محمد شحلال
يعرف شمال المغرب نهضة شاملة تستوقف كل من يزور هذه الربوع قادما من مناطق البلاد الأخرى.
ما إن تطأ قدم الزائر مدينة طنجة،حتى يشعر وكأنه انتقل فجأة إلى الضفة الأخرى من المتوسط،حيث اعتدنا أن نتحدث عن التقدم الذي يشمل الأرض والإنسان،غير أن طنجة أصبحت اليوم تغني عن المقارنات النمطية،فقد تحولت إلى حاضرة ذات مقومات عالمية، خاصة في العمران والبنى التحتية الرئيسية.
حسب الزائر من هذه المدينة أن يدخلها عبر محطة القطار الباذخة،قبل أن تحتضنه المباني العصرية الفاتنة ،فإذا توغل في شوارعها الفسيحة،استوقفته المقاهي والمطاعم خاصة على كورنيس المدينة،حيث يلتقي أصناف من البشر الذين يحيلون على ماضي المدينة الدولي والتي تأبى إلا أن تظل كذلك.
لم تعد طنجة تستأثر بكل هذا الجمال،بل إن امتدادها على طول المتوسط،قد تحول إلى لوحة فنية تتزاحم فيها كل عناصر الجمال، من طبيعة خلابة ومعمار عصري يختصر كل أشكال الإبداع بلمسة مغربية،ولا تكتمل هذه اللوحة إلا بالتهيئة الراقية للمنتجعات والموانىء الترفيهية التي تسلمك لبعضها البعض دون أدنى شعور بالملل.
لقد تحول هذا الشمال إلى قطعة فنية واحدة، تجعل المرء يعتز بالانتماء لهذا الوطن الذي يحارب نقائصه ببطء،لكنه واثق الخطوات.
كانت جولة رائقة زوال اليوم بين جنبات هذا الشمال المتميز، لولا الحاجز الأمني الذي يحول دون الاستمرار في تعقب تصاريس هذه المنطقة من بلادنا،ذلك أن سبتة السليبة تستغيث في صمت لتعود إلى سوار أخواتها منذ قرون،لكن المحتل الغاشم مازال يمعن في فرض عقليته الاستعمارية ضدا على التحولات التي يعرفها العالم في مجال إنهاء بقايا الاحتلال.
لا شك أن وضع الجيوب المحتلة من بلادنا ،هو وضع معقد ومرتبط بظروف جيوسياسية تضم أطرافا أخرى، وكذلك بقواعد النظام العالمي المبني على مصالح الاقوياء بالدرجة الأولى.
من السهل أن ننتقد مسؤولينا ونطالبهم بفتح ملف سبتة وباقي الثغور المحتلة،لكن واقع الحال يجعل هذا المطلب في الوقت الراهن مغامرة في الوقت الذي لا يكف فيه،،إخواننا،،بالجوار عن فتح كل أبواب الشر في وجوهنا بدل أن يكونوا سندا لنا كما يقضي بذلك انتماؤنا الديني والعرقي.
إن سبتة مكبلة لحد الان،ونتمنى أن تعود إلى عقد مدننا بالشمال في الوقت المناسب،أما الان،فلا يسعنا إلا أن نتجرع مرارة العجز عن تحريرها في الوقت الذي تخوض بلادنا معركة تثبيت الوحدة الترابية في الجنوب،وهي تواجه اطماعا ومكائد لوقف مسار النمو الذي لا ينكره الا جاحد.