ندوة وطنية تحت شعار: “من أجل حفظ الذاكرة الجماعية وإنصاف المغاربة ضحايا الطرد الجماعي التعسفي من الجزائر”
عبدالقادر كتــرة
نظمت “جمعية المغاربة ضحايا الطرد التعسفي من الجزائر” ندوة وطنية، يوم السبت 07 أكتوبر 2023 بالمكتبة الوطنية للمملكة المغربية، تحت شعار: “من أجل حفظ الذاكرة الجماعية وإنصاف المغاربة ضحايا الطرد الجماعي التعسفي من الجزائر سنة 1975″، تم خلالها التذكير بتوصيات لجنة حماية حقوق جميع العمال المهاجرين وأفراد أسرهم المعتمدة بتاريخ 6 أبريل 2023، والتي ذكرت بتوصياتها الصادرة في 13 شتنبر 2013.
البيان الختامي للندوة الوطنية حث الدولة المغربية على اتخاذ التدابير اللازمة بشكل عاجل ودون إبطاء من أجل تأمين وضمان وحماية الظروف الاجتماعية والاقتصادية والقانونية وغيرها من الشروط اللازمة لجبر الضرر اللاحق بالضحايا وبذوي الحقوق، وعلى اتخاذ التدابير الفعالة لتيسير وتسهيل إعادة إدماج جميع الضحايا وذوي الحقوق، بصورة دائمة ببلدهم الأصلي في الحياة الاجتماعية والاقتصادية والثقافية على النحو المنصوص عليه في الفصل 67 من الاتفاقية المرجعية، ودعت الندوة المغرب إلى تقديم معلومات عن جهود التعاون الدولي المبذولة طبقاً للمادة 64 من الاتفاقية.
ومن أهم ما جاء في البيان :” وعلى ضوء الاعتراف الجزائري الرسمي على لسان ممثلها الدائم بمجلس حقوق الإنسان بجنيف إدريس الجزائري في رسالة موجهة إلى رئيس لجنة حقوق العمال المهاجرين بجنيف وإلى السيدة نافانيثيم بيلاي Navanethem Pillay مفوضة الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان بتاريخ 03 ماي 2010، لجريمة الطرد في حق الآلاف من المغاربة من الأراضي الجزائرية سنة 1975؛
وأجمع المشاركون والمشاركات في الندوة مجموعة من التوصيات موجهة للمسؤولين، وذلك بناءًا على تصريح الوفد المغربي أمام اللجنة الأممية خلال تقديم التقرير الدوري الثاني المتعلق بإعمال اتفاقية حقوق جميع العمال المهاجرين وأفراد أسرهم بمناسبة انعقاد الدورة 36 لهذه اللجنة بتاريخ 28 مارس 2023 في هذا الموضوع، وتأسيسا على الرسالة الرسمية الموجهة من طرف السيد عمر زنيبر السفير الممثل الدائم للمملكة المغربية بمجلس حقوق الإنسان بجنيف إلى السيد “إدغار كورزو سوسا Edgar CORZO SOSAM” رئيس لجنة حماية حقوق جميع العمال المهاجرين وأفراد أسرهم بتاريخ 02 ماي 2023، حول مصير العمال والعاملات المهاجرين المغاربة المطرودين من الأراضي الجزائرية سنة 1975 والجهود الجبارة التي بذلتها المملكة المغربية من أجل إدماج واندماج 45 ألف أسرة من العمال المغاربة المطرودين من قبل الجزائر في مجتمعهم المغربي الأصلي، وضرورة أن تتحمل هذه الدولة التزاماتها كاملة في مواجهة تصرفاتها التعسفية المخالفة للقانون الدولي وفق ما تقتضيه المواثيق والقوانين والأعراف الدولية، وبناء على تأكيد المملكة المغربية في نفس الرسالة على التزامها بتنفيذ توصيات اللجنة المذكورة ضمانا لحقوق مواطنيها وجبر لضرر الذي لحقهم.
ورفع المشاركات والمشاركون عقب انتهاء المداخلات القيمة التي أطرت هذه الندوة والنقاش الغني الذي عرفته، إلى الجهات المعنية هذه التوصيات منها ما يهم الجانب الاجتماعي، مثل تنفيذ التوصية الأممية المرتبطة بتحسين الوضعية الاجتماعية والاقتصادية وإعادة إدماج الضحايا من خلال الاستمتاع بالحقوق والعمل على جبر الضرر، ومناشدة الدولة المغربية بإيقاف عملية تنفيذ الإفراغ من السكن الوظيفي في حق الأسرة المعنية بالطرد التعسفي والتي توجد في وضعية هشاشة تجنبا لتعريضها للضياع والتشرد من جديد، ونخص بالذكر قطاعات، وزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة، ووزارة الصحة والحماية الاجتماعية، ووزارة إعداد التراب الوطني والتعمير والإسكان وسياسة المدينة
وزارة الاقتصاد والمالية، ووزارة التجهيز والنقل واللوجستيك والماء، ووزارة التضامن والمرأة والأُسْرَة والتنمية الاجتماعية
الرفع من المعاشات الهزيلة التي لا تتجاوز 450 درهم في بعض الحالات وإيجاد حلول مبتكرة لشملهم بمقتضيات (قانون – مرسوم ) كحد أدنى من المعاشات.
وناشد المشاركون والمشاركات في الندوة الوطنية وزارة الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج بتبني ملف استرجاع الأموال المنقولة والعقارات والمدخرات والتعويض عن الأجور والمعاشات للضحايا، بإدراج الملف في أروقة المحافل الدولية المعنية، ومن خلال إدراج هذا الملف في المفاوضات مع الجزائر وفق أجندتها الديبلوماسية أمام الأمم المتحدة وهيئاتها المعنية بحقوق الضحايا، في انتظار استرجاع الضحايا لممتلكاتهم وأموالهم التي قدرها خبراء دوليون سنة 2012 بعشرين مليار دولار، نناشد رئاسة الحكومة المغربية بتخصيص مدخول شهري لعائلات الضحايا في وضعية هشاشة وإدماج أبنائهم في سوق الشغل في إطار مقاربات اجتماعية مبتكرة على غرار الحصيص المخصص لمكفولي الأمة.
ودعوا المندوبية الوزارية المكلفة بحقوق الإنسان إلى تتبع تنفيذ التوصيات الأممية المرتبطة بالموضوع وتتبع حالات الاختفاء القسري للمغاربة بالجزائر سنة 1975 المعلنة من طرف اللجنة الأممية المعنية بالاختفاء القسري، كما ناشدوا المندوبية الوزارية المكلفة بحقوق الإنسان والنيابة العامة بالمغرب فتح تحقيق في الاختفاء القسري لعشرات الضحايا والتي كانت موضوع تقرير اللجنة الأممية المعنية بالاختفاء القسري، والمجلس الوطني لحقوق الإنسان الشروع في تنظيم جلسات الاستماع للضحايا من أجل توثيق التعسفات والأضرار التي لحقت الضحايا، وذلك بتعاون مع كافة الجهات الوطنية المعنية، والمجلس الوطني لحقوق الإنسان بالترافع عن هذا الملف أمام الهيئات الدولية المعنية بحقوق الإنسان.
من جهة أخرى، وفي ما يخص حفظ الذاكرة، ناشدت الندوة الوطنية مؤسسة أرشيف المغرب مواكبة الضحايا من أجل حفظ الوثائق بكل أصنافها والتي توثق وتؤرخ لهذه الجريمة واستغلالها من أجل البحث العلمي وطبعها ونشرها وتنظيم معارض حولها، وكل الهيئات والأشخاص الذاتيين داخل المغرب وخارجه بتزويد أرشيف المغرب بكل وثيقة من أي طبيعة كانت، من شأنها أن تساعد على حفظ هذه الذاكرة (صور، وثائق، شهادات، وصولات، أظرفة بريدية، إلخ.).
ودعا البيان الختامي للندوة الوطنية الهلال الأحمر المغربي لفتح أرشيف هذه المأساة وتزويد أرشيف المغرب به، والمجلس الوطني لحقوق الإنسان دعم تنظيم قافلة تواصلية وطنية لجمع أرشيف وإحصاء المطرودين، وناشدوا وزارة الشباب والثقافة والتواصل والشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة المغربية بإنتاج أفلام وثائقية توثق هذه القضية الإنسانية بما يجعلها جزءًا من الذاكرة الجماعية، ووزارة الشباب والثقافة والتواصل إنشاء نصب تذكاري بإحدى الساحات العمومية للتذكير بهذه الجريمة النكراء ورد الاعتبار للضحايا، ووزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة إدراج هذه الجريمة ضمن المقررات التعليمية حفظا للذاكرة وتفاديا لتكرارها، ووزارة الداخلية فتح قاعدة البيانات المتعلقة بهذه القضية الوطنية أمام مختلف الفاعلين الرسميين والمدنيين من بين المغاربة لتعزيز الترافع عن الملف، والمندوبية السامية للتخطيط لإدراج سؤال أو سؤالين حول ضحايا الطرد التعسفي من الجزائر سنة 1975 خلال الإحصاء العام للسكان والسكنى، المرتقب في شهر شتنبر 2024.
أما على مستوى الجانب الدبلوماسي، ناشد المشاكرون في الندوة وزارة الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج إدراج ملف الضحايا ضمن أجندتها الدبلوماسية على المستوى العربي والإفريقي والأممي.
كما دعا البيان الختامي، على مستوى الجانب القانوني، وزارة العدل والسلطة القضائية تكليف مكاتب محاماة وخبراء قانونيين على المستوى الوطني والدولي لمواكبة الترافع عن هذا الملف أمام الهيئات الدولية، ووزارة الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج بتفعيل الشراكة الموقعة مع قطاع المغاربة المقيمين بالخارج والتي سبق للمغرب أن صرح بها في الأمم المتحدة بتاريخ 16 يوليوز 2013.
وختاما، دعت الندوة الوطنية كافة الأطراف الرسمية والسياسية والمدنية إلى دعم هؤلاء الضحايا كل من موقعه، وحسب مسؤولياته بما يجعلها قضية وطنية لأنها تهم شريحة واسعة من المجتمع المغربي إحقاقا للمواطنة الكاملة، ودعما للاستمتاع بحقوق طال انتظارها، وجبرا لضرر للضحايا ولذوي الحقوق.