كورونا.. محاصرة الوباء وردع الخطر
الأستاذ منير الحردول
في وضع مفروض على الجميع، وواقع يتسم بتزايد حالات الإصابة بالفيروس المستجد، وزحف الوباء، رويدا رويدا، على الأشخاص والأسر وبعض العائلات، وارتفاع حالات الإصابات بهذا الفيروس الخفي، فيروس يزحف على الأقاليم والمدن والجهات، وفي خضم تزايد عدد المخالطين الذين يقدرون بآلاف الآلاف! وأمام مايطرحه هذا المشكل من صعوبات ومشاكل جمة، يمكن تلخيصها في كيفية وطرق مراقبتهم (المخالطين) وخالطي المخالطين، وتتبعهم بصفة دورية وباستمرار، ومدى التزامهم بتوجيهات السلطات المحلية الصحية الأمنية في ما يخص العزل والحجر الصحيين، والابتعاد عن الاختلاط، وكبح العلاقات الاجتماعية المبنية على تواصل القرب.
وأمام حالات الاستهتار البادية للعيان، وعدم التزام بعض المرضى على ما يبدو بالحجر المنزلي، وخروجهم إلى العلن واتيادهم للأسواق والمقاهي والشوارع، في تجاهل تام لخطر تفشي وانتشار العدوى بين التجمعات البشرية في كل مكان.
فمن الأجدر أن تفكر الدولة، والمؤسسات الصحية المختصة في تتبع زحف هذا الوباء، باللجوء لعملية التنسيق بين قطاعات وزارية أخرى، بعيدا عن إغلاق الأحياء والمدن والتي لم تعد تعطي فعالية كبيرة بحكم ظاهرة الاستهثار واللامبالاة من قبل البعض، بخطر تفشي هذا الوباء المرعب، والنتائج الكارثية التي قد يؤدي إليها هذا الوباء في حالة استمر ارتفاع أعداد المصابين التي أصبحت تتعدى الرقم 5000 إصابة يومية! هذا مع التناسل المرعب للمخالطين ومخاطي المخالطين وهكذا دواليك.
ولعل الارتفاع المخيف نوعا ما لعدد المصابين، أضحى مصدرا ضاغطا على السلطات الأمنية والإقليمية والصحية، بحيث يستحيل ضبط هؤلاء في حركتهم داخل الأحياء، والقرى، والمدن المتناثرة الكثيفة السكان في بعض الأحيان.
لذا، فلم لا يتم استغلال المدارس الجماعاتية مؤقتا بعد توقيف الدراسة لمدة محددة. ما دامت هاته المدارس تتوفر على داخليات وأسرة ومرافق صحية، وبعيدة نسبيا عن أهم التجمعات السكانية، وتعدادها يقدر بالآلاف، وموجودة في كافة الجهات والأقاليم. فنقل المخالطين إليها سيوفر الكثير للدولة والمجتمع والقطاع الصحي ككل، كما سيخخف الضغط الأمني، وييسر عملية مراقبة المخالطين عن كثب وباستمرار، إلى أن يثبت عدم إصابة أي فرد منهم ليعاد لمسكنه وأسرته سالما غانما!
المدارس الجماعاتية غير مكلفة تماما، فالتغدية ستكون متوفرة لهؤلاء (المخالطين)، بحكم الصفقات المرتبطة بتزويد الداخليات لا زالت سارية المفعول، ولا تحتاج لميزانيات جديدة، في المقابل تسهر قوى امنية معدودة على حراسة هؤلاء مع توفير الوسائل اللوجستية والصحية لذلك، و تيسير وسائل الراحة من وسائل الاتصال وغيرها، مع تقسيم هؤلاء المخالطين حسب جنسهم وسنهم، وهذا لن يطرح مشكلا بتاتا، بحكم التعداد الكبير لداخليات المدارس الجماعتية. ومن تم نعمل على محاصرة الفيروس بعيدا عن التجمعات السكانية، بعزل المخالطين وإبعادهم عن أسرهم وأحيائهم، لتفادي التقاط العدوى من أناس آخرين وتخفيف الضغط على الجميع.
هذه الاستراتيجية ستكون بكل تأكيد رادعة لا محالة لكل المستهترين، كما ستساهم في ضبط المصابين والمخالطين، وتعجل بتحسين وضعية القطاع الصحي وتيسير عمل الأطباء والممرضين من حيث المراقبة والتتبع، وجعل السلطات تتجة لضبط الأمور الأخرى كالأمن، واحترام الالتزام بالحجر الصحي من قبل الجميع.
أمام هذا وذاك، يتم بصفة مستمرة ودورية تقييم مدى نجاح هذه الاستراتيجة، والاتجاه إلى فتح بعض المدن، ابتداء من المناطق التي توقف الباء عن الزحف بها، لكن بعد دراسة جد دقيقة، بغية تنشيط الدورة الاقتصادية تدريجيا، لأن الاقتصاد لا يمكن أن يتحمل فترة توقف طويلة، في ظل وضع عالمي يسعى بكل جهد لارجاع الحياة لطبيعيها السابقة، خشية من تكلفة إجتماعية كبيرة، والتي قد تصبح باهظة جدا!