الفرنسية أم الإنجليزية؟ أيهما أفضل؟
يحيى تربي
في الحقيقة و الواقع كلاهما لغتا الاستعمار و الإمبريالية و الرأسمالية المتوحشة، و التمييز و الإقصاء. و لكن بما أننا أمام خيارين، في غياب الإسبانية، نظرا لقلة الإقبال عليها، و إذا كان لا بد من اختيار لغة أجنبية تدرس لأبناء المغاربة إلى جانب لغتهم الأم، فالأفضل لهم أن يدرسوا و يتعلموا الإنجليزية، كونها لغة الماضي و الحاضر و المستقبل؛ الصالحة لكل زمان و مكان، مادامت العربية غير قادرة على منافسة اللغات الحية.
لقد أثبتت الابحاث و الدراسات في العالم بأن الإنجليزية لغة العلوم و التكنولوجيا و الفنون و الأدب و الفكر بامتياز. أما النموذج الفرانكوفوني و مشروع فرنسة العالم قد باء بالفشل، بل أصبحت فرنسا ذاتها تبحث لنفسها عن نموذج تنموي جديد في النموذج الأنكلوسكسوني الناجح و الفعال، الذي تبناه أزيد من مليارين و نصف من سكان العالم؛ بل أصبح الكل ينهل من التجارب الانكلوسكسونية للخروج من التخلف. لذلك ليس هناك أي إقبال على اللغة العربية في الثانويات و الجامعات الفرنسية؛ حيث تبقى الإنجليزية اللغة الأجنبية المفضلة لدى أغلبية الطلبة الفرنسين، عن باقي اللغات الأخرى. ففي الوقت الذي تتكثل فيه الدول الناطقة بالإنجليزية، و حتى بعض الدول غير الناطقة بالإنجليزية، في منظمة الكومونويلث Commonwealth، محققة بذلك مجتمعا متجانسا و تنمية بشرية مستدامة و قوة إقتصادية و تجارية و مالية لا تظاهيها الا الصين و اليابان، مازالت فرنسا و مستعمراتها تبحث لنفسها عن حل لأزمة الهوية الوطنية التي تتخبط فيها مجتمعاتها منذ وقت طويل. و قد يلاحظ المرء بأن أغلب الأشخاص الذين تعلموا اللغة الفرنسية و تثقفوا ثقافة فرانكوفونية يصابون بنوع من الانفصام في الشخصية و الهوية، و بتقلبات في المزاج و اضطرابات في التعامل و السلوك، مقارنة بالذين تمسكوا بلغتهم و ثقافتهم العربية، أو الذين نهلوا من اللغة و الثقافة الأنكلوسكسونية المعاصرة.
من جهة أخرى، فالتلميذ أو الطالب المغربي قد يتقن اللغة الإنجليزية، لكون طريقة تلقينها و تعلمها تعتمد طرقا بيداغوجية متطورة، و مناهج و وسائل سهلة و مبسطة، أحسن من الفرنسية التي يصعب عليه تعلمها و استيعابها و فهمها، بسبب صعوبة و تعقيد قواعد النحو و الصرف التي تميزها
لهذا، كل من أراد التطور و التفوق و النجاح و الاسنمرار في ذلك، عليه بإتقان اللغة الإنجليزية.
و بما أن المغرب يولي أهمية كبرى للتعليم و البحث العلمي، كونهما أساس كل تقدم و ازدهار، تبقى الإنجليزية هي الحل و الاختيار الأمثل.