” صنع بالجزائر ” ….” اللي كيحسب بوحدو اشيط لو “
عبد السلام المساوي
الذي يتابع ما كتبته وتكتبه بعض وسائل الإعلام الرسمية أو شبه الرسمية في الجزائر يدرك تمامًا أنها فقدت البوصلة حقا، بخصوص تطورات القضية الوطنية المغربية وخاصة لجهة فقدان صنائع القيادات العسكرية الجزائرية تدريجيا، وبشكل متواصل، لما تبقى لها من رصيد على المستوى الأفريقي والدولي، وهو ضئيل أصلًا، جراء تواتر سحب الاعتراف بالدولة الوهمية وتحقيق الدبلوماسية المغربية لاختراقات مهمة في عقر ديار القوى التي كانت تساند، إلى الأمس القريب، أطروحة الانفصال وتصب الزيت على نار النزاع الإقليمي المفتعل حول الصحراء المغربية.
ربما لوسائل الإعلام الجزائرية عذرها في محاولة تحويل الأنظار عن أزمة النظام التي لا يبدو أن الانتخابات الرئاسية التي نظمها رئيس أركان الجيش شنقريحة قد تكون عاملا في إيجابيا في العمل على تجاوزها على المدى المنظور.
لكن أليس هذا هو أوان الاهتمام الفعلي بقضايا الشعب الجزائري الكبرى بدل البحث عن افتعال المشاكل بين مكونات الشعب المغربي؟
إن الاستمرار في خلق أو تعزيز عوامل التوتر في المنطقة ومع المغرب على الخصوص مآله الفشل لأن المغرب قال كلمته بوضوح وقوة حول قضيته الوطنية ولا قوة قادرة على كسر إرادة شعب خبر محن الاستعمار والانفصال ودسائس الأشقاء على مدى عقود طويلة.
لم يأتِ الجنرال الجزائري شنقريحة بجديد، عندما اعتبر المغرب عدوا لبلاده ولعملائها بجبهة البوليساريو. ذلك ان قادة الجزائر تصرفوا، ويتصرفون منذ أربعة عقود على الأقل، على قاعدة ان المغرب هو العدو رقم واحد للنظام الجزائري.
صحيح انهم لا يصرحون دائما بهذا، كما فعل الجنرال شنقريحة، غير ان القراءة المعمقة في سياساتهم تجاه المنطقة وتجاه كل قضية يكون المغرب فيها طرفا، تبين بوضوح انها تقوم على أساس ان المغرب عدو ينبغي مواجهته بكل الأساليب المشروعة وغير المشروعة وهي الغالبة بطبيعة الحال.
وبهذا المعنى، فإن شنقريحة لم توح له قريحته بشيء جوهري وإن كان يتحمل وزر الإعلان الرسمي عن هذا العداء وهو يخطط مع عملاء البوليساريو للمساس بوحدة المغرب الترابية.
لكن ! كما يقول المثل الشهير:
” اللي كيحسب بوحدو تايشيط ليه”
أطلقت القيادة العسكرية الجزائرية ذبابها الإلكتروني كما سيقول البعض ( أما أنا فإنني أعتبرهم ذبابها فحسب) في حملة تضليلية شعواء على المغرب، في كل الاتجاهات في آن واحد، وبكل الوسائل الدنيئة دون تمييز. ويبدو أن الذباب المخابراتي الجزائري قد فقد البوصلة تمامًا، ولم بعد لديه أدنى إدراك بأبجديات الحملات الإعلامية حيث يتم الحرص على أن تكون نقطة الانطلاق فيها واقعة ملموسة، مادية أو اجتماعية أو سياسية يتم استغلالها بمختلف الوسائل لخدمة الأجندة الإعلامية أو السياسية التي من أجل الدعاية لها وتنفيذها تم تجنيد ذلك الذباب، في الزمان والمكان المحددين.
لكن الذي أصبح مؤكدًا، استنادًا إلى مفردات هذه الحملة التضليلية، هو أن البحث عن الوقائع لاقتناصها خدمة لأجندة النظام العسكري الجزائري المعادية للمغرب لا تسعف دائما الذباب المهووس باقتناص الفرص فابتدعوا لأنفسهم أسلوبًا خاصًا من صنع الدار أي يحمل دمغة “صنع بالجزائر” ويقوم، أساسًا، على اختراع وفبركة الوقائع التي تتلاءم مع مقتضيات تلك الأجندة؛ ولو كان ذلك على حساب الواقع والمنطق معًا. غير أن هذا لا يثير لدى ذباب المخابرات العسكرية الجزائرية أدنى تساؤل. إذ هو أمر عادي بالنسبة لأذرع تضليل نظام قام على التزوير والدس والتدليس، إلى درجة أصبح معها الحديث عن المصداقية والحرص على احترام الخبر وعقول الناس نوعًا من المطالب التعجيزية التي لا قبل للنظام العسكري بها، وبالتالي فإنه من الظلم، الذي ما بعده ظلم، مطالبته بالحجة في ذاك الذي ذهب إليه أو يذهب إليه. وهل نظام العسكر الكاتم على أنفاس الناس يسمح لمفردات مثل الحجة والدليل بالتسلل إلى قاموس ممارساته؟
إن المغرب يعرف جيدا أن ضغائن النظام العسكري الجزائري لن تتوقف في أي يوم الأيام. لذلك ففي الوقت الذي يظل فيه يقظًا تجاه الدسائس هذا الوباء الجار، ( أقصد النظام العسكري البئيس بالذات)، فإن من حقه أن يعلن بكل ثقة: سقف بيتي حديد ،،، ركن بيتي حجر كما قال الشاعر العربي.