغيرة على هذا البلد العزيز ومواطنيه ضحايا الجشع والفساد.
موضوع الفيديو المذكور، كما أورده صاحب الشريط، يتطرق إلى حديث بين إطار مغربي وصحافي فرنسي يعمل بموقع إليكتروني معروف. وقد دار هذا الحديث في نادي خاص (club privé)، صادف أن كان به صاحب الفيديو موضوع هذه الرسالة، الذي تمكن من تدوين أهم ما دار في حديثهما لوجوده بمائدة قريبة من تلك التي دار فيها الحديث. وهكذا، أعطى للفيديو الذي نحن بصدده هذا العنوان: “ما سمعته في باريس حول الماء بالمغرب أصابني بالألم. قضايا فساد وأسئلة مشروعة”.
حقيقة، محتوى هذا الفيديو خطير جدا وصادم بكل معنى الكلمة. وتتمثل هذه الخطورة في مستوى الفساد المالي والأخلاقي والتدبيري… الذي ينخر جسم بعض المؤسسات العمومية التي لها علاقة مباشرة بصحة المواطن وبالمصلحة العامة.
ففيما يتصل بصحة المواطن، تحدث الفيديو عن مادة الكربون المُنشَّط (le charbon actif) التي كانت تستعمل في معالجة المياه الصالحة للشرب في عهد المدير الأسبق للمكتب الوطني للماء الصالح للشرب، السيد الحسين التجاني؛ وقد تميز هذا العهد بجودة المياه لكون الكربون المنشَّط يحمي من الجراثيم ومن المعادن الثقيلة. لكن، لما عُين مدير جديد على هذا المكتب سنة 2001، اختفت هذه المادة، أو على الأقل نقصت كميتها بشكل كبير، وعُوِّضت بمادة “الكلور”؛ الشيء الذي أثر بشكل كبير على جودة المياه وجودة الحياة وجودة الصحة. فمادة الكلور لا تنقي المياه من المعادن الثقيلة؛ مما يتسبب في الكثير من الأمراض الخطيرة (القصور الكلوي، مرض الغدة الدرقية، سرطانات الجهاز الهضمي…).
ويبدو أن الأمر قد استفحل حاليا، ووصل إلى درجة لا تطاق، حيث أصبح الماء الشروب ذا نكهة (رائحة) مقزِّزة، تجعلك لا تتحمل مذاقه وتنفر منه من الشربة الأولى. وعلى سبيل المثال لا الحصر، في الدار البيضاء، يكفي أن تفتح الحنفية (صنبور الماء) لتواجهك رائحة غير مألوفة في المياه الجارية عامة، وفي مياه الشرب، بالخصوص، فتضطر إلى الاستغناء عن الحنفية وتلجأ إلى شراء الماء المعدني لتروي عطشك. وقبل أن أُجرِّب هذا الأمر بنفسي، كنت قد علمت من بعض الأقارب، هناك، بأن ماء الدار البيضاء أصبح غير قابل للشرب بسبب مذاقه العفن (انتفى، هنا، التعريف العلمي للماء: مادة شفافة عديمة اللون والطعم والرائحة). وبحسب الفيديو، واعتمادا على أراء المتخصصين، فإن تلك الرائحة تدل على وجود الجراثيم في الماء الذي يستهلكه المواطن.
خلاصة القول، فيما يخض هذه النقطة، فإن صحة المواطنين في خطر، والجهات المسؤولة، وفي المقدمة وزارة الصحة، لا تحرك ساكنا لحمايتهم من هذا الخطر؛ مما يطرح أكثر من تساؤل.
ويربط الفيديو المذكور هذا الوضع الكارثي بالفساد واستغلال النفوذ، ويقدم أمثلة على ذلك بالواضح (ذكر أسماء لمسؤولين سابقين) وبالمرموز (إعطاء بعض الإشارات)، ويُحمِّل المسؤولية للمؤسسات الرقابية بمختلف أنواعها ودرجاتها. وتُظهر الأمثلة التي قدمها الفيديو درجة استشراء الفساد في بعض القطاعات، ولا أحد يتحرك لوضع حد لهذه الظاهرة المشينة التي تضر بالدولة والمجتمع، وتسيئ لصورة بلادنا، مؤسساتيا وسياسيا واستثماريا وسياحيا واجتماعيا…
لهذا السبب، ألتمس فتح تحقيق في محتوى الفيديو المذكور من أجل تحديد المسؤوليات، الجنائي منها والجني، لأن الأمر يتعلق، من جهة، بصحة شعب بكامله؛ ومن جهة أخرى، بالفساد المالي (تبديد المال العام وسرقته باستعمال التحايل على القانون)؛ ناهيك عن احتمال وجود شبهة استغلال النفوذ وشبهة الرشوة.
ملحوظة: في الوقت الذي تبذل فيه الدولة المغربية في شخص رئيسها، جلالة الملك محمد السادس، قصارى جهدها لتدارك الخصاص الكبير في التغطية الصحية والتغطية الاجتماعية، نكتشف أن هناك من عمل ويعمل على تردي الأوضاع الصحية والأوضاع الاجتماعية، ضدا على المصلحة العامة والمصلحة العليا للوطن.
محمد إنفي، مكناس في 8 مارس 2022.