ردة لا أبا بكر لها ( 3)
د.حسن الأمراني
جاء في (السيرة الحلبية)، (باب بدء الأذان ومشروعيته أي والإقامة ومشروعيتها): ” وكل منهما من خصائص هذه الأمة”.
ولما كانت حروب الردة، بعث أرسل مع أمرائه كتابا إلى المرتدّين، ومنه يتبين مكانة الأذان في الإسلام.
وهذا نص الكتاب الذي أرسله أبو بكر إلى المرتدين من العرب وأعطى كل أمير نسخة منه: (بسم الله الرحمن الرحيم. من أبي بكر خليفة رسول الله ﷺ إلى من بلغه كتابي هذا من عامة وخاصة، أقام على إسلامه أو رجع عنه. سلام علی من اتبع الهدى ولم يرجع بعد الهدى إلى الضلالة والهوى، فإني أحمد الله إليكم الذي لا إله إلا هو، وأشهد أن لا إله إلا هو وحده لا شريك له، وأن محمداً عبده ورسوله. نُقر بما جاء به، ونُكفّر من أبی ذلك ونجاهده. أما بعد فإن الله تعالى أرسل بالحق من عنده، إلى خلقه بشيرا ونذيرا، وداعية إلى الله بإذنه وسراجاً منيراً، لينذر من كان حياً ويحق القول على الكافرين. فهدى الله بالحق من أجاب إليه، وضرَب رسولُ الله ﷺ بإذنه من أدبر عنه، حتى صار إلى الإسلام طوعاً أو كرهاً ، ثم توفَّى اللهُ رسولَهُ ﷺ، وقد نفَّذَ لأمر الله، ونصحَ لأمّته، وقضى الذي عليه، وكان الله قد بين له ذلك، ولأهل الإسلام في الكتابِ الذي أنزل ، فقال ﴿إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُم مَّيِّتُونَ﴾، وقال : ﴿وَمَا جَعَلْنَا لِبَشَرٍ مِّن قَبْلِكَ الْخُلْدَ ۖ أَفَإِن مِّتَّ فَهُمُ الْخَالِدُونَ﴾، وقال للمؤمنين: ﴿وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ ۚ أَفَإِن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلَىٰ أَعْقَابِكُمْ ۚ وَمَن يَنقَلِبْ عَلَىٰ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئًا ۗ وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ﴾، فمن كان إنّما يعبد محمداً فإن محمداً قد مات، ومن كان إنّما يعبد الله فإن الله حيّ لا يموت، ولا تأخذه سنة ولا نوم، حافظ لأمره، منتقم من عدوه. وإني أوصيكم بتقوى الله وحظكم ونصيبكم وما جاءکم به نبيكم ﷺ وأن تهتدوا بهداه، وأن تعتصموا بدين الله، فإنَّ كلَّ من لم يهْدِهِ الله ضالٌّ، وكلّ من لم يعنْهُ اللهُ مخذولٌ، ومن هداه غير اللهِ كان ضالاً، قال الله تعالى: (مَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ وَلِيًّا مُرْشِدًا) ولن يُقبلَ له في الدنيا عملٌ حتّى يقرّ به، ولن يقبل له في الآخرة صرفٌ ولا عدلٌ، وقد بلغني رجوع من رجع منكم عن دينه بعد أن أقر بالإسلام وعمل به اغتراراً بالله وجهالة بأمره، وإجابة للشيطان. قال الله تعالى ﴿وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلا إبليس كان من الجن ففسق عن أمر ربه أفتتخذونه وذريته أولياء من دوني وهم لكم عدو. بئس للظالمين بدلا﴾). وقال: ﴿إن الشيطان لكم عدو فاتخذوه عدوا. إنما يدعو حزبه ليكونوا من أصحاب السعير﴾ وإني بعثت إليكم (فلاناً) في جيش من المهاجرين والأنصار والتابعين بإحسان وأمرته أن لا يقبَلَ من أحدٍ إلا الإيمان بالله، ولا يقتله حتى يدعوه إلى الله عزّ وجلّ، فإنْ أجاب وأقرّ وعمِلَ صالحاً قُبِلَ منه، وأعانه عليه، وإن أبى حاربه عليه حتّى يفيء على أمر الله، ثم لا يٌبْقي على احد منهم قدر عليه، وأن يحرقهم بالنّار، وأن يقتلهم كلّ قتْلة، وأن يسبيَ النساء والذراري، ولا يقبل من أحد غير الإسلام، فمن اتّبعه فهو خيرٌ له، ومن تركه فلن يُعجزَ اللهَ، وقد أمرتُ رسولي أن يقرأ كتابه في كلّ مجْمع لكمْ، والداعية الأذانُ، فإذا أذّن المسلمون فأذَّنوا فكفّوا عنهم، وإن لم يؤذّنوا فسلوهم ما عليهم، فإن أبوا عاجلوهم، وإنْ أقرّوا حُملَ منهم على ما ينبغي لهم”.
رواه سيف بن عمر عن عبد الله بن سعيد عن عبد الرحمن بن كعب بن مالك.
البداية والنهاية لابن الأثير: ج7/23… الدكتور حسن الامراني