ذاكرة مدينة وجدة المعرفية: خديجة نكروف – الحلقة 32
بدر المقري
تعتبر هذه الحلقة من سلسلة (ذاكرة وجدة المعرفية)، ذيلا وتكملة للحلقة الماضية التي خصت بالتعريف بأحد أعلام مدينة وجدة من (آل نكروف). ولعل الأجدر أن نمهد حلقة اليوم، بالإشارة إلى أن من أولى أولويات مجتمعنا، بعد أن يرفع الله هذا الوباء، ليس القيام بمراجعات ذاتية وموضوعية فقط، بل أيضا السعي الحثيث لتنزيل الثقافة والفن والفكر والمعرفة في أبعادها العالمة، في واقعنا اليومي المعيش.
وكدت أختصر رهانات ذلك التنزيل، في المعادلات الآتية:
-أعطني ثقافة عالمة، أعطك مواطنا سويا.
-أعطني فنا عالما، أعطك مواطنا سويا.
-أعطني فكرا عالما، أعطك مواطنا سويا.
-أعطني معرفة عالمة، أعطك مواطنا سويا.
وإيمانا مني بدور التربية على القيم الجمالية في بناء الإنسان، فقد تعمدت أن أخص هذه الحلقة من هذه السلسلة التوثيقية، بالتعريف بسيدة وجدية أقصيت في مدينتها أيما إقصاء. فلم يعد كيانها العائلي فقط أثرا بعد عين في مدينة وجدة، بل أن الذين حاولوا كتابة تاريخ الفنون التشكيلية بوجدة لم يسمعوا بها قط، مع العلم أن صيتها ذاع دوليا !
إنها السيدة خديجة نكروف التي ولدت بوجدة، في محيط عائلي اشتهر بالانتساب إلى العلم والمعرفة والثقافة.
ويكفينا التذكير هنا بأن خديجة نكروف، أنموذج حي لتقاطع مشهدين عائليين لهما بصمات علمية ومعرفية وثقافية وإنسانية، أرجو أن لا يطويها النسيان في مدينة وجدة:
عائلة (سيناصر) وعائلة (نكروف)، وكلتاهما وفد على مدينة وجدة من مدينتي (معسكر) و(تغنيف) (في الغرب الجزائري)، في بداية القرن 19.
وإذالم أكن معنيا في هذه الحلقة بتقديم تفاصيل تجربة خديجة نكروف في الفنون التشكيلية، فإنني سأنبه على معالم كبرى في مسارها المعرفي والإبداعي:
1- اختصاصها بعلم النفس.
2- إقامتها في فرنسا والولايات المتحدة الأمريكية و الجزائر ولبنان (1973-1994).
3- تنقلها لدواع عائلية، ما بين الرباط وجنيف (سويسرا).
4- نظمت كبرى معارضها التشكيلية في: وهران-(جنيف) و (لوزان) و (مونترو) (سويسرا) -باريس-(غرونوبل) (فرنسا)- الرباط-الدار البيضاء-مراكش (1973-2001).
5- تأثرها في معظم لوحاتها الفنية بالأجواء الروحية التي بقيت راسخة في ذهنها، منذ أيام الصبا بمدينة وجدة.
6- تعتمد خديجة نكروف في معارضها التشكيلية، تصورات فكرية متنوعة تشد عضدها في ما تسعى إلى التعبير عنه بالريشة. ومن نماذج ذلك، أنها مهدت معرضها في مدينة (غرونوبل)، في أكتوبر 1990، بالآية الكريمة: (اللَّهُ نُورُ السَّمَوَاتِ وَالارْضِ ۚ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ ۖ الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ ۖ الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبَارَكَةٍ زَيْتُونَةٍ لَا شَرْقِيَّةٍ وَلَا غَرْبِيَّةٍ يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ ۚ نُورٌ عَلَىٰ نُورٍ ۗ يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشَاءُ ۚ وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ ۗ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ) ﴿ سورة النور-35﴾