بعد قرار الفيفا الجديد، الإعلام الكاميروني يسخر من الجزائريين وينصحهم بتَتبُّع المونديال عبر التلفزيون
عبدالقادر كتــرة
لم تتوقف التعليقات الساخرة والمضحكة على “المعلقين” و”المحللين الرياضيين” الجزائريين وكذا الجماهير الجزائرية الرياضية التي علقت أوهامها واحلامها على الذهاب إلى مونديال قطر سواء بإعادة مباراة كرة القدم الأخيرة التي انهزم فيها المنتخب الوطني الجزائري في عقر داره على ملعب مصطفى تشاكير بالجزائر بهدفين لهذه واحد وبالتالي إقصاؤه، بل كانت تتمنى هذه الجماهير إقصاء المنتخب الكاميروني وتأهيل “ثعالب الصحراء” مباشرة، بعد معاقبة الحكم الغامبي “باكري غاساما” الذي تمّ تحميله جميع أوزار الهزيمة والإقصاء إلى حد المطالبة برأسه، ورؤوس الاتحاد الكاميروني لكرة القدم والاتحاد المغربي لكرة القدم والاتحاد الإفريقي لكرة القدم “كاف” والاتحاد الدولي لكرة القدم “فيفا” والاتحاد الجزائري لكرة القدم “فاف” وحكام “الفارVAR” والكوميدي المغربي الفرنسي “جمال دبوز” ومواطنه الكوميدي المغربي اليهودي “جاد المالح” إضافة إلى المناخ والعشب و…و…
وأثار قرار الاتحادية الدولي لكرة القدم بتزكية تحكيم حكم المباراة الغامبي “كاساما” والمصادقة على جميع مجريات اللقاء وبالتالي تجاهل طلب/تظلم الاتحاد الجزائري لكرة القدم إعادة المواجهة بين الجزائر والكاميرون، (أثار) ضجة واسعة لدى الإعلام الكاميروني تراوحت بين السخرية والتهكم، ووصلت حدّ التشفي.
ونشرت صحيفة “CFOOT” الكاميرونية، تعليقا ساخرا على صفحتها في منصة فيسبوك، واصفة جماهير المنتخب الوطني “بالبكائين”، داعية بسخرية وتهكم الجزائريين تشجيع المنتخب الكاميروني في نهائيات كأس العالم 2022.
من جهته، أكد موقع “أكتو فوت” أن إعادة المباراة كان وهما منذ البداية، ووصف قرار هيئة كرة القدم بأنه طرد للجزائر، قائلا :”من الواضح أن هيئة إدارة كرة القدم طردت الجزائر. ونتيجة لذلك، لن تعاد مباراة الجزائر والكاميرون”، مضيفا بتشفي: “على الجزائر أن يقلبوا الصفحة للتركيز على تصفيات كأس الأمم الأفريقية 2023 في كوت ديفوار”.
في حين نعت موقع “كام فوت” طلب الجزائريين بإعادة المواجهة بالضوضاء، مشيرا إلى أنه غير نزيه منذ البداية ، قائلا: “هكذا يفهم “كام فوت” أنه على الرغم من الضوضاء والتظاهرات المبكرة ، يرى الفيفا أن طلب الجزائر غير نزيه”.
ورغم كلّ هذه الحرب الخاسرة والأحلام الواهية والأوهام الخيالية التي تبددت بقرار “فيفا”، رفض النظام العسكري الجزائري المسؤول عن تهييج الجماهير الرياضية وتخديرهم والكذب عليهم بتغذية أحلامهم وأوهامهم، ولا زال يردد بكل سخافة وغباء وانحطاط أن الأمل لا زال قائما للذهاب إلى المونديال ودفع الاتحاد الجزائري إلى اللجوء إلى المحكمة الرياضية الدولية “التاس” رغم أن الشكاية ليست قانونية ولن تقبل بحكم أنه لم تكن هناك دعوى لدى “فيفا”.
ولم تجد مزابل الإعلام الرسمي للنظام العسكري الجزائري وقنوات صرفه الصحي إلى الحديث عن قرار لجنة الاستئناف التابعة للاتحاد الدولي لِكرة القدم الصادر يوم ، الإثنين 9 ماي 2022، بإعادة تنظيم مباراة منتخب البرازيل وضيفه الأرجنتيني، التي تندرج ضمن إطار تصفيات كأس العالم 2022، وإقرانها ومقارنتها بمباراة المنتخب الجزائري والمنتخب الكاميروني.
وكانت البرازيل قد استضافت الأرجنتين في الـ 5 من سبتمبر الماضي، بِرسم الجولة الـ 6 من تصفيات المونديال، عن منطقة أمريكا الجنوبية. لكن بعد 5 دقائق من انطلاقها، اقتحم مُمثّلون عن السلطات الصحية البرازيلية أرضية الميدان، وطلبوا من حكم الساحة الفنزويلي إخراج لاعبَين أرجنتينيَين، بِحجّة إصابتهما بِفيروس “كورونا”. فرفض مسؤولو المنتخب الزّائر هذا القرار، وتوقّفت المباراة، قبل أن يلجأ الحكم إلى إيقافها.
وقالت “الفيفا” في بيان لها إن مباراة البرازيل والأرجنتين سيُعاد تنظيمها، دون أن تُحدّد تاريخ إقامتها مع العلم أن مباراة البرازيل والأرجنتين ستكتسي طابعا “شكليا”، كما سلّطت غرامة مالية قيمتها 300 ألف فرانك سويسري على اتحاد الكرة البرازيلي، و100 ألف على اتحاد اللّعبة الأرجنتيني (العملة نفسها – تقريبا – بِالأورو) .
وانتهت التصفيات في الـ 29 من مارس الماضي، بِتأهّل البرازيل والأرجنتين، بعد تصدّر “الأوريفيردي” جدول الترتيب، وتموقع “الألبيسيليستي” ثانيا، فضلا عن منتخبَي الأوروغواي والإكواتور، بينما تلعب البيرو الخامسة في لائحة الترتيب، مباراة السدّ مع مُمثّل منطقة آسيا، في جوان المقبل.
ومقابل هذا، هاجمت المزابل الإعلامية الجزائرية الاتحاد الدولي الجزائري، متهمة “الفيفا” “بأنها تُبرّر الأمر بِاحترام المنافسة التي تُشرف عليها، مع الإشارة إلى أن لجنة الاستئناف تضمّ مسؤولا أرجنتينيا بِرتبة “عضو””.
وزادت: “هكذا هي “الفيفا” وفية لِتقاليدها، لا تُصدر سوى القرارات التي تُطبخ في “الدهاليز”. حتى أن القاعة التي تضمّ مجلس الاتحاد الدولي لكرة القدم (اللجنة التنفيذية وفقا للتسمية السابقة) بِمدينة زوريخ السويسرية، خُصّص لها حيّز مكاني تحت الأرض يحبس الأنفاس، ويُشبه مقرّات التعذيب، بِشهادة إطار سابق في “الفيفا”، كان يعمل في هذه الهيئة زمن الرئيس جوزيف بلاتر”.
كتب صحافي جزائري تقريرا تحت عنوان “الجزائر ومسلسل “الماتش يتعاود!””، الأحد 8 ماي 2022، نشر الموقع الإخباري “كل شيء عن الجزائر”، جريئا وصريحا لاذعا يهاجم فيه من اعتبرهم مسؤولين عن الخيبة التي مُنيت بها الجزائر في “ملحمة” الكاميرون والحكم الغامبي باكاري غساما.
وجاء فيه ” “بالخيبة أقصد الفشل في إقناع الفيفا والمتابعين الأجانب بصوابية الطعن الجزائري والمطالبة بإعادة مباراة التأهل لمونديال قطر. وأقصد تحوّل الموضوع إلى مسلسل يتندر به العقلاء من الجزائريين وغيرهم.
محتوى تقرير الموقع أن الهستيريا التي عاشتها الجزائر منذ المباراة يوم 29 آذار (مارس) الماضي إلى اليوم أساءت لها ولم تنفعها، وكذلك فعل مَن سماهم الانتهازيين الذين قادوا حملات التأثير في الرأي العام وإلهائه بموضوع “كانوا يدركون منذ البداية أنه حُسم”.
من عجائب الموقف أن “كل شيء عن الجزائر” ذاته، الذي اكتسب جدية وثقة بين جمهوره، خاض مع الخائضين منذ ليلة إقصاء الفريق الجزائري وكان أحد الذين خصصوا متابعة يومية لـ«الملحمة» مراعيا المزاج الشعبي وأهواء محركي وهم “الماتش يتعاود”.
هل يجوز اعتبار هذا التحول بداية توبة من هذا المسلسل غير المشرّف؟
لست متفائلا، لكن بعد هذا الانهيار غير المسبوق الذي وصلنا إليه، أتمنى ذلك صادقا.
المُحزن في الأمر أن البلاد احتاجت إلى قرابة شهر ونصف الشهر، وإلى تهريج كبير أخشى أنه مسَّ بسمعتها ومكانتها، حتى نقرأ مثل تقرير “كل شيء عن الجزائر” وتصل البلاد إلى ما كان واضحا منذ اليوم الأول لا يحتاج إلى أيّ جهد أو عبقرية: الإقصاء من المونديال لا رجعة فيه، وادعاء عكس ذلك مجرد ضحك على ذقون الناس.
لو امتلكت الصحافة الجزائرية جرأة قول الحقيقة وحكمة التحرر من الغوغائية، ولو تركت لصوت العقل والعقلاء مساحة ولو صغيرة، لكُنّا اليوم بالتأكيد في وضع أفضل وسخرية الآخرين منا أقل. كان حالنا سيكون أفضل اليوم لو أن وُجدت في البلاد نُخب على قدر من المسؤولية والعقل يمكّنها من تخفيف الأضرار.
لو امتلكت الصحافة الجزائرية جرأة قول الحقيقة وحكمة التحرر من الغوغائية، ولو تركت لصوت العقل والعقلاء مساحة ولو صغيرة، لكُنّا اليوم بالتأكيد في وضع أفضل وسخرية الآخرين منا أقل
يوم الثلاثاء 5 نيسان (إبريل) الماضي كتبت عن الموضوع في هذه المساحة. نبّهت إلى خطورة التوظيف السياسي للكرة، وإلى خطورة عواقب تحريض الناس على رفض الهزيمة لأغراض بعيدة عن الرياضة تُنمّي فيهم العداوات وكراهية الآخر لأنه انتصر عليهم.
لسوء الحظ، كانت الهستيريا توحي بالاتجاه نحو نوع من الهدوء عندما خرج بلماضي، بعد أربعة أسابيع من الصمت، ليخوض في نقاش يدرك قبل غيره ألَّا عقل فيه وبالكاد بدأ يهدأ.
بكلامه في قناة اتحاد الكرة الجزائري، أعاد بلماضي النفخ في نار الفتنة، وأحيا وهمًا بدأت تلوح فيه بعض إشارات النهاية.
أما الأخطر من كل هذا، أن بلماضي أصاب بالضربة القاضية رصيده الشخصي والمهني. أساء لسجله كمدرب منضبط ومسؤول وصارم عندما اختار الخوض في موضوع الحكم الغامبي بعد مرور كل ذلك الوقت، وبطريقة «شفته (الحكم) في صالة كبار الزوار بالمطار مسترخيا يشرب اسبريسو ويأكل ميلفوي، فقلت له وقال لي” و”أنا لا أدعو إلى قتله، لكن لن نقبل بأن تمر الإساءة لنا مرور الكرام”…
المشكلة في ظاهرها كرة ومونديال، لكنها في الحقيقة أعمق وأخطر. اليوم انتقلت الجزائر إلى مرحلة خسائر ما بعد خسارة التأهل للمونديال.. السمعة والمكانة ومراكمة العنصرية والأحقاد تجاه الكاميرون وإفريقيا وغامبيا والحكم غساما (أصبح واحدا من العائلة!) وثقة الأوساط الرياضية والكروية القارية والعالمية. على مَن اقتادوا الجزائر إلى هذا الشقاء الجمعي أن يتحملوا مسؤولية إنقاذها منه. أقول هذا وكلي ثقة أن السياسة غير بريئة من هذا ويدها حاضرة.”