ذاكرة مدينة وجدة المعرفية: محمد بناصر سيناصر(1907-1970) – الحلقة 33
بدر المقري
أليس محقوقا بمن أدرك قيمة الرجال في مسارعتهم إلى المكرمات، أن تلزمه أخلاقيات الذاكرة الجماعية بالسعي إلى رفع شأوهم؟ ولعل ذلك، ما قصد إليه القاضي عياض السبتي (توفي بمراكش سنة 544 هجرية)، عندما قال لتلاميذه: ما لكم تقرؤون علينا، ولا تترحمون علينا؟ فقيل له: كيف نترحم عليكم وأنتم بقيد الحياة؟ فقال: برفع شأننا.
ترى ماذا يقول القاضي عياض، عن زمان امتزج فيه الجهل بالرداءة وتصدر المجالس والكبر والبحث عن الشهرة والعجب والجحود؟
أليس غريبا وعجيبا أن يكون من اخترناه في حلقة اليوم من سلسلة ذاكرة مدينة وجدة المعرفية، نكرة لا يسمع بها الناس، وكأنه وأعلام أسرته لم يشغلوا بال الناس في مدينة وجدة ولم يملأوا دنياهم، منذ بداية القرن 19 ؟
إنه المفضال، محمد بناصر بن الحاج العربي سيناصر الحسيني، الذي ولد بمدينة وجدة سنة 1907.
وإذا ذكرنا اسم عائلة (سيناصر)، فإن المفضى ولاشك إلى اشتهارها بالعلم. فوالده هو شيخ علماء وجدة، العلامة الحاج العربي سيناصر(توفي بوجدة سنة 1932)، وجده هو شيخ علماء وجدة وبني يزناسن وغرب الجزائر، العلامة سيدي الحبيب بن المصطفى سيناصر الحسيني(توفي بوجدة سنة 1904).
ويمكن إيجاز مسار محمد بناصر سيناصر، في ما يأتي من المحطات الرئيسة:
1- أمه هي السيدة حليمة من ذرية سيدي علي أوسعيد، قرب تافوغالت.
2- دراسته العلوم الشرعية، في المدرسة العلمية الملحقة بالجامع الكبير.
3- شهادة الباكالوريا (1923-1924).
4- الجمع ما بين الثقافة العربية الإسلامية و الثقافة الفرنسية.
5- أسس بمدينة وجدة لجنة مناهضة الظهير البربري، الذي أعلنته الإدارة الاستعمارية الفرنسية يوم 16 ماي 1930. ومن أبرز أعضاء اللجنة: أحمد بن دالي، وأحمد بن عودة، وبوقنطار مسواك، رحمهم الله.
6- أشرف مع علال الفاسي والحاج عمر بن عبد الجليل وعبد السلام الوزاني، على تأسيس أول مدرسة حرة بمدينة وجدة على عهد الحماية، سنة 1935. وقد نظم حفل التدشين في دار (بوزيان الحيلة)، قرب باب الغربي.
7- اعتقلته الإدارة الاستعمارية الفرنسية، سنة 1936.
8- حكم عليه بالسجن سنتين(1937-1939).
9- عينته كتلة العمل الوطني في يناير 1937، عضوا في مجلسها الوطني ومندوبا لمجموع شرق المغرب.
10- أصبح ممثلا لكتلة العمل الوطني بالمغرب، في التنسيق مع الحركة الوطنية في الجزائر وتونس (1939-1944).
11- هو أحد الموقعين على وثيقة المطالبة بالاستقلال يوم 11 يناير 1944، نيابة عن أهل شرق المغرب.
12- اعتقلته الإدارة الاستعمارية الفرنسية يوم فاتح فبراير 1944، وحكمت عليه بالسجن عاما نافذا في معتقل عين علي مومن بسطات، وأطلق سراحه يو 09 فبراير 1945.
13- جمد محمد بناصر سيناصر سنة 1948، مسؤولياته الحزبية لدواع ذاتية وموضوعية.
14- اعتقل إبان انتفاضة 16 غشت 1953 بوجدة، ثم أطلق سراحه.
15- عين بعد الاستقلال رئيسا لمحكمة السدد ببركان (1957-1962)، ثم انتقل إلى المحكمة الإقليمية بفاس.
16- أصابته نوبة قلبية ليلة الأحد 13 شتنبر 1970، وهو مع زوجته في زيارة عائلية بالرباط، فألح على أن يدفن بمدينة وجدة.
17- لا يمكن التعريف بمحمد بناصر سيناصر رحمه الله، دون التلميح إلى الدور الكبير لزوجته السيدة زليخة بوشنتوف رحمها الله. وقد لمست من كثب في هذه السيدة الجليلة، خصال الحكمة والحياء والإيمان والصبر والحلم وخفض الجناح، ما يجعلني أعتبرها قيمة مضافة إلى حياتي، بالإضافة إلى اعتبارها من مفاخر مدينة وجدة.
18- أولادهما: أحمد، زازا، عبد السلام رحمه الله، محمد الحبيب رحمه الله، محمد علال شفاه الله، محمد جمال الدين رحمه الله، محمد أمين، خيرة.
19- تجاذبت منذ ما يفوق 20 سنة، أطراف الحديث مع الأستاذ محمد علال سيناصر شفاه الله حول والده رحمه الله، فاستفاض في الحديث عن العلاقة الخاصة التي جمعته بالزعيم علال الفاسي، حتى اختار اسم (علال) لولده، و قال لي شعرا:
سلوا بوجدة عمن كان منذ وعى
هناك ظلا لعلال تأساه
وليكفني شرفا أسمى بتسميتي
علال من شيد في العليا له جاه