14 مارس : اليوم الوطني للتميز الرياضي
اسماعيل الحلوتي
رغم كيد الكائدين سيظل تاريخ 14 مارس 2023 موشوما في ذاكرة الجماهير الرياضية الإفريقية والدولية على حد سواء، ليس باعتباره يوما يوثق فقط لمنح الاتحاد الإفريقي لكرة القدم لملك المغرب محمد السادس جائزة “التميز الرياضي” برسم سنة 2022 خلال الحفل الذي أقيم بالعاصمة الرواندية كيغالي، اعترافا بما انفك يبذل من جهود استثنائية في سبيل تطوير قطاع الرياضة عامة وكرة القدم خاصة في المغرب وإفريقيا، بل كذلك لإعلان المغرب عن ترشحه بشكل مشترك مع الجارتين إسبانيا والبرتغال لتنظيم كأس العالم 2030.
وجدير بالذكر أن تتويج الملك محمد السادس إلى جانب الرئيس الرواندي “بول كاغامي” بهكذا جائزة فخرية من قبل رئيس الكاف باتريس موتسيبي وحضور رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم جياني إنفانتينو لم يأت اعتباطا، إذ يسجل للعاهل المغربي تميزه بتلك الرؤية المستنيرة وإيمانه الراسخ بضرورة إشعاع الرياضة وتحقيق مطامح الشباب، حيث أنه ومنذ اعتلاء العرش وتقلد المسؤولية خلفا لوالده الراحل الحسن الثاني رحمه الله، وهو لا يذخر جهدا في محاولة النهوض بقطاع الرياضة، معتمدا في ذلك على تعبئة كل الإمكانات اللازمة من أجل تكوين الأبطال في مختلف الأصناف الرياضية، والسهر على تشييد البنيات التحتية وتوفير التجهيزات الرياضية ذات المعايير العالمية، مما أدى بالرياضة الوطنية إلى تحقيق سلسلة من النجاحات منذ عدة سنوات وخاصة سنة 2022 في كبريات المحافل القارية والعالمية…
فقد أبى جلالة الملك إلا أن ينخرط في معركة إصلاح القطاع الرياضي وإيلائه أولوية وطنية خاصة، معتبرا أن “الرياضة رافعة قوية للتنمية البشرية وللاندماج والتلاحم الاجتماعي ومحاربة الإقصاء والحرمان والتهميش” كما ورد في إحدى رسائله. سعيا منه إلى جعلها تتخذ مكانة متميزة في دينامية التنمية وتضطلع بدور ريادي في حياة المواطنين وخدمة الوطن، فهي بمثابة لبنة أساسية في السياسة الاقتصادية والاجتماعية، وتشكل محورا رئيسيا في عديد الخطط والبرامج الحكومية. إذ أنه ووفق توجيهاته السامية، تم إطلاق عديد المبادرات الواعدة التي همت مختلف المجالات قصد العمل على تثمين الشأن الرياضي، لأن الرياضة أضحت من بين أبرز ركائز الاقتصاد الوطني، ومن شأنها استقطاب الاستثمار والإسهام في خلق فرص شغل، مما جعلها تكتسي أهمية بالغة في المغرب وغيره من بلدان العالم، وهو ما يبدو واضحا من خلال ما باتت تحظى به من عناية واسعة عبر تعدد الأوراش والمبادرات الهادفة إلى الرفع من مستوى القطاع، ولاسيما أنها تلعب دورا طلائعيا في إشعاع صورة المغرب على الساحة الدولية…
ولنترك الآن الحديث عن تلك الجهود الحثيثة المبذولة والرعاية الملكية السامية لقطاع الرياضة، والمتجلية أساسا في تعبئة الموارد المالية وتأهيل الفضاءات وخاصة منها البنيات التحتية متعددة التخصصات والمراكز السوسيو رياضية للقرب، وما أطلق من مشاريع ذات الشهرة الواسعة على غرار “أكاديمية محمد السادس لكرة القدم” و”مركب محمد السادس لكرة القدم”، ونعود إلى حفل تكريم جلالة الملك في العاصمة الرواندية، وبالأحرى إلى الرسالة الملكية السامية التي تلاها بالنيابة وزير التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة، شكيب بنموسى، معلنا من خلالها عن قرار المملكة المغربية القاضي بتقديم ترشيح مشترك مع كل من دولتي إسبانيا والبرتغال لاستضافة كأس العالم سنة 2030.
وتكمن قوة تلك الرسالة الملكية السامية فيما تضمنته من تعابير دقيقة وأفكار عميقة، حيث يقول جلالته إن “هذا الترشيح المشترك، الذي يعد سابقة في تاريخ كرة القدم، سيحمل عنوان الربط بين إفريقيا وأوروبا، وبين شمال البحر الأبيض المتوسط وجنوبه، وبين القارة الإفريقية والعالم العربي والفضاء الأورومتوسطي” ثم يضيف أن “هذا الترشيح سيجسد أيضا أسمى معاني الالتئام حول أفضل ما لدى هذا الجانب أو ذاك، وينتصب شاهدا على تضافر جهود العبقرية والإبداع وتكامل الخبرات والإمكانات”
ويشار في هذا الصدد إلى أنها ليست المرة الأولى التي يتقدم فيها المغرب بطلب تنظيم بطولة كأس العالم في كرة القدم، وهي البطولة الأكثر شهرة ومتابعة في العالم، بل إنه أول بلد إفريقي يتقدم بملف الترشيح لاستضافة هذا العرس الكروي خلال سنة 1994، ثم في سنوات 1998 و2006 و2010 و2026. وهو ما يدل على أن للمغرب بقيادة عاهله المفدى إرادة فولاذية وإصرار كبير على الفوز بتنظيم هذه البطولة، لاسيما بعد الإنجاز التاريخي وغير المسبوق في إفريقيا والعالم العربي، الذي حققه المنتخب الوطني الأول في فعاليات كأس العالم قطر 2022 ببلوغه المربع الذهبي واحتلاله الرتبة الرابعة عالميا، خلف كل من المنتخب الأرجنتيني حامل اللقب، ووصيفه المنتخب الفرنسي، والمنتخب الأوكراني ثالثا.
إن إعلان المغرب عن انضمامه إلى دولتي إسبانيا وألمانيا للمشاركة في احتضان كأس العالم برسم سنة 2030 التي ستصادف الذكرى المائوية لهذه التظاهرة العالمية، بقدر ما خلف حالة من الابتهاج لدى رؤساء الاتحادات وأساطير الكرة الإفريقية والدولية، حيث تقاطرت على بلادنا برقيات التهاني والتمنيات الطيبة، فإنه لا بد من أن يثير حفيظة العصابة الحاكمة في قصر المرادية وأبواقها الإعلامية…