شكرا كريستيانو رونالدو
اسماعيل الحلوتي
في خبر لها خلال نهاية الأسبوع الأول من شهر مارس 2023، أوردت إحدى الصحف البريطانية أن نجم المنتخب البرتغالي “كريستيانو رونالدو”، الذي يعد واحدا من أفضل لاعبي كرة القدم في العالم، الحائز على خمس كرات ذهبية وأربعة أحذية ذهبية والمهاجم الحالي لنادي النصر السعودي، قام في إطار التفاتاته الإنسانية المتوالية، التي غالبا ما لا يقتدي بها الكثير من زملائه النجوم ولا حتى كبار الأثرياء العرب والمسلمين وغيرهم، بإرسال طائرة محملة بالمساعدات الضرورية لضحايا الزلزال الذي ضرب تركيا وسوريا.
وجدير بالذكر أنها ليست المرة الأولى التي يقوم فيها النجم رونالدو بمثل هذا العمل الإحساني الجليل، فقد سبق له أن دفع مبلغ 83 ألف دولار نظير تكاليف جراحة لطفل في الدماغ، وأن تبرع كذلك بمبلغ 165 ألف دولار للمساهمة في مركز للسرطان في البرتغال، ومليون جنيه استرليني لمستشفيات برتغالية في عز أزمة تفشي فيروس كورونا المستجد، وهو ما خول له شغل مهمة سفير لعدة منظمات إنسانية من قبيل: “أنقذوا الأطفال” و”يونيسيف” و”وولد فيغن”.
فعلى إثر تأثره الشديد بحجم المعاناة التي يعيش في كنفها ضحايا الزلزال المدمر الذي ضرب بقوة بلغت 7,8 درجات على مقياس ريختر جنوبي تركيا وشمالي سوريا فجر السادس من شهر فبراير 2023، إلى حد أنه وصف ب”زلزال القرن”، مخلفا حوالي 50 ألف ضحية وآلاف المصابين والمشردين. ومساهمة منه في التخفيف عن المتضررين من الكارثة المأساوية، أرسل النجم العالمي الشهير رونالدو طائرة مليئة بمواد إغاثة، تتضمن العديد من الخيام والوسائد والبطانيات والأسرة وكميات هائلة من الأغذية وكل ما يحتاجه الأطفال من أطعمة وحليب، بالإضافة إلى إمدادات طبية للمساعدة في الجهود الإنسانية…
من هنا بدا واضحا أن حب الخير ليس حكرا على المسلمين وحدهم، بل هو من الصفات الإنسانية الحميدة التي يتحلى بها الكثير من الأفراد والمجتمعات في جميع الديانات، وإن كان الإسلام حث على مساعدة الغير، جاعلا منها بابا من أعظم أبواب التعاون والتعاضد وبوأها مكانة عالية. ولاسيما أن عقائده وشرائعه جاءت لإصلاح العلاقة بين العبد وربه، وبين العباد فيما بينهم. لهذا اعتبر الإسلام المساعدة حتى لو كانت لحيوان نوعا من العبادة، التي يرجو من خلالها المسلم رضا خالقه والأجر والثواب.
فشكرا كريستيانو رونالدو على ما قمت به وتقوم به من جليل الأعمال في سبيل إسعاد الناس، وكان بودنا أن يقتدي بذلك غيرك من الرياضيين المسلمين في مختلف بقاع الأرض، حيث جاء في صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله عليه الصلاة والسلام: “من نفس عن مؤمن كربة من كرب الدنيا، نفس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة، ومن يسر على معسر، يسر الله عليه في الدنيا والآخرة، ومن ستر مسلما ستره الله في الدنيا والآخرة، والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه” والحديث النبوي الشريف هنا يدعو إلى القيام بمجموعة من الأعمال التي من شأنها الدفع بالمسلم إلى مساعدة أخيه المسلم، من خلال تفريج كربات من ضاقت به السبل، فهل معنى هذا أن من صار اليوم أكثر تطبيقا لتعاليم الدين الإسلامي هم غير المسلمين؟
صحيح أن الزلزال المدمر كشف بموازاة مع حملات التضامن الشعبية التلقائية من هنا وهناك، عن الوجه الناصع للجاليات الإسلامية في شتى بلدان العالم وتسابق الحكومات في تقديم يد العون والإغاثة، مما شكل مشهدا أشبه ما يكون بمثابة انتفاضة إسلامية ترسخ قيم الإخاء والتكافل ووحدة الصف الإسلامي، حيث خصصت عشرات المنابر في مختلف بلدان العالم خطب يوم الجمعة 11 فبراير 2023 للحديث عن حجم الكارثة الموجعة والمفجعة وشرعية إسعاف المتضررين ومؤازرتهم، مستندة في مساعدتهم إلى القرآن والسنة، وصدرت عديد الفتاوى التي تبيح التعجيل بإخراج زكاة المال للمنكوبين وذويهم، بيد أنه لم نجد مبادرات فردية على غرار مبادرة رونالدو الرفيعة…
إننا إذ نجدد الشكر الجزيل للنجم البرتغالي كريستيانو رونالدو على موقفه الإنساني النبيل في مساعدة منكوبي زلزال تركيا وسوريا، الذي نأمل صادقين أن يحذو حذوه نجوم كرة القدم وباقي الرياضات ونجوم الفن والسينما وغيرهم، ليس فقط في مثل هذه الكوارث الطبيعية والفواجع الإنسانية، بل حتى في بناء المؤسسات التعليمية والاستثمار في البلدان الفقيرة من أجل خلق فرص الشغل للعاطلين والتصدي لمختلف مظاهر الفقر والبطالة والانحراف والسرقة…