أطنان من مستحضرات ومواد التجميل المنتهية صلاحيتها منذ سنوات تروج بالأسواق الجهة الشرقية في غياب اي تحسيس بمخاطرها
عدد كبير من مستحضرات ومواد التجميل (التي تصنف يصنف في خانة الأدوية من المفروض أن تقتنى لدى الصيدليات أو محلات خاصة ومراقبة)، تعرض بطريقة فوضوية وعشوائية على أرصفة الطرقات ، في الساحات والأسواق في ظروف غير مناسبة ولا صحية كالكريمات والمراهم والدهون التي يجب أن تحفظ في درجة مائوية لا تتعدى 6 درجات، بعيدة عن حرارة أشعة الشمس والهواء الطلق والغبار المتطاير واللمس وعمليات التجريب وغيرها من الأوضاع والأفعال والأعمال التي تفسدها وتساهم في تحلل المواد الكيماوية المركبة منها…
أطنان من مستحضرات ومواد التجميل المنتهية صلاحيتها منذ سنوات تروج بالأسواق الجهة الشرقية في غياب تحسيس بمخاطرها على صحة المواطن المستهلك
عبدالقادر كتــرة
يصيح الطفل مرة والشاب أخرى والرجل صاحب السلعة المعروضة على طاولة العربة ثالثة، أو يصيحون هم معا في جوقة غير متناسقة ولا متناغمة تحدث ضوضاء وضجيجا ، يرددون نفس اللازمة ” آلفاهمة آلفاهم كل حاجة 5 دراهم” أو ” اللي بغا الزين، ها الماكياج ها الكريم، ها درهم ها درهمين”، أمام العربة المملوؤة بمستحضرات ومواد وأدوات التجميل المختلفة والمتنوعة من المراهم والدهون والكريمات والمساحيق والمعاجين والزيوت والأقلام والفرشات والأمشاط والمقصات والمقابض…، وتتجمهر السيدات والفتيات من مختلف الأعمار وتشرعن في الاختيار لما قد يصلح لهن ويعدل من جمالهن…لا واحدة منهن تبحث عن حقيقة أو صلاحية أو فعالية المنتوج الذي تقتنيه بل همُّها الوحيد هو مناقشة الثمن مرة أخرى متذرعة بعدد المنتوجات التي اقتنتها وهي تعدُّها أمام أعين الأخريات…
خطر مواد التجميل المهربة
يأتي عدد كبير من أنواع المستحضرات ومواد التجميل عبر عمليات التهريب ، وأنواع أخرى من دول أوروبا عن طريق العمال المغاربة المغتربين، دون الحديث عن المواد المنسوخة أو المقلدة التي غزت تلك الأسواق. هذه المواد أغلبها إن لم نقل كلها منتهية صلاحيتها بعد سنوات عديدة تصل أو تفوق العشر سنوات، مما يجعلها تفقد فعاليتها بل تتحول إلى مواد سامة وخطيرة على صحة مستعمليها أو مستهلكيها. عدد كبير من هذه المواد والمنتجات (التي تصنف يصنف في خانة الأدوية من المفروض أن تقتنى لدى الصيدليات أو محلات خاصة ومراقبة)، تعرض بطريقة فوضوية وعشوائية على أرصفة الطرقات ، في الساحات والأسواق في ظروف غير مناسبة ولا صحية كالكريمات والمراهم والدهون التي يجب أن تحفظ في درجة مائوية لا تتعدى 6 درجات، بعيدة عن حرارة أشعة الشمس والهواء الطلق والغبار المتطاير واللمس وعمليات التجريب وغيرها من الأوضاع والأفعال والأعمال التي تفسدها وتساهم في تحلل المواد الكيماوية المركبة منها…
“إن المواد الأولية لهذه المنتوجات الذي يصنف بعضها في خانة الأدوية ، يتحلل في هذه الظروف ويصبح مادة غير صالحة للاستعمال بل تصبح ضارة بالبشرة وتسبب جميع الأمراض الجلدية كالإكزيما بمجرد أول اتصال وملامسة مع البشرة، حيث يتحول ذلك إلى إكزيما حساسية…” يوضح الدكتور محمد توفيق بللحسن أخصائي أمراض الجلد ، الشعر والأظافر ، التجميل ، الليزر بوجدة. وأوضح أن استعمال تلك المستحضرات والمواد تتسبب في الفطريات والحساسية والحروق وإتلاف الجلد ، والأخطر هو أن طول واستمرار استعمال الدهون والمراهم التي تتكون من “الكوتيكويد” (هرمونات/مادة كمياوية تؤثر على الجلد)، تتسبب في تجاعيد وتشوهات لا على مستوى المنطقة المعالجة بل تتجاوز ذلك إلى جميع المناطق وباتالي تتأثر بذلك على المدى الطويل الكلى والغدد وهي نفس المضاعفات التي تنتج عن تناول الأقراص. “إن استهلاك هذه المواد وبهذه الطريقة سيخلق مشكلا للصحة العمومية على المدى الطويل نظرا لتكاليف العلاج الذي تسببت فيه هذه المواد والمستحضرات المروجة بشكل غير قانوني”.
مواد تكميلية تحولت إلى ضرورية
لقد أصبحت مواد التجميل موضة عند الشابات والشباب وتحول الاعتناء المفرط بهندامهم ومظهرهم إلى هاجس باستعمالهم اليومي لمواد التجميل سواء على مستوى الشعر وبشرة الوجه والعطور والمساحيق وغيرها ، بل أصبحت بعضها من الضروريات لديهم ويصطحبونها معهم في محافظهم وحقائبهم اليديوية والكتفية، “لا يمكن لي أن أتوجه إلى مؤسستي دون أن أضع “الجيلGel ” على شعري وأصنع منه الصورة التي تعجبني وتوافق ذوقي وتفاجئ أقراني…” يقول جليل تلميذ بإحدى الثانويات، ثم يواصل زميله “أنا شاب ولا بدّ أن أعتني بمظهري أمام أقراني بل أحاول أن أتفوق عليهم أمام صُحيْباتي باستعمال العطور ذي الجودة العالية وحتى الكريمات للوجه ضد حبّ الشباب لكي أبدوَ جميلا وأنيقا…”، وتوضح إحدى الفتيات أن حقيبتها التي لا تفارقها لا تخلو من مواد التجميل الخاصة بها من أحمر الشفاه والبودرة من مسحوق البشرة والكريمات المُلمِّعة والزيوت المُرطبة والعطور وغيرها…
“يفضل العديد من الفتيات اقتناء مواد التجميل من الأسواق والساحات والطرقات بالمدينة القديمة، وهي مواد في متناول الجميع والّتي تتراوح أثمانها ما بين درهم واحد و5 دراهم، ومنها بعض الكريمات ب10 دراهم فيما تصل أثمان بعض المواد الخاصة إلى 20 درهما وأكثر ببعض المحلات التجارية المختصة في بيع مواد التجميل…” تصرح حياة إحدى المجملات مسؤولة عن مدرسة التجميل والحلاقة، ثم تشير إلى أن أغلب تلك المواد مهربة وغير صالحة للاستعمال ومضرة بالصحة وتباع بأبخس الأثمان في الوقت الذي تصل أثمانها الحقيقية بالصيدليات أو المتاجر عشرة أضعاف أثمانها بالأسواق العمومية والسوق السوداء، “مادة نستعملها دائما في تطهير البشرة يبلغ ثمنها الحقيقي 300 درهم في الصيدلية تباع في الأسواق بأقل من 60 درهم”.
خلائط مقلدة ومغشوشة
“حسب دراسات عديدة، جلّ هذه المواد مقلدة ومزورة ومهربة فاسدة، وهي مع الأسف تكميلية ونحن نقوم بدورنا التحسيسي تجاه المواطن الذي تجذبه الأسعار الرخيصة على حساب صحته وسلامته” يصرح الدكتور إدريس بوشنتوف صيدلي عضو جمعية فضاء الصحة ورئيس النقابة الجهوية لصيادلة مدينة وجدة.
يعض الأشخاص أو هؤلاء الذين يدعون التخصص في الأعشاب يقومون بخلط مواد وتهييء مستحضرات ويبيعونها للمواطنين بأسماء معروفة كالواقي الشمسي “إكران طوطال Ecran total” الذي يباع في الصيدليات ب195 درهم في الوقت الذي يتم ترويجه بأقل الأثمنة. وبعد استعماله ينتج عنه حروق عل مستوى الوجه.
“إن استعمال بعض مستحضرات ومواد التجميل المروجة في الأسواق دون استشارة الطبيب بصفة مستمرة يؤدي إلى إتلاف البشرة يتطلب بعدها العلاج شهورا عديدة لاستدراك ما تم إتلافه وإفساده، مع ما يتطلبه من مصاريف كبيرة بالإمكان تجنبها لو زار الشخص المعني الطبيب” ينصح الدكتور محمد توفيق بلحسن أخصائي أمراض الجلد ، الشعر والأظافر، التجميل ، الليزر بوجدة. ويذكر بأنه يجب إعادة النظر في التعويض عن بعض الأدوية غير المؤدى عنها من طرف التعاضديات ومؤسسات التأمين بحكم تصنيفها ضمن خانة مواد التجميل، الأمر الذي يساهم في ظاهرة اقتناء هذه المواد بالأسواق وليس بالصيدليات.
حجز كميات كبيرة من مواد التجميل المهربة الفاسدة
في أكبر عملية غير مسبوقة، تمكنت مصالح المكتب الوطني للسلامة الصحية للمنتجات الغذائية وعناصر المصلحة الولائية للشرطة القضائية بمدينة وجدة، مساء الثلاثاء 14 يناير2020، من حجز مئات الأطنان من المواد الغذائية والأعشاب المعدة والمخزنة في ظروف غير صحية، وكميات كبيرة من بضائع ومنتوجات استهلاكية من أصل أجنبي خاضعة لمبررات الأصل، فضلا عن سلع مقلدة وأخرى تحمل علامات تجارية مزيفة.
وحجزت الكميات الكبيرة من المنتوجات الغذائية والسلع الاستهلاكية داخل مستودعين يتكونان من عدة طوابق في أحد الأحياء السكنية بمدينة وجدة بمثابة “وحدة صناعية سرية”، في ظروف تنعدم فيها شروط الصحة والسلامة المفروضة في هذا النوع من المنتجات، مضيفا أنه تم ضبط معدات ميكانيكية وأخرى إلكترونية ومواد أولية تدخل في تحضير وتلفيف وتجميع هذه السلع وعرضها للتداول.
وداهم المكتب الوطني للسلامة الصحية للمنتجات الغذائية ( أونسا ONSSA) وحدة صناعية سرية بها معدات ميكانيكية وأخرى الكترونية ومواد أولية تدخل في تحضير وتلفيف وتجميع هذه السلع وعرضها للتداول بوجدة، لا تتوفر على الاعتماد او الترخيص الصحي الممنوح من طرف المكتب الوطني للسلامة الصحية للمنتجات الغذائية وحجزت كمية كبيرة من المنتجات داخل الوحدة تعتبر ذات مصدر مجهول وتشكل خطرا على صحة وسلامة المستهلك إضافة إلى مواد كيميائية (الشّبّ) تستحمل في المحلول السكري لصناعة المربى والمضافات ، كما أن العنونة على العلب غير مطابقة للمنتوج ولا تحمل تواريخ الإنتاج والصلاحية ولا تحمل رقم رخصة المكتب الوطني للسلامة الصحية للمنتجات الغذائية.
وعملت مصالح المكتب الوطني للسلامة الصحية للمنتجات الغذائية (المصلحة البيطرية ومصلحة مراقبة المنتجات ذات الأصل النباتي ( مصلحة قمع الغش سابقا)) على حجز 500 طن من هذه المنتجات الفاسدة والخطيرة، منها المربى بجميع أنواعه، الأعشاب العطرية والمجففة ، الأدوية الصالحة لكل مرض، مواد التجميل، الزيوت المستخرجة من مواد نباتية، حبوب اللقاح، غذاء ملكات النحل، مقويات جنسية، مبيدات القمل، سوائل تنظيف الشعر، كميات كبيرة من الحليب في براميل من سعة 200 لتر لتصنيع المرهمات، مواد لتصنيع الخل ، وأخطر من كلّ ما سبق إعادة تعبئة ماء زمزم في قارورات بمياه عادية.
وتمّ إيداع مالك هذه المستودعات ومسيرين آخرين (2) تحت تدبير الحراسة النظرية على خلفية البحث القضائي الذي أمرت به النيابة العامة المختصة، للكشف عن كافة ظروف وملابسات إعداد وترويج هذه المواد المضرة أو التي يشتبه في إضرارها بالصحة العامة.
وتم تحرير محاضر مخالفة في حق صاحب الوحدة من أجل صنع مواد غذائية خطيرة بدون ترخيص المكتب الوطني للسلامة الصحية للمنتجات الغذائية، حيازة مواد كيميائية بدون شرعية واستعمالها في التزوير والغش، صنع وتوضيب مواد غذائية ذات عنونة غير مطابقة للقوانين الجاري بها العمل، زهي المخالفات المنصوص عليها في الفصول 4-5-6 من قانون 13-83 (قانون قمع الغش)، والمنصوص عليها في الفصول 25-26 من قانون 07-28 المتعلق بالسلامة الصحية للمنتجات الغذائية التي تنص عقوباتها على السجن من 6 أشهر إلى 5 سنوات .
للتذكير، تنصح مصالح المكتب الوطني للسلامة الصحية للمنتجات الغذائية جميع المواطنين بالابتعاد عن المنتجات التي لا تحمل علامة العنونة وتواريخ الإنتاج والصلاحية ورخصة المكتب الوطني للسلامة الصحية للمنتجات الغذائية.