أخبار جهويةأخبار محليةأخبار وطنية - دولية

انتفاضة المتقاعدين ضد الحكومة!

ميديا كوم ... جريدة إلكترونية ... شاملة - MEDIA COM ميديا كوم ... جريدة إلكترونية ... شاملة -  MEDIA COM

اسماعيل الحلوتي
ليس هناك أدنى خلاف حول ما تبذله الحكومة من جهود، سعيا منها إلى محاولة الرفع من القدرة الشرائية للمواطنين، إن على مستوى دعم مهنيي النقل الطرقي، أو الدعم الاجتماعي المباشر للأسر الفقيرة، أو الزيادة في أجور الموظفين والعمال، لكنها تظل جهودا دون مستوى ما رفعته أحزاب التحالف الحكومي الثلاثي من وعود وشعارات براقة أثناء الحملة الانتخابية وانتظارات الجماهير الشعبية، وخاصة فئة المتقاعدين في القطاعين العام والخاص، التي تعيش حالة من الإقصاء والتهميش.
حيث يجمع الكثير من الخبراء والمهتمين بالشأن العام إلى جانب تقارير المنظمات الدولية والمؤسسات الرسمية وفي مقدمتها المندوبية السامية للتخطيط، والمجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، والمجلس الوطني لحقوق الإنسان وغيره، على ما باتت تعرفه الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والحقوقية خلال السنوات الأخيرة من تدهور في ظل ارتفاع معدلات التضخم والفقر والبطالة وغلاء الأسعار واتساع الفجوة بين الأغنياء والفقراء والفوارق المجالية والإجهاز على أهم المكتسبات، بما من شأنه تهديد الاستقرار والسلم الاجتماعي، ما لم تسارع الحكومة إلى تدارك الأمور ونزع فتيل الاحتقان الاجتماعي المتصاعد.
ففي هذا السياق وبتزامن مع استعداد دول العالم لتخليد اليوم العالمي للشيخوخة الذي يصادف فاتح أكتوبر من كل سنة، ومع قرب انطلاق جولة الحوار الاجتماعي المرتقبة في غضون هذا الشهر، وعلى إثر ما بلغ إلى علم المتقاعدين من غياب أي مستجد حول أوضاعهم، دعت الشبكة الوطنية الموحدة لهيئات المتقاعدين المدنيين بالمغرب التي تضم 12 جمعية للمتقاعدين، جميع المتقاعدات والمتقاعدين بالقطاعين العام والخاص في المغرب إلى الانتفاضة ضد ما آلت إليه أحوالهم المادية والنفسية من تراجع خطير، بسبب تمادي الحكومات المتعاقبة في تجاهل مشاكلهم التي ما انفكت تتفاقم بفعل التهميش والإقصاء، وذلك عبر الحضور المكثف إلى الوقفة الاحتجاجية المزمع تنظيمها أمام البرلمان يوم الثلاثاء فاتح أكتوبر 2024.
وهو التحرك السلمي والحضاري الذي يمثل نقطة تحول غير مسبوقة في مسار الحراك الجمعوي لفئة المتقاعدين المدنيين في القطاعين العام والخاص، ويفتح آفاقا جديدة للنقاش والتقييم. ويعول كثيرا على أن يساهم هذا الاتفاق الهام بين الجمعيات على تنظيم وقفة احتجاجية مشتركة في وحدة الصف بين مختلف الجمعيات وجذب أعداد كبيرة من المتقاعدات والمتقاعدين إلى العاصمة الرباط، مما قد يشكل قوة ضغط على كبار المسؤولين في اتجاه تحقيق الأهداف المرجوة، وانتزاع الحقوق المهضومة…
وباقتضاب شديد تجدر الإشارة هنا إلى أن جمعية الأمم المتحدة كانت صوتت في 14 دجنبر 1990 على جعل فاتح أكتوبر من كل سنة يوما عالميا للاحتفاء بالمسنين أو كبار السن ابتداء من فاتح أكتوبر 1991، وهي مناسبة تهدف إلى رفع الوعي لدى شعوب وحكومات العالم بالمشاكل التي تواجه هذه الفئة، كما أنها فرصة للاحتفال بما أنجزه هؤلاء “الجنود” المسلحون بحب الوطن ونكران الذات من جليل الأعمال وما قدموه من تضحيات جسام، إسهاما في تنمية المجتمع والنهوض بالوطن. وهو احتفال يراد من إقراره أن يكون يوما عالميا مماثلا ليوم الأجداد في أمريكا وكندا، وكذلك لاحتفالية التاسع المضاعف في الصين ويوم احترام المسنين في اليابان.
فماذا أعد المغرب لمواطنيه من كبار السن وخاصة المتقاعدات والمتقاعدين منهم؟ لا شيء عدا الإهمال والتجاهل لأوضاعهم الصحية والمادية. لذلك يعتزم هؤلاء “المهمشون” في القطاعين العام والخاص التصعيد ضد الحكومة، من خلال استجابتهم للانخراط بكثافة في الوقفة الاحتجاجية المشار إليها أعلاه، رغبة منهم في لفت الانتباه إلى أوضاعهم المزرية وإسماع صوتهم لأصحاب القرار. لذلك أصدرت تمثيليات المتقاعدين بلاغات، تجدد بواسطتها إدانة إقصاء المتقاعدين من الزيادة العامة في المعاشات، وتحيط رئيس الحكومة علما برفضها أي إصلاح لأنظمة التقاعد من شأنه الإجهاز على مكتسباتهم ومكتسبات المزاولين والمنخرطين في صناديق التقاعد، مطالبة بربط الحد الأدنى للمعاشات بالحد الأدنى للأجور وغير ذلك من المطالب الأخرى الملحة والمستعجلة.
فمنذ تعيين حكومة أخنوش والأسر المغربية لا تفتأ تعبر عن تذمرها من تراجع مستواها المعيشي، بسبب الارتفاع القياسي في أسعار المحروقات التي أرخت بظلالها على باقي المواد الأساسية والواسعة الاستهلاك، ولا أدل على ذلك أكثر مما كشف عنه أحد تقارير المندوبية السامية للتخطيط من كون حوالي 87 في المائة من الأسر تصرح بتدهور أوضاعها خلال السنة الأخيرة، ناهيكم عن فئة المتقاعدين التي تتطلب مصاريف إضافية للعلاج، مما ورثه المتقاعدون من أمراض مزمنة مثل السكري وأمراض القلب وارتفاع ضغط الدم وغيره، الشيء الذي يتطلب التعجيل بالزيادة في معاشاتهم وتمكينهم من مواجهة الظروف الصعبة التي يمرون بها.
إن المتقاعدات والمتقاعدين في القطاعين العام والخاص مدعوون جميعا للحضور في الوقفة الاحتجاجية المقرر تنفيذها يوم الثلاثاء فاتح أكتوبر 2024 على الساعة الحادية عشرة صباحا أمام البرلمان، وذلك في إطار التضامن ووحدة الصف، للتنديد بسياسة الإقصاء والتهميش، والمطالبة بالإنصاف ورفع الحيف عنهم، ولاسيما أن معظمهم ضحوا بالنفس والنفيس من أجل بناء الوطن وازدهاره.

 

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock