دور وسائل التواصل الاجتماعي في التطويح بالمواطن العادي في متاهات الشكوك بخصوص ما يتداول من أخبار حول جائحة كورونا
دور وسائل التواصل الاجتماعي في التطويح بالمواطن العادي في متاهات الشكوك بخصوص ما يتداول من أخبار حول جائحة كورونا
محمد شركي
بالموازاة مع الإعلام الرسمي الذي ينقل يوميا أخبار جائحة كورونا من خلال أرقام وإحصائيات تتعلق بالمصابين والمتعافين والأموات، توجد وسائل تواصل اجتماعي وهي الأكثر والأوسع انتشارا تنقل أخبار أخرى تطوح بالمواطن العادي في متاهات الشكوك ، فلا يدري ما يصدق منها وما يكذب .
فعلى سبيل المثال لا الحصر تداولت هذه الوسائل مؤخرا خبرين الأول مفاده أن المملكة المتحدة قد عدلت عن تصنيف كوفيد 19 كوباء معد وخطير، وصار تصنيفه عندها كمرض من الأمراض العادية مع تعقيب على الخبر جاء فيه “وانتهت اللعبة “، أما الخبر الثاني، فعبارة عن فيديو صور شارع من شوارع العاصمة السويدية والمارة فيه لا يضعون كمامات كما هو الحال في كل أرجاء المعمور .
ومن المعلوم أن وسائل التواصل الاجتماعي نفسها تحوم حولها الكثير من الشكوك ، ولا سبيل إلى التأكد من صحة ما تنقله، بعدما كشف النقاب عن تقنيات التزوير التي تبيّن أنها تعبث بقسمات السحنات وبالشفاه ،فتقّول أصحابها ما لم يقولوا مستعملة نبرات أصوات غيرهم المحاكية لأصواتهم ،الشيء الذي زاد من حيرة المواطن العادي الذي يجد نفسه أمام كم هائل من الأخبار المتعلقة بالجائحة تتأرجح بين التحذير الشديد منها وبين التهوين من شأن خطورتها ، ولم يدر هذا المواطن المسكين ما الذي يصدقه منها وما الذي يكذبه .
ومنذ بداية الجائحة تضاربت الأخبار حولها بين قائل أن فيروسها طبيعي ، وبين قائل إنه مصنع في مختبرات البحوث الجرثومية ، ثم قيل أول الأمر أنه فيروس ثقيل الحجم مقارنة مع غيره من الفيروسات الدقيقة ينط فوق الأرض، لكنه سرعان ما قيل أنه يطير في الهواء أيضا ، فاحتار المواطن العادي أمام هذه الأخبار ولم يجد بدا من الاقتناع بأنه ينط كالضفدع ،ويطير كالطائر أيضا الشيء الذي زاد ذلك من مخاوفه .
واستمر سيل الأخبار عن الجائحة عبر وسائل التواصل الاجتماعي والمتعلقة باختلاف وجهات نظر المنتمين إلى قطاع الصحة من خبراء وأطباء ، فهذا يجزم أن دواء الملاريا فيه علاج لهذا الوفاء المعدي ، وآخر يسفه هذا الرأي ، واحتار المواطن العادي المسكين أيصدق ذلك أم يكذب ؟
ونقلت وسائل التواصل الاجتماعي أخبار الصراع بين القوتين النوويتين الصين والولايات المتحدة بخصوص الجائحة ،فتبادلتا أول الأمر الاتهام كل واحدة منهما ترى أن الأخرى أخفت أسرارا عنها ، ولم تبلغ عن ذلك في حينه ، واحتار المواطن العادي المسكين ، ولم يدر من يصدق منهما ومن يكذب ؟
ونقلت وسائل التواصل أيضا خبرا أفزع المواطن العادي المسكين فزعا كبيرا مفاده أن التلقيح الذي تتنافس القوى العظمى على توفيره الغرض منه عند البعض هو الوقاية من فيروس الجائحة، بينما ذهب البعض الآخر إلى أن الأمر يتعلق بمؤامرة لمهاجمة جهاز المناعة عند الناس بغرض التخلص من عدد ساكنة العالم ، ولم يدر المواطن العادي أيهم يصدق وأيهم يكذب ؟
ونقلت نفس الوسائل أنه سيزرع موازاة مع التلقيح في الأجساد البشرية ما يجعلها تحت مراقبة دائمة من أجل التحكم في حركاتها وسكناتها وعدّ حتى أنفاسها وإحصاء ما تملك وما تنفق وما تدخر …وهلم جرا ، واحتار المواطن العادي أيصدق ذلك أم يكذبه ؟
ولا زالت أخبار وسائل التواصل بخصوص الجائحة تتناسل يوميا والله أعلم أنى ستنتهي ؟ والمواطن العادي في حيرة من أمره ، وذلك في غياب تعقب الجهات المختصة تلك الأخبار بالتمحيص والتوضيح والتعليق بشفافية، للتهدئة من روع المواطن العادي المسكين الذي صار ضحية تلك الأخبار وركبته عقدة “الكورونا ـ فوبيا”.
وعلى الجهات المختصة وذات المصداقية العلمية الدقيقة أن تتولى بيان حقائق الأخبار المنقولة عن الوباء عبر وسائل التواصل الاجتماعي خصوصا تلك الفيديوهات التي يكشف أصحابها عن هويتهم ، ويصرحون بأخبار على ذمتهم وتحت مسؤولتهم .
وإلى أن يتحقق ذلك سيظل المواطن العادي يتخبط بين ما تنقله وسائل التواصل الاجتماعي كل لحظة .