الجزائر تُخلِّد الذكرى 40 لتوقيع “مذكرة تفاهم” حول أنبوب الغاز مع نيجريا بتوقيع “مذكرة تفاهم” ضد “عدم التفاهم” مع المغرب
عبدالقادر كتــرة
غريب هو سلوك جنرالات النظام العسكري الجزائري بثكنة بن عكنون وأزلامهم كهنة معبد قصر المرادية الذي يرددون مثل الببغاوات ما يملى عليهم من أوامر وتصريحات وأقوال غبية وبلدية لا يمكن تصنيفها إلا في خانة الصبيانيات إن لم تكن هرطقات وشطحات حمقى ومهابيل.
في خطوة لنظام الكبرانات أقل ما يقال عنها أنها مضحكة وفكاهية ومسخرة، تلك التي هلّلت وطبّلت لها مزبلة الأنباء الرسمية وقنوات صرفه الصحي وجرائده الورقية التي لا تصلح إلا للاستعمال المراحيضي، ” مذكرة تفاهم بين الجزائر، النيجر ونيجيريا”، يوم 28 يوليوز 2022، للشروع في تجسيد مشروع أنبوب الغاز العابر للصحراء، وقعها عن الجانب الجزائري وزير الطاقة والمناجم “محمد عرقاب” وعن نيجيريا وزير الدولة للموارد البترولية “تيميبري سيلفا”، وعن الجانب النيجيري وزير البترول والطاقة والطاقات المتجددة “ماهامان ساني محمدو” بحضور الرئيس المدير العام لمجمع سوناطراك توفيق حكار.
وعقب التوقيع قال عرقاب “إن مذكرة التفاهم تعبر عن إرادة الأطراف الثلاثة في تجسيد هذا المشروع الطموح والكبير”. وأضاف “هذه المذكرة تعد إشارة قوية للعالم حول الانطلاق في تجسيد هذا المشروع”.، مؤكدا أن “الدول الثلاث ستواصل المحادثات لتنفيذ المشروع في أقرب وقت ممكن”.
وكانت الدول الثلاث قد اتفقت في يونيو الماضي على إحياء المحادثات بشأن المشروع فيما بينها، وهو ما يمثل فرصة محتملة لأوروبا لتنويع مصادرها من الغاز، وتقدر كلفة المشروع 13 مليار دولار، وقد ينقل ما يصل إلى 30 مليار متر مكعب من الغاز سنويا لأوروبا.
وكانت فكرة المشروع قد عرضت للمرة الأولى قبل أكثر من 40 عاما، وجرى توقيع اتفاق بين الدول الثلاث في 2009، لكن المشروع لم يشهد من وقتها تقدما يذكر. وقد صدّرت الجزائر 54 مليار متر مكعب من الغاز في 2021 أغلبها لإيطاليا وإسبانيا.
معنى هذا ان الجزائر احتفل بالذكرى ال40 لتوقيع “مذكرة تفاهم” سنة 1982 حول فكرة المشروع، بتوقيع “مذكرة تفاهم” يوم 28 يوليوز 2022، بعد توقيع شركة البترول الوطنية الجزائرية والشركة الوطنية الجزائرية للنفط والغاز (سوناطراك) ل”مذكرة تفاهم”، في 14 يناير 2002 ، قبل نفض الغبار عليها تمّ توقيع “مذكرة تفاهم” سنة 2009، لإنعاش فكرة المشروع.
وفي 2018 اتفقت الجزائر ونيجيريا على ضرورة أن يدخل خط أنبوب الغاز لاغوس (نيجيريا) – الجزائر، والذي تم الاتفاق على إنشائه منذ الثمانينات، حيز التنفيذ. ويوم 21 نونبر 2021، قال سفير نيجيريا بالجزائر، محمد مبدول، إن مشروع أنبوب الغاز الجزائري-النيجيري، يسير بسرعة كبيرة خلال الآونة الأخيرة، وأن البلدين نجحا في مد الأنابيب إلى حدود النيجر، وأن الجزائر ستساعد بلاده على تسويق غازها في السوق الأوروبية. وفي 6 دجنبر 2021، جدد الأمين العام لوزارة الطاقة والمناجم، عبد الكريم عويسي، رغبة الجزائر في تسريع تنفيذ مشروع أنبوب الغاز الجزائري-النيجيري.
كما تمّ التذكير ب”مذكرة تفاهم” يومي 20 و21 يونيو 2021، خلال الاجتماع الثلاثي الثاني بين الجزائر والنيجر ونيجيريا، حول مشروع خط أنابيب الغاز العابر للصحراء، ثمّ تم توقيع “مذكرة تفاهم” في اجتماع نيامي في 16 فبراير 2022، للإطلالة على فكرة المشروع، في أفق توقيع “مذكرة تفاهم” السنة المقبلة لسقي نبتة فكرة المشروع، وذلك نكاية في مشروع المغرب المتمثل في الأنبوب نجيريا المغرب نحو أوروبا والذي سيمر عبر 13 دولة إفريقية والذي انتهت دراسات إخراجه إلى الواقع وتأمين تمويل المشروع وانخراط عدد من الشركات العالمية الكبرة والدول الأوروبية و الغنية المصنعة.
ما لا يتمّ استيعابه في هذا الموضوع، أن النظام العسكري الجزائري لا يهمه المشروع الضخم ولا تجسيده ولا تحقيقه، بقدر ما يهمه معاكسة مشروع المملكة المغربية الشريفة التي تشتغل وتعمل ولا تلتفت إلى هرطقات وشطحات الجزائر، الذي صرح أحد مسؤوليها الموجوع من مشاريع المغرب، يوم 3 يوليوز 2022، الرئيس المدير العام لمجمع سوناطراك توفيق حكار، إنه لا يمكن مقارنة مشروع أنبوب الغاز العابر للصحراء بين نيجيريا والجزائر، مع ذلك الذي يربط المغرب، من حيث التكلفة والتي تنعكس آليا على سعر الغاز، مما يمنح الأفضلية للأول.
وأكد حكار في ندوة صحفية لعرض حصيلة المجمع خلال النصف الأول من عام 2022، إنه لا يمكن مقارنة مشروع أنبوب الغاز الجزائري النيجيري الذي يمر عبر 3 دول مع آخر (في إشارة إلى أنبوب نيجيريا- المغرب) والذي يمر عبر 12 بلدا.
أنبوب الغاز الجزائري-النيجيري.. أبوجا تنهي الطموح المغربي
ثم تذكرت مزابل الإعلام الجزائري مشروع المغرب، يوم 21 شتنبر 2021، فأوردت على لسان وزير النفط النيجيري، نيمري سيلفا أن بلاده بدأت في تنفيذ مشروع بناء أنبوب الغاز الجزائري-النيجيري، واستخلصت أنه ” في خطوة من المتوقع أن تضع حدا للطموح المغربي”.
واستنتجت بذكائها أن التقارير أشارت إلى أن والأنبوب الذي سيمرّ من نيجيريا إلى الجزائر مرورا بالنيجر يستهدف نقل 30 مليار متر من الغاز النيجيري نحو أوروبا، في حين أن الأنبوب الذي يمتد بين المغرب ونيجيريا على طول 5660 كم مرورا بـ 11 دولة وبالتالي سيشكّل المشروع من الناحية التقنية الاقتصادية أكثر صعوبة من المشروع النيجيري-الجزائري”.
ثم تذكرت، في دجنبر 2020، أن المغرب مصمم مع 13 دولة إفريقيا بدعم دولي ومنظمات مالية، لتقوم بكيل اتهامات “وفي خطوة نحو إجهاض مشروع خط أنبوب الغاز العابر للصحراء بين الجزائر ونيجيريا، أجرى ملك المغرب محمد السادس، الأحد 31 دجنبر 2020، مباحثات هاتفية مع رئيس نيجيريا، محمد بوخاري.”
وذكر بلاغ للديوان الملكي نشرته وزارة الخارجية المغربية، أن الملك محمد السادس والرئيس محمد بوخاري أعربا عن عزمهما مواصلة المشاريع الاستراتيجية بين البلدين وإنجازها في أقرب الآجال، ولا سيما خط الغاز نيجيريا- المغرب وإحداث مصنع لإنتاج الأسمدة في نيجيريا.
ويأتي تحرك المغرب بعد التقارب الأخير بين الجزائر ونيجيريا، والاتفاق على تنفيذ مشاريع مشتركة بمناسبة زيارة وزير الخارجية صبري بوقادوم إلى أبوجا.
ثم عادت مزابل الإعلام الجزائرية إلى التذكير بالمشروع المغربي مدعية أن هناك جدل خلال السنوات الماضية بشأن أنبوب الغاز العابر للصحراء، بعد أن أطلقت المغرب ونيجيريا مشروع إنجاز الخط الإقليمي لأنابيب الغاز، في ديسمبر 2016.
ووفق ما أعلنته وسائل إعلام مغربية يمتد أنبوب الغاز المغربي على طول يناهز 5660 كم، ومن المنتظر أن يتم تشييده على عدة مراحل ليستجيب للحاجة المتزايدة للبلدان التي سيعبر منها وأوروبا، خلال الـ 25 سنة القادمة.
وسيمر الأنبوب بكل من بينين وتوغو وغانا وكوت ديفوار وليبيريا وسيراليون وغينيا وغينيا بيساو، وغامبيا والسينغال وموريتانيا، وتفوق تكلفة المشروع 25 مليار دولار، ويتوقع أن ينقل الأنبوب الجديد بين 30 و40 مليار متر مكعب سنويا.
وترأس العاهل المغربي الملك محمد السادس، والرئيس النيجيري محمد بخاري، في 15 يوليوز 2018 بالرباط، مراسم التوقيع على الاتفاقية، لكن المشروع اختفى بعدها من أجندة تعاون البلدين.
وحتى تروح عن النفس وعن الجزائريين، ادعت هذه المزابل الإعلامية، أن “مراقبين قرؤوا إعادة بعث المشروع بين الجزائر ونيجيريا، في سياق عزم لاغوس مسح يدها من المشروع المغربي، الذي ذكرت دراسات عدة سابقا أنه صعب التحقيق وأكثر تكلفة وتعقيدا من الخط الأول، كونه سيمر عبر قرابة عشرة دول إلى جانب الصحراء الغربية وهي إقليم متنازع عليه وعضو بالإتحاد الإفريقي وسيورط نيجيريا في صراع هي في غنى عنه.
وحسب هؤلاء المختصين، فإن مرور أنبوب عبر أراضي متنازع عليها مثل الأراضي الصحراوية، أمر مستحيل في الواقع، فضلا عن غياب أي تجربة للمغرب في مجال الصناعة الغازية كما أن وسائل إعلام مغربية وصفت المشروع بالخديعة.”
ثم دخل، اليوم 29 يوليوز 2022، رئيس حركة مجتمع البناء الوطني، عبد القادر بن قرينة، ليبارك التوقيع على مذكرة التفاهم التي تهدف إلى تجسيد مشروع خط أنابيب الغاز العابر للصحراء الذي يربط الدول الإفريقية الثلاث الجزائر نيجيريا والنيجر بالقارة الأوروبية.
وكان لا بدّ ان يتحدث عن المغرب وفشله وإلا لن تكون لتصريخاته أي صدى لدى أسياده جنرالات ثكمة بن عكنون حيث جاء في بيان للحزب “ما يؤكد، مجددا، محورية الجزائر، المستحقة، في القارة الإفريقية وأهميتها في محيطها المباشر في الشمال وجنوب البحر المتوسط، في وقت نسجل خيبة أمل لمشروع حلم لمنافس لم يمتلك أية مقومات النجاح”.
وختاما لهذا المقال لا بدّ من تسجيل ملاحظات تخص الجار الشرقي الهوكاوي إذ أنه حطّم الرقم القياسي في توقيع “مذكرات تفاهم” والتي تعد بالمئات بعدد زيارات مسؤوليه للدول أو لاستقباله لمسؤولين من دول أخرى كيفما كانت مكانتهم ومناصبهم ومجالات اختصاصاتهم، لأن المهم هو التفاهم نكاية في الجار الغربي الذي حرّم معه التفاهم، بل تمّ إغلاق الحدود وقطع العلاقات معه ومنع طائراته من التحليق في مجاله الجو وتحريم المعاملة مع كلّ من يتعامل معه..
فكانت هناك مذكرات تفاهم مع موريتانيا وتونس وليبيا ومالي والنيجر ونيجريا وتركيا وسوريا ومصر جنوب أفريقيا وفنزويلا وكوريا الشمالية وروسيا وقطر وإيران وحزب الله اللبناني الشيعي والبوليساريو ومرتزقة فاغنر الروسية ومختلف الجماعات الإسلامية بالساحل الأفريقي…، المهم مع دول أفريقيا رغم أن النظام الجزائري أوجعه اصطفافها في لوساكا مع رواندا ب82 في المئة مقابل 8 في المائة لرمطان لعمامرة….
إلى مناسبة توقيع “مذكرة تفاهم قادمة”، وكلّ “مذكرة تفاهم” وانتم بألف خير….