أي حرج مغربي؛ في ما بين اسرائيل وحماس؟
رمضان مصباح
الاعتراف الذي آلم الجيران:
لايختلف قلبان في كون فلسطين في قلب كل مغربية ومغربي؛ مهما يكن موقعه /ها،بدءا من المواطنة العادية ،ووصولا الى أعلى مراتب الدولة؛ حيث جلالة الملك – اضافة الى فلسطينيته المتماهية مع هوى شعبه – رئيسٌ للجنة القدس .
هذا الهوى الفلسطيني المغربي ،لم ينخرط أبدا في الصراعات الداخلية الفلسطينية الفلسطينية ؛لأن النزعة الفلسطينية المغربية عقدية ، تاريخية ،وحتى ديموغرافية ؛وليس صدفة أن تكون لنا أبواب على التاريخ ،نضم اليها دائما باب المغاربة بالأقصى، التي نعتبرها امتدادا لباب بوجلود بفاس ،باب سيدي عبد الوهاب بوجدة، باب الرواح بالرباط وغيرها.
وليس صدفة أيضا أن تكون لنا بفلسطين – التسمية الأصل – ساكنة يهودية تقدر بالمليون؛ ظلت مغربية لقرون، قبل أن تختار الالتحاق بدولة اسرائيل .
طبعا لاتعارض في كل هذا مع اعتراف الدولة الرسمي بإسرائيل ؛بل لو لم تعترف بها ،وهي عضو في الأمم المتحدة، وفي وسط اقليمي ،وحتى فلسطيني ،أغلبه يعترف بها، لبدا الأمر نشازا .
هذا ما تأكد حينما استقبل عاهل البلاد الوفد الاسرائيلي الرفيع المستوى ؛استقبال بيعة أكثر منه استقبال اعتراف؛ لأن قيادة الوفد اختارت ذلك – بمحض ارادتها – لمغربيتها الضاربة في القدم.
ان الجوار العسكري الجزائري الذي يهاجم المغرب – خصوصا ونفير حماس يصم الآذان اليوم – ويتهمه بالاستقواء بإسرائيل، وبيع فلسطين ؛ لا يصدر عن حاضر الجوار ،كما عاث فيه فسادا وعقده، بل عن احساس بالغبن التاريخي ،ازاء كل هذا البذخ التاريخي المغربي ،الذي اكتمل بإحياء مليون يهودي مغربي اسرائيلي لمغربيتهم.
وفي خلفية هذا الاحياء ملايين من المغاربة ،ينتظرون في الصحراء الشرقية ،العودة الى وطنهم الأم ؛خصوصا وفرنسا الافريقية تنهار أمام أعينهم.
اسرائيل وفلسطينية المغاربة:
يبدو مفارقا أن أقول :ان اسرائيل وهي تستقبل بالأحضان اعتراف الدولة المغربية ،وقد تأخر؛ ثم وهي تنضم الى أقوياء العالم وضعفائه ،المعترفين بالحق التاريخي والجغرافي للمغرب على صحرائه ؛لم يكن واردا لدى ساستها وحكمائها ،اضعاف الهوى الفسطيني في نفوس المغاربة ؛خلافا لما تجنح اليه بعض التحليلات المغرضة.
أيهما الأفيد لإسرائيل ،الطامحة أكثر من أي وقت مضى ،الى اسرائيل أخرى تؤسسها في قلوب العرب ؛دولة مغربية قوية بتاريخها ،منخرطة في عروبتها ،بكل قضاياها ،أم دولة نشاز في محيطها ،يتيمة الهوية وضحلة التاريخ ؟
حكماء اسرائيل يدركون أن أغلب الطرق الموصلة الى الأمن والسلام الاقليميين ،تمر عبر المملكة المغربية ؛كما هي بكل أبوابها ،حيثما تواجدت.
ولا أحد ينكر أن المرحوم الحسن الثاني لعب دورا بارزا في ما تحقق للفلسطينيين ،وللإسرائيليين، في أوسلو ؛وهو طبعا هش لكنه مرحلي ،مفتوح على انتظارات مستقبلية كبرى ،شريطة ظهور ساسة كبار ،في حجم وتعقيد القضية.
لهذا لم أصادف ،في ما تتبعت مستقصيا ،أي شرط اسرائيلي رسمي – له تعلق بالانتصار للفلسطينيين – تثقل به مسار اتفاقيات “ابراهيم”؛ سواء بالنسبة للمغرب أو سائر الدول المنخرطة فيه.
لدى ساسة اسرائيل ما يكفي من الحكمة ليفهموا بأن دينامية مشروع التطبيع، لا يمكن أن تشتغل الا واقعية ،تراعي قناعات الحكام والشعوب معا.
لا يمكن أن تقول اسرائيل بغير هذا ،وهي ترى القوى العالمية في تحول دائم ؛وهي الأدرى بكون قوتها لن تظل في جيوشها –أبد الدهر – بل في قوة وتماسك وقبول محيطها بها.
وهل هذا هين؟
أي موقع للاقتتال الحالي؟
قبل اقتراح اجابة أمضي وفق مسلمات هذا المقال؛ وهي تؤسس لجعل انتصار الشعب المغربي للفلسطينيين المظلومين ،في المعارك الدائرة رحاه حاليا ،أمرا عادلا ومطلوبا؛ ولا يتعارض في شيء مع اعتراف الدولة الرسمي بإسرائيل؛ كما يوهم بعض الاعلام بذلك.
والأمر ليس مفاجئا حتى للإسرائيليين؛ وهم يدركون أكثر من غيرهم أن عداء عشرات السنين ،ان لم أقل القرون، لا يمكن أن يزول أو يضمحل ،ومداد الاعتراف لم يجف مداده بعد.
ويدرك ساسة اسرائيل قبل غيرهم ألا شيء تحقق للفلسطينيين ،تحت مظلة اتفاقيات” أبرام”.
المشروع ضخم والرهان شاسع عريض ؛ولن يحدث التحول ،العقدي ،السياسي والثقافي الا بطيئاو متدرجا؛ هذا في حال ملازمة قطار التطبيع لسكة المنطلق ،وتوفر القادة المهرة.
أما في حال ظهور قوى أخرى تلون الصراع الحالي بألوانها ؛حتى لا يُفوِّت عليها السلام والوئام في المنطقة شيئا ،ويخلق واقعا يردي مشروعها التوسعي الاستعماري ،فان المبيدات ستفني الثمار وهي بعد في مرحلة الازهار.
لا أرى الاقتتال الحالي الا ضمن هذا التصور وعليه فخلف قبعات كتائب القسام ،وحزب الله لا توجد غير عمائم ولاية الفقيه في ايران.
يفضلونها –فلسطين – صهيونية ظالمة، معادية لمحيطها، على أن تكون مسلمة سنية ،ويهودية؛ ينعم فيها الشعبان بالسلام والنماء، ضمن دولتين، الى أن تتحدا ان اختارتا ذلك؛ ولو بعد قرون .
ولنرضي ،كمغاربة، هذه الهجمة الشيعية ،بمسميات عدة، علينا أن نطرد من جنسيتنا مليون يهودي مغربي بفلسطين ،واسرائيل المرتسمة فيها خريطة حديثة يعترف بها العالم.
وعلينا أن نعتذر للبوليزاريو ونرد عليهم حواضر الصحراء ،التي بنيناها بحبنا وصبرنا وأموالنا ،وحتى بجوعنا.
نردها عليهم بطرقها السيارة الضاربة في عمق مغربيتها القديمة والحديثة.
ونختم بالتحلل ،صوما، من قسم المسيرة الخضراء.
وختاما لا أرضى لنفسي ،ولمن اقتنع برأيي، بغير المجاهرة بمحاربة المشروع الايراني البئيس .
لكن هذا لا يمنع من مناصرة اخواننا الفلسطينيين في محنتهم الحالية ؛خصوصا الشعب الأعزل الذي نرى فيه جداتنا وأمهاتنا واخواننا وأخواتنا.
والمنتظر من جميع الأطراف ،في اتفاقيات “أبرام” – خصوصا دولة اسرائيل – صناعة السلام الحقيقي في المنطقة ،وكل حروفه ومعانيه معروفة.
والى أن يتحقق هذا سيظل المقاتل الفلسطيني –فتحويا أو غزيا- صاحب قضية تستدعي النصرة.
ولا حرج في المغرب اليوم ،كما يزعم المتقولون.