النظام العسكري الجزائري يقتل مجاهديه ويبكي رحيلهم ويسير في جنازتهم
عبدالقادر كتــرة
ودعت الجزائر، يوم الأربعاء 4 نوفمبر 2020 ، شيخ المجاهدين لخضر بورقعة، أحد رموز ثورة نوفمبر المجيدة، الذي أبى إلا أن يكون ثائرا ومناضلا حتى آخر نفس، بعد صراع مع الفيروس اللعين، وهي المعركة الوحيدة التي خسرها القائد في الولاية الرابعة التاريخية في حياة من النضال في وجه الاستعمار ثم ضد النظام طيلة عقود، بتعبير أحد الصحافيين.
الراحل المشهود له بشجاعته ومبادئه، اعتقله النظام العسكري الحالي وسجنه رغم عمره الذي ناهز 87 سنة، بعد مشاركته في مسيرات “الحراك الشعبي”، ورغم ذلك ظل يرفض أن يكون ممثلا له (الحراك) معتبرا أن هذه الثورة هي ثورة شباب الاستقلال، لكن أكسبته لقبا جديدا وأي لقب “مجاهد الثورتين” ، وهو الرائد السابق بالولاية التاريخية الرابعة، الدي سبق أن تم سجنه في عهد الرئيسين السابقين أحمد بن بلة وهواري بومدين.
واعتقل الثوري الوطني الراحل لخضر بورقعة يوم 30 يونيو 2019، والذي مثل أمام قاضي التحقيق في محكمة بئر مراد رايس بالعاصمة الجزائرية، ضمن محاكمة عدد من المعارضين بتهمة “حمل راية غير الراية الوطنية وتوزيع مناشير تدعو للمظاهرات”، بالإضافة إلى تهمة “إهانة هيئة نظامية وإحباط معنويات الجيش”.
ورفض المجاهد الراحل، أحد أبرز قادة ثورة التحرير الجزائرية، الاعتراف بهيئة المحكمة وبالنظام السياسي القائم، قبل أن يتقرر إرجاعه إلى السجن. وأثارت عملية اعتقال الأخير جدلا كبيرا في الساحة السياسية بالنظر إلى تقدمه في السن (87 سنة)، وأيضا بسبب حالته الصحية.
جنرالات الجزائر لم يوقروا المجاهد الراحل بورقعة حياً ، ويعملون عل استغلال وفاته لتلميع النظام العسكري الجزائري بعد تعيين ممثل لهم لتعداد مناقب الراحل في شخص الوزير الأول، عبد العزيز جراد، في رسالة تعزية إلى أسرة الفقيد ، قائلا “إن المجاهد لخضر بورقعة الذي توفي أمس الأربعاء عن عمر ناهز 87 سنة، “أدى واجبه كاملا في خدمه بلاده مناضلا ومجاهدا”.
وقال “لقد تلقيت ببالغ التأثر نبأ وفاة المغفور له بإذن الله، المجاهد الكبير لخضر بورقعة، قائد الولاية الرابعة التاريخية، رحمه الله بواسع رحمته وطيب ثراه، وأفاض على روحه مغفرة وثوابا، الذي اصطفاه الله إلى جواره وأبى القدر إلا أن يفارقنا في هذه الأيام النوفمبرية المباركة، بعد أن أدى واجبه كاملا في خدمه بلاده مناضلا ومجاهدا من أجل استعادة سيادة وطنه وتحريره من براثن الاستعمار البغيض”.
وقدم الفريق سعيد شنقريحة، رئيس أركان الجيش الوطني الشعبي، باسمه الخاص وباسم كافة أفراد الجيش الوطني الشعبي، بتعازيه في وفاة المجاهد والمناضل لخضر بورقعة الذي وافته المنية إثر اصابته بفيروس كورونا.
ولا شك أن المتتبع للأحداث الجزائرية وحراكها، لا يسع له إلا أن يستنكر تصرف هذا النظام التمساحي المنافق الذي يلتهم بوحشية وهو يذرف الدموع، مجاهديه ومناضليه وثورييه، ثم يمشي في جنازتهم دون خجل، متسائلا ، “كيف لهذا لنظام أن يسجن المجاهد الراحل البالغ من العمر 87 سنة قبل أشهر ، ثم يعزي أسرته ويسارع لتأبلينه بعد وفاته؟”، إن لم يكن مصابا بالشيزوفرانيا، أو يستغل وفاة المجاهد لتلميع صورته.
يشار إلى أن الجنازة الشعبية لدفن جثمان المناضل الثوري الجزائري لخضر بورقعة في الجزائر، تحولت إلى مسيرة شعبية غاضبة ضد السلطة، شارك فيها المئات من الناشطين في الحراك الشعبي والمتعاطفين مع بورقعة في ظروف محنته السياسية منتصف العام الماضي.
كما تم طرد رئيس حزب “جيل جديد” الدكتور سفيان جيلالي وأحد مرافقيه من إطارات الحزب من جنازة المجاهد لخضر بورقعة، كما أوردته الموقع الالكتروني “القدس العربي”، وهو الحادث الذي حلف جدلا واسعا على مواقع التواصل الاجتماعي في الجزائر، بين من اعتبر الخطوة إساءة لروح الفقيد الذي فتح بابه لكل أطياف المجتمع بما فيها الموالية للسلطة غداة خروجه من السجن، وأيضا تطرف من بعض الأشخاص الذين ينتمون إلى الحراك، في وقت برر آخرون الفعل وقالوا بأن سفيان جيلالي انقلب على الحراك وارتمى في حضن السلطة وما كان عليه أن يحضر الجنازة.