تردي واجهة رواق الفنون بوجدة لا تعكس وظيفته الإبداعية والجمالية
عبدالقادر كتـرة
لم يفكر القائمون على شؤون رواق الفنون “مولاي الحسن” في إعادة واجهة الرواق إلى ما كانت عليه وذلك بنزع الأعلام الوطنية للدول العربية التي تلاشى بعضها وفقد البعض الآخر لونه بفعل العوامل الطبيعية، ولم يعد لها معنى بعد أن انقضت أزيد من السنة والنصف التي تم الاحتفال فيها ب “وجدة عاصمة الثقافة العربية لسنة 2018”.
وتحوّلت هذه الواجهة التي كان من المفروض أن تعكس صورة هذا الرواق الحامل لأسم “الفنون أو “الفن” ولا التحف التي تضمه من لوحات ومنحوتات ومعروضات فنية جميلة من إبداعات فنانين رسامين ونحاتين من مدينة زيري بن عطية ، عاصمة الجهة الشرقية، ومن المغرب ومن دول أوروبية قد تترسخ لديهم صورة مقززة وسلبية، والتي تحتضن في العديد من المناسبات معارضهم، ويزورها مئات من العشاق والشغوفين بهذه المنتوجات الإبداعية والفنية الراقية.
لقد سبق أن تعرض زجاج واجهات رواق الفنون “الأمير مولاي الحسن” بساحة زيري بن عطية بوجدة، إلى عملية تكسير من طرف أشخاص مجهولين قد يكونون شبانا أو أطفالا أو متسكعين، نتيجة التراشق بالحجارة والتدافع بقوة أثناء اللعب واستعمال أدوات في “حروبهم” بمناسبة تجمعاتهم ويحولونها في بعض الأحيان إلى ملعب لكرة القدم .
كما تتحول بعض أركان ساحة زيري المقابلة للمركز الثقافي البلدي، كلما كانت هناك مناسبة، خلال الحفلات والسهرات والمعارض إلى مطرح للأزبال ومرحاض يتبول ويتغوط فيه المارة من عديمي الضمائر، بعد تكسير واجهتيه الزجاجية وترقيعهما بالألواح الخشبية، في لوحة بشعة تسيء إلى فضاء يضم إبداعات فنية محلية ووطنية ودولية .
أركان ساحة زيري ومحيطها بما فيها رواق الفنون الذي يحتضن على مدار السنة معارض فنية والأزقة المتفرغة عن الأحياء المحيطة المطلة على الساحة، حوّلها متشردون ومتسكعون إلى مرحاض لإفراغ متاناتهم وبطونهم في غياب مراحيض عمومية، تنبعث منها روائح كريهة تزكم الأنوف وتبعد المارة وتقلق راحة زوار المعرض.
وفي مشهد يثير الاشمئزاز والتقزز، تحولت الأعمدة الكهربائية المحيطة بساحة زيري بشارع الأمير مولاي الحسن بوجدة، إلى قنابل غير موقوتة أو ألغام تصطاد ضحايا من أطفال أو مارة، بعد أن أتلفت أو سرقت بويباتها وكشفت عن أسلاكها الكهربائية الحاملة لتيار كهربائي متوسط، وتركتها في متناول أي مواطن صغير أو كبير غافل قد يلمسها.
من جهة أخرى، لا يتمالك المواطن العابر للساحة للتعبير عن غضبه وامتعاضه لما يجري للفضاء الضخم بساحة “زيري بن عطية”، التي تم تشييدها مكان إعدادية “باستور” إحدى المؤسسات التعليمية التاريخية ، كما أصيبت بعض أركانها بالتلف والإهمال في غياب الصيانة والحراسة وفي غياب الحسّ والوعي الوطنيين وفي ظل انعدام حراسة وتجاهل مجلس الجماعة الحضرية للمدينة الألفية.
سُرقت المضختان الاثنتان اللتان كانتا تضخان الماء في النافورة (كلفتا 12 مليون سنتيم) وكانتا تلطفان الأجواء، كما أتلفت الكرات الحديدية المؤثثة لأرضية الساحة واقتلعت المجسمات الفنية ولم يفكر المجلس الجماعة الحضرية والمسؤولون على الشأن المحلي من سلطات محلية ومديرية ثقافية، إلى إعادتها إلى مكانها، لكن هذا الأخير غائب ولم يبد أي اهتمام لذلك.
ساحة “زيري بن عطية” التي شيدت بغلاف مالي بلغ 19 مليون درهم، في 4 ماي 2010، تتعرض لعملية اغتيال بشعة أمام مرأى مجلس الجماعة الحضرية لمدينة وجدة الذي أوكل إليه أمر حمايتها وصيانتها بل ساهم في تدميرها بالترخيص لتنظيم وإقامة سهرات فنية ومعارض تجلب الآلاف من المواطنين لكن دون التفكير في وضع استراتيجية لحمايتها.
وتضمنت عمليات التهيئة، التي امتدت على مساحة 8000 متر مربع، توسعة رواق الفنون وفتحه على الساحة الجديدة وتشييد مسرح للهواء الطلق وبناء المدرجات وبناء سبعة أقواس ومجسمات فنية وإحداث نافورتين وتبليط أرضية الساحة بالرخام إلى جانب أشغال الكهربة والتشجير، قد تبقى مجرد ذكريات أو صور تاريخية بعد ضياعها كما وقع للعديد من المآثر.
ساحات عديدة وعدد من المواقع الأثرية بالمدينة الألفية في حاجة إلى التفاتة للاهتمام بها وصيانة مرافقها وإعادة ترميم ما تلاشى منها واسترجاع ما ضاع أو سرق منها بل من أوجب واجب المسؤولين الساهرين على شؤونها تعيين حراس للحفاظ عليها…