“بلاني” المبعوث الجزائري المكلف بالسبّ والشتم والعداء للمغرب: “أوْسَعْتُهُمْ شتماً وساروا بالإبل”
عبدالقادر كتــرة
“يُروى أنَّ أعرابياً كانَ يرعى الإبلَ لقومهِ، فهاجمتْهُ عصابةٌ من قُطّاعِ الطرقِ، واستولتْ على الإبلِ من دون أنْ يفعل شيئاً، سوى صعود تلة لينهال على السارقين شتماً، حتى ساروا بعيداً بالإبل. ولما عاد إلى قومهِ، سألوهُ عن الإبلِ، فروى لهم ما حدث. وعندما استفسروا عما فعله لمنعهم من الاستيلاء عليها، أجابهم: “أوسعتهم شتماً وساروا بالإبل”، فصارت مقولته مثلاً يُقال لكلّ من تقصر يده بالفعل ويطول لسانه بالقول، فينطلق بالشتم والسب والطعن والقدح واللعن… ولكلّ من يظنّ أنّه فعل بلسانه ما لم يستطع فعله بيده، ولكل من يُوهم نفسه أنّه فعل الشيء لمجرد أنّه قاله، ولكلِ من يكتفى بما يقوله ليكون بديلاً ممّا يُفترض أن يفعله، ولكل من لا يملك غير شتم الناس أحياء وأمواتاً، ذكوراً وإناثاً، بحق أو بغير حقّ، فالأمر سيان”.
إن حالة الثرثرة اللسانية والضجيج الصوتي، ولا سيما الفارغ والقبيح منه، شتماً ولعناً، تُصيب الأمم والشعوب في مراحل هزيمتها وانكسارها وأزمنة تراجعها وانحدارها.
ما وقع للأعرابي ينطبق تماما على المسمى عمار بلاني حداء جنرالات النظام العسكري الجزائري بثكنة بن عكنون وأحد كهنة كهنة معبد قصر المرادية بالجزائر، المستشار المكلف بالسبّ والشتم والعداء للمغرب، كلما تلقى النظام المارق ضربة موجعة وصفعة على الخدّ ونكسة دبلوماسية في محافل دولية أو كلما سجّلت المملكة المغربية الشريفة نجاحا أدمى قلبه وآلم صدره، فيقفز وينطّ وينعق مثل ضفدع وينهل من قاموسه البذيء ويفوح كأسه المرحاضي من الأوساخ التي تملؤه، لإرضاء “شنقريحة” حاكم الجزائر وتلميع أحديته…
أصاب هذا البيدق الجزائري مغص معدي وإسهال كلامي بعد إدراكه أن نعش مرتزقة “البوليساريو” صنيعة جنرالات ثكنة بن عكنون أغلق نهائيا وأملت مهمة إقباره للنظام العسكري الجزائري بتندوف، وقرار الطرد من الاتحاد الأفريقي قد اتخذ وهو في طريق التطبيق، وما صرف من ملايير الدولارات على تربيتها وتغذيتها وتسمينها وتمويلها وتسليحها مقابل تفقير وتجويع الشعب الجزائري والتي تجاوز مبلغها ال500 مليار دولار، وانفجر هذا الحداء العسكري الوسخ سبًّا وشتماً تجاه المغرب والبلدان الأفريقية التي دعمت مقترح المملكة المغربية الشريفة وفتحت قنصليات بالمدن الصحراوية المغربية.
وصرّح في حوار مع جريدة الشروق العسكرية حول ترحيب وزير خارجية المغرب بانتظام بافتتاح قنصليات في بمدن أقاليمنا الجنوبية من خلال الإشارة إلى أن العدد سيمهد في النهاية الطريق لاستبعاد الجمهورية التندوفية الوهمية من منظمة الاتحاد الأفريقي، قائلا :”لقد وصفنا بالفعل هذه القنصليات بأنها “قنصليات وهمية” لأنها تم تمويلها من قبل السلطات المغربية من ميزانية وزارة الشؤون الخارجية كجزء من استدراج غير لائق صدم بعض البلدان الأفريقية”، والحقيقة أن الواقع والوهم لا يجتمعان ولا يرتفعان معا إلا في جمجمة حمار بلاني، لأن الواهم والحالم هو هذا البيدق العسكري الجزائري إذ “جمهورية تندوف هي الوهمية وواقع افتتاح القنصليات هو الحقيقة.
وزاد قائلا بعبارات أقل ما يقال عنها إنها وقحة وتعبِّر عن الاحتقار والتعالي، تجاه البلدان الأفريقية: ” فإن بعض الدول المعنية بفتح “مراكز قنصلية”، هذه غير قادرة حتى على دفع مساهماتها الإجبارية للمنظمات الدولية أو الإقليمية التي هي أعضاء فيها، وهذا يعني أن الخداع الذي لجأ إليه وزير الخارجية المغربي سينتهي به الأمر وكأنه بالون مبتذل.”
في الواقع، فإن جدار “القنصليات”، والتي يفخر بها الوزير المغربي تحولت إلى جدار، لدى النظام العسكري الجزائري وأزلامه، إلى حائط من البكاء والنواح والعويل والندب، ولن يكون إلا ما قرر المغرب بمقترحه المتمثل في الحكم الذاتي، ضدا على وهم وحلم وشطحات وهرطقات نظام الجنرالات المنبوذ الذي لم يعد له أي قيمة في أفريقيا أو الجامعة العربية أو منظمة الدول الاسلامية أو الأمم المتحدة ولا الاتحاد الأوروبي رغم الإغراءات الغازية والبترولية المجانية والتي ذهب سُدى…
وعلى هذا المكلف بالسب والشتم والعداء للمغرب أن يتذكر النكسة التي تلقتها ديبلوماسية النظام العسكري الجزائري ضربة موجعة في المحفل الأفريقي بلوساكا بعد أن فشلت في إقناع الدول الأفريقية باحتضان مقر الوكالة الإفريقية للأدوية حيث تحصلت على 8 في المئة من الأصوات مُقابل 82 في المائة لرواندا أثناء التصويت وهو “إذلال” لدبلوماسية نظامها، وهي شهادة صريحة تجسد الحجم الحقيقي لدولة الأقزام الجزائرية.
ولا شكّ أن النظام العسكري الجزائري وأزلامه بمن فيهم الرئيس تبون ووزيره في الشباب والرياضة ورئيس اتحاديته، أحسوا بالصفعة التي أدمَتْ أحناكهم والتي وجّهها إليهم الجنوب إفريقي باتريس موتسيبي، رئيس الكونفدرالية الإفريقية لكرة القدم “كاف”، حين قال في تصريح صحافي: “بصفتي رئيس للكاف، أسعى إلى العمل مع الاتحادات الممثلة لـ 54 دولة إفريقية”، وهو ما يخالف أطروحة الدولة كما سبق أن صادقت الجمعية العمومية الـ 43 للكونفدرالية الإفريقية لكرة القدم “كاف”، المنعقدة في 12 مارس من السنة الماضية (2021)، بأحد فنادق العاصمة المغربية الرباط، بالإجماع، على إلزامية الدول الراغبة في العضوية ضمن الجهاز القاري بالانخراط ضمن منظمة الأمم المتحدة
وسبق أن صوتت الجمعية العمومية لـ”الكاف”، بنسبة 100 بالمئة من الحاضرين (بمن فيهم الاتحادية الجزائرية والتي دفع ثمنها رئيسها السابق زطشي بإعفائه من الطرف جنرالات العسكر)، على تعديل القانون المتعلق بعضوية الجهاز الكروي القاري، ضمن التعديلات المقترحة في النظام الأساسي، والتي همت أيضا الرفع من عدد نواب الرئيس داخل المكتب التنفيذي من ثلاث إلى خمس أعضاء.
وأعطت الحكومة النيجيرية شركة البترول الوطنية النيجيرية “إن إن بي سي” التي تديرها الدولة، الضوء الأخضر لتنفيذ صفقة مد خط أنابيب الغاز إلى أوروبا عبر المغرب، حيث صرح وزير البترول النيجيري، تيميبرى سيلفا، للصحفيين في أبوجا ، بأن الحكومة وافقت على مذكرة تفاهم بشأن مشروع الغاز مع الكتلة الإقليمية لغرب أفريقيا (إيكواس) بعد اجتماع لمجلس الوزراء.
وتعد نيجيريا من أكبر منتجي للنفط ومورد رئيسي للغاز والغاز الطبيعي المسال في أفريقيا وسينقل خط الغاز من نيجيريا ويمر عبر 15 دولة في غرب إفريقيا وإلى المغرب ومنه إلى إسبانيا وأوروبا (أي نعم، سينقل الغاز عبر 15 دولة إفريقية والتي ستستفيد من مداخيله ويساهم في تطويرها وتقدمها ويعتبر بحقّ مشروع الوحدة الأفريقية ونؤكد على عدد الدول الأفريقية 15)، وهو ما فجر حقد جنرالات النظام العسكري الجزائري فأخرج أبشع ما في جوفه من طاقة الغضب الوحشية، ومخزون العقد المكبوتة، وثقل الضغط المُتراكم، وشدة الإحباط المُتكدس عبر النهيق والنباح…
ولا مجال للحديث هنا عن اعتراف الولايات المتحدة الأمريكية بمغربية الصحراء أو دعم الدول الأوروبية الكبرى للمقترح المغربي وعلى رأسها فرنسا وألمانيا وإسبانيا، و تأكيد الدول العربية بالإجماع على مغربية الصحراء وفي جميع المحافل الدولية وأغلب دول أمريكا اللاتينية بل جلُّ دول العالم، وقرارات مجلس الأمن وتوصيات الأمم المتحدة سارت في نفس الاتجاه، ولا يسعنا هنا إلا ان نذكر أن إقبار الجماعة الإرهابية للبوليساريو قد تمّت بنجاح والقادم من الأيام أفظع لنظام الكابرانات إذ سيكون توصيفه بالحاضن للإرهاب وداعمه ومُموله، وبهذا ستكون نهايته وتخليص الشعب الجزائري منه ويسمح له بتقرير مصيره، وهو الوضع الذي أصاب النظام العسكري وأزلامه بالسعار والهذيان والنهيق والنعيق …
تحدّث المفكر السعودي عبد الله القصيمي عن ظاهرة الشتم في كتابه “العرب ظاهرة صوتية”، تحت عنوان “اللغة بلا موهبة.. أقبح أنواع الاستفراغ”، فقال: “أردأ صيغة لأردأ كائن هو الجهاز الذي لا يوجد جهاز آخر يساويه أو يشبهه في استفراغه لكل أنواع الفُحش والقدح والسباب والغباء والنذالات والأكاذيب والفضائح بكل أحجامها وألوانها وأصواتها… وهل يمكن أن تكون هذه الصيغة إلا في ذات اللسان العربي؟ إنَّ مثل هذا اللسان لن يكون حينئذٍ إلا تفجّراً مستمراً بكل القبح والفضح والبلادة والنذالة والفحش، وبكلّ أنواع وأساليب السوء بلا أي قيد أو ضبط”.
وقال عن صفة الصراخ الصوتي لدى العرب في مرحلة الهزيمة: “إنَّ العربي ليرفض الصعود إلى الشمس ممتلكاً لها إنْ كان ذلك بصمت، ليختار التحدث بصراخ ومُباهاة عن صعوده إلى القمر وامتلاكه له بلا صعود ولا امتلاك”.
وأشار إلى أن حالة الثرثرة اللسانية والضجيج الصوتي، ولا سيما الفارغ والقبيح منه، شتماً ولعناً، تُصيب الأمم والشعوب في مراحل هزيمتها وانكسارها وأزمنة تراجعها وانحدارها، عندما يضربها العجز والكسل، ويقعدها الوهن والفشل، وعندما تستبدل العمل بالقول، والتجديد بالتقليد، والإبداع بالاتباع، والرحمة بالقسوة… فتلجأ إلى التعويض النفسي عبر عالم الكلام تعويضاً لا شعورياً لما عجزت عنه في عالم الأفعال، بطريقة الهروب إلى الأمام، والعيش انتظاراً لمستقبلٍ غير مؤكد، أو الهروب إلى الخلف، والعيش عالةً على أمجاد ماضٍ تليد، أو الهروب داخل أعماق النفس لاستخراج ما دُفن في زمن الهزيمة والعجز، وما تراكم من عصور الاستبداد والفساد من غضبٍ وكبتٍ وضغطٍ وإحباطٍ، فتساعدها اللغة المنطوقة والمكتوبة على التفريغ الانفعالي، لإخراج أبشع ما في جوفها من طاقة الغضب الوحشية، ومخزون العقد المكبوتة، وثقل الضغط المُتراكم، وشدة الإحباط المُتكدس… فيعطيها التفريغ الانفعالي شعوراً وهمياً بالراحة، وإحساساً مُفتعلاً بالطمأنينة، فتخلد إلى الدعة والسكينة، حتى يستبدلها اللهُ بغيرها ممن ليسوا مثلها