مطالبة الزوج او الزوجة التطليق للشقاق : اشكالية مبلغ المتعة ! مقتضيات تتطلب التعديل والتجويد والتتميم لسد الثغرات ولملاءمة الاحكام القضائية مع النص التشريعي
ذة. سليمة فراجي
ألم تنص المدونة على كون المتعة يتم تحديدها بقدر يسر الزوج ووضعيته المادية وحال الزوجة ومسؤولية الطرف المتسبب في انفصام العلاقة الزوجية ؟ علما أن أغلب الحالات والنوازل التي تشهدها بعض جهات المملكة التي يباشر المسطرة فيها المغاربة المقيمون في الخارج ،تكون مسؤولية الشقاق فيها راجعة لبعض الزوجات إذ يعمدن إلى طرد أزواجهن من بيت الزوجية، وإذا حاول الزوج الدخول إلى بيت الزوجية تقدم الزوجة شكايات ضده تضطره إلى الابتعاد، وإذا سلك مسطرة الطلاق أو التطليق يواجه باعتماد القضاء على طول مدة الزواج للحكم عليه بأداء عشرات الملايين عن واجب المتعة دونما أدنى مراعاة لحالته المادية المزرية في عز الأزمة الخانقة التي يعاني منها المواطنون رجالا ونساء، ومسؤولية الزوجة التي لم يعد يهمها استمرار العلاقة الزوجية أحيانا، خصوصا إذا كانت تتمتع في الخارج بتعويضات عائلية مريحة وسكن ومزايا، فيبقى الزوج وحيدا، لا هو متمكن من التعدد لرفض الزوجة منحه الإذن، ولما يباشر مسطرة التطليق يحكم عليه بأداء مبالغ باهظة تعجيزية، دون البحث الجدي والدقيق في أسباب وموجبات الطلب، ودون الاكتراث بمعاناة الأزواج الذين يصلون سنا معينة ويجدون أنفسهم بدون ملاذ عائلي ومواجهين بمعاملة سيئة ، علما أن الزوجة ولئن كانت اشد رغبة من الزوج في الفراق، فإنها تتفادى سلوك المسطرة حتى تستفيد من مستحقات المتعة،
ولئن كان النص القانوني قد خول للطرفين معا حق المطالبة بالحكم بالتعويض على الطرف المتسبب في الفراق (الفصل 97 من مدونة الأسرة) فإن غالب الأزواج الذين يتقدمون بطلب التعويض لما تتقدم الزوجات بطلب التطليق للشقاق يرفض طلبهم ولو تم الإدلاء بحجج أو مستندات تثبت أن الزوجة هي المتعسفة في طلب الطلاق أو يدلي الزوج بحجج تثبت الانحراف أو انعدام الاستقامة لأنه يتفادى تقديم شكاية جنحية مراعاة لبعض الاعتبارات الأسرية والاجتماعية، و للإشارة فان النص القانوني منحها واجب المتعة ولو تقدمت هي بطلب التطليق، في حين انتبه الاجتهاد إلى الحيف الذي قد يلحق بالزوج إذ تكون الزوجة هي المطالبة بإنهاء العشرة ويحكم لها مع ذلك بالمتعة أي التعويض الذي لحقها من جراء انفصام العلاقة والحال انها هي المتسببة في الفراق.
لذلك بات من الضروري تقديم مشروع تعديل تأتي به الحكومة أو مقترح يصوغه النواب البرلمانيون حتى لا يقال إن الاجتهاد نسف النص القانوني، وانه لا اجتهاد مع النص، وإذا كان التشريع أب القضاء، وأصبحت محاكم المملكة متباينة في اعتماد المعايير المعتمدة في تقدير واجب المتعة، والمستحقات، وأصبح عدم الإنصاف والإرهاق والمعاناة من نصيب العديدين من الأزواج الراغبين في الطلاق، المنصوص عليه في مدونة الأسرة في كتابها الثاني المتعلق بانحلال ميثاق الزوجية وآثاره، على اعتبار أننا قد نتفهم قصد القاضي الذي يرفع من مستحقات المتعة لإعجاز الزوج أو إجباره بصفة غير مباشرة عن العدول عن الطلاق، لأن المادة 86 من المدونة تفرض عليه إيداع المبلغ المحدد من طرف المحكمة داخل أجل أقصاه ثلاثين يوما وإلا فإنه يعتبر متراجعا عن رغبته في الطلاق ويتم صرف النظر عن طلبه، لكن معاناة بعض الأزواج ومواجهتهم بهذه المبالغ رغم ضعف قدراتهم المادية، يجعل حياتهم تتحول إلى جحيم، وتفقد مؤسسة الزواج قدسيتها المبنية على أواصر المحبة والوئام، لان ابغض الحلال عند الله الطلاق، ولكن لما تستحيل العشرة أحيانا فالحل ليس هو عقاب الأزواج ماديا خصوصا وان اجتهادات المحاكم متباينة في هذا الشأن لأن المدونة ليست مكسبا للمرأة فقط التي منحتها أهم مقتضى الذي هو طلب التطليق للشقاق، وإنما مكسب للمرأة والرجل وتتطلب قضاء مؤهلا غير متعصب لجهة دون أخرى، منصفا للرجل والمرأة على السواء وغير مجحف بحقوق اي طرف من الطرفين…