هل استعمال الهاتف بتقنية البلوتوث من طرف سائق السيارة يعتبر مخالفة للسير
كانت مواطنة تتولى سياقة سيارتها بمدينة القنيطرة وهي تتحدث بالهاتف باستعمال تقنية البلوثوت في سيارتها فطلب منها شرطي المرور التوقف وتسليمه وثائق السيارة وهو ما استجابت له ليخبرها بأنها ارتكبت مخالفة مسك الهاتف باليد أثناء السياقة، طالبا منها انتظار قدوم شرطي آخر لتحرير المخالفة لكونه لا يملك الصلاحية لذلك. فما كان لهاته السيدة إلا أن تخبره أولا بأنها لم ترتكب أية مخالفة مادامت تتحدث بالهاتف باستعمال تقنية البلوثوت و ليس ممسوكا باليد ، و ثانيا بأنه من غير المعقول أن تنتظر شخصا ليحرر مخالفة لم يقم بمعاينتها خلافا لما يستوجبه القانون. ليكون رد الشرطي بأنه لا ينتظر مرافعة في الشارع العام و بأن القانون الذي يطبق قانونه هو. و بعد أخذ و رد تشبث كل طرف بموقفه، لتضطر السائقة لانتظار 35 دقيقة حضر بعدها شرطي آخر ليحرر مخالفة لم يعاينها و يسحب منها رخصة السياقة و يسجل ذلك في المحضر بخط يده كنوع من التحدي لخرق القانون رغم تنبيهه إلى أن فعله هذا يشكل تزويرا.و هي الملاحظة التي سجلتها السائقة في محضر المخالفة، رافضة أداء الغرامة لنيتها التوجه للقضاء للمنازعة في هاته المخالفة.
تقدمت السائقة بواسطة دفاعها بطلب إلى السيد وكيل الملك لدى المحكمة الابتدائية بالقنيطرة من أجل المنازعة في المخالفة المنسوبة إليها بعد أداء الحد الأقصى للغرامة و هو 1000 درهم كما تقضي بذلك مدونة السير، موضحة من حيث الشكل بأن المادة 191 من هاته المدونة أعطت للأعوان و الضباط المؤهلين صلاحية المعاينة المجردة أو المعاينة على اساس معلومات إلكترونية و ليس هناك طريقة ثالثة أو رابعة يمكن سلوكها ، و أن المادة 194 ألزمت العون محرر المخالفة بتحرير محضره طبقا للمادة 24 من قانون المسطرة الجنائية التي تفرض عليه ألا يضمن في المحضر إلا ما عاينه أو تلقاه شخصيا أو ما قام به من عمليات ترجع لاختصاصه. مؤكدة بأن العون محرر المحضر لم يعاين المخالفة لا بالعين المجردة و لا على اساس معلومات إلكترونية ، بل أخبر بذلك من طرف زميله بعد مناداته عليه و حضوره بعد 35 دقيقة من الوقت المزعوم لارتكاب المخالفة و هو ما يشكل خرقا للنصوص المثارة ملتمسة التصريح ببطلان محضر المخالفة.
و من حيث الموضوع أوضحت بأن محضر المخالفة المحرر من طرف شرطة المرور نسب لها مخالفة لا وجود لها في مدونة السير أصلا و هي مخالفة مسك الهاتف باليد أثناء السياقة. مذكرة في هذا السياق بأن هاته المخالفة التي كانت ضمن النص الاصلي لمدونة السير في مادتها 185 لم يعد لها وجود بعد تعديل المادة المذكورة منذ غشت 2016 حيث أصبحت المخالفة تتمثل في الاستعمال أو التحدث بالهاتف ممسوكا باليد أثناء السياقة. و شتان بين مسك الهاتف باليد أثناء السياقة و الاستعمال أو التحدث بالهاتف ممسوكا باليد أثناء السياقة.إذ أن الفعل المجرم الذي يعتبر مخالفة ليس مجرد مسك الهاتف باليد أثناء السياقة بل إن المخالفة لا تكون قائمة إلا إذا كان السائق يستعمل الهاتف بيده أو يتحدث به و هو ممسوك بيده أثناء السياقة. أما إذا كان السائق يستعمل تقنية البلوثوت في سيارته غير ماسك الهاتف بيده فإن الفعل لا يعتبر مخالفة.كما أن مسك الهاتف أثناء السياقة دون استعماله أو التحدث به لا يشكل بدوره مخالفة. و هو ما شرحته السائقة لشرطي المرور قبل تحرير المخالفة لكنه رفض سماع ذلك. فما هو رأي القضاء في هاته الخروقات ؟
إن رأي القضاء و باعتباره الضامن الأول للحقوق و الحريات و الساهر على التطبيق السليم للقانون ، جاء مطابقا تماما لرأي السائقة ولنصوص المواد 191 و 194 و 185 من مدونة السير ، لما اعتبر بأن العون الذي حرر المحضر لم يكن له الحق في ذلك لكونه لم يكن حاضرا و لم يعاين شيئا فقضى في الشكل ببطلان المحضر . و في الموضوع ببراءة المتهمة من المخالفة المنسوبة إليها لكون التحدث بالهاتف باستعمال تقنية البلوثوت في السيارة لا يشكل مخالفة. كما قضى بإرجاع المبلغ المودع في صندوق المحكمة كحد أقصى للغرامة لفائدة المتهمة. و هو الحكم الذي أصبح نهائيا و حائزا لقوة الأمر المقضي به بعد انتهاء أجل الطعن فيه بالنقض.ليؤكد القضاء بأن ما قام به هذا الشرطي و غيره من الأعوان و الضباط المكلفون بمراقبة السير مخالف تماما للقانون. و يشكل في نظرنا ليس فقط شططا في استعمال السلطة يرتب مسؤولية الإدارة عن التعويض عن الضرر ، بل فعلا جرميا يستحق المتابعة. و يقتضي من جانب آخر تدخل الجهات المسؤولة لتدارك هذا الخلل بإعطاء التوجيهات اللازمة لتفادي هاته الأخطاء مستقبلا في حق السائقين لما تشكله من تعسف في حقهم و عرقلة لحريتهم في التجول دون مضايقة.
#منقول#