هولندا : فيروس كورونا ومحنة الجالية المغربية مع دفن موتاها .
بقلم لحسن بنمريت ـ هولندا
يعيش في هولندا أزيد من 400.000 نسمة من الهولنديين من أصل مغربي . وهم موزعون على المدن الأربعة الكبرى أمستردام وروتردام وايتريخت ولاهاي، اضافة الى المدن ألأخرى .عدد الحالات المسجلة من الوباء المتفشي الى حد كتابة هذه السطور هو 4749 شخص توفي منهم 213 ويتراوح عمر المتوفين بين 55 و97 سنة ومعدل الوفيات هو 82 سنة .علما أن الأيام الثلاثة ألأخيرة من 21 الى 23 مارس ماتوا بالتوالي 30 ثم 43 ثم 34 شخص كل يوم .أغلب الحالات المسجلة والمصابة هي من منطقة تسمى ت نورت برابونت ـ والسبب الرئيسي هو أن مجموعة كبيرة تقطن بهذه الجهة زارت ايطاليا في عطلة سابقة ورجعت بالعدوى . ومما زاد الطين بلة، هوالاستهانة بالأمر وعدم تقديرحجم الخطورة حيث نظم ” كرنفال سنوي” للرقص شارك فيه الالاف دون وقاية وحذر. نتج عن ذلك انتقال الوباء الى الكثير منهم .المشكلة الكبرى هي أن المستشفيات في تلك المنطقة لم تستطع استيعاب عدد المصابين وطلبت النجدة من مستشفيات أخرى. البعض منها رفض الأمر لعدم القدرة وخوفا ان تنتشر العدوى. حتى تدخل الجيش الى جانب الطواقم الطبية ونقل المرضى الى شمال هولندا وليس الى وسطها .
المشكلة الأولى التي واجهت هولندا هي عدم الحزم. حيث تردد الوزيرالأول “السيد مارك روت” في اتخاذ القرار بغلق المدارس والمؤسسات التعليمية الا بعد أسبوع من نقاش بيزنطي ، حيث كانت مبررات الوزيرغير مفهومة وغير مقنعة بالمرة للشعب الهولندي. حتى أخذ النقاش في البرلمان منحى آخر وضغط الخبراء بثقلهم وتم أخيرا اتخاذ القرار بغلق المؤسسات واعطاء التعليم عن بعـد . وعموما ورغم التزام الجميع بالتعليمات، لا زال هناك نوع من التراخي والثغرات وستحسم في الساعات القادمة من كتابة هذه السطور .علما ان المسؤولين في بلجيكا لاموا زملائهم في هولندا على بعض التدابير الغير كافية مثل السماح لسوق شعبي مكتض بمدينة بريدا القريبة من الحدود البلجيكية بحوالي40 كلم .لكن المشكل الذي يتخوف منه جل الخبراء سواء في المانيا اوهولندا وباقي الدول الأوروبية الأخرى، هو أن عدد المصابين بالعدوى غير دقيق وربما يكون أضعاف الأرقام المعلنة، كون المواطنين ربما يكونون يحملون الفيروس دون معرفتهم بذلك ودون أعراض ظاهرة. وهذا لا قدر الله ان حدث ، سيؤرق كل البلدان وستحدث الكارثة ونطلب الله السلامة .
فيما يخص المواد الغذائية متوفرة وموجودة رغم الهلع والخوف الذي أصاب المواطنين والمواطنات وخصوصا بعض الجنسيات الذين تهافتوا على تكديس بعض البضائع مثل الطحين والزيت والسكر وأقراص الدواء من نوع باراسيطامول ولكن سرعان ما عادت الأمور الى نصابها .
أما بالنسبة للجالية المغربية فمحنتها مزدوجة .الفيروس الخطير من جهة ، حيث لا أحد يعلم اين وكيف ستسير الأمور.ومن جهة أخرى، تبقى عملية الدفن كابوسا مرعبا من جهة اخرى . حيث أن هناك وفيات طبيعية وقعت هذه الأيام بهولندا اضافة الى ضحايا متوقعة بسبب الوباء . وحيث أن الأجواء بالمغرب مغلقة ولايمكن نقل الجثت الى المغرب، بات الحل المتوفـرهو الدفن بالمقابرالهولندية لأن المقابرالاسلامية قليلة جدا رغم أن هناك أخوان جازاهم الله خيرا من مؤسسة ” “بيبين ” يسارعون الزمن لفتح مقبرة في الأيام المقبلة .من ناحية أخرى، ليس الدفن في مقبرة هولندية هوالعائق، بل المصاريف المرتبطة بذلك هي المشكل ، حيث تصل احيانا الى 9000 أورو. أما ،صناديق التأمين المتعاقدة مع البنك الشعبي على سبيل المثال تعوض فقط 3500 أوروكحد أقصى . وعائلات المتوفي أوالمتوفية مطالبة بأداء الفارق وهذا مع الأسف ليس في متناول الجميع .مشكل آخر مطروح كذلك ، هو أن بعض المقابـر التابعة للبلديات تقبل الدفن بثمن اقل وفي حدود 1500 أورو ولكن المدة لبقاء الرفاة هي 10 سنوات فقط . وبعذ ذلك اما أن تؤدي عائلة المتوفي مصاريف جديدة ل 10 سنوات أخرى وغالبا ما تكون مرتفعة .واذا لم يتم ذلك فمع الأسف تجمع الرفاة من القبر وتحرق .
من جهتنا كفعاليات تهتم بشؤون الجالية المغربية، تواصلنا باستمرار مع القنصليات المغربية ومع السفارة لمساعدة اخواننا لتجاوز هذه المحنة .وأول عمل قمنا به، هو معرفة تكاليف الدفن في أغلب المقابرالهولندية لمعرفة الجهات التي تطلب اثمنة معقولة وستكون في متناول الجالية. الأمرالثاني نتمنى أن تتعاون معنا صناديق التأمين لضخ مساعدات اضافية لعائلات المتوفين حتى يتغلبوا على التكاليف الاجمالية. واخبرا نتمنى أن تكون لوزارة الجالية كلمتها ودعمها في هذا الموضوع . نتمنى للجميع الصحة والعافية واللطف من الله عز وجل .