غموض يلف الوضع الصحي للرئيس الجزائري وقلق عام في البلاد
عبدالقادر كتــرة
أكد الفريق الطبي المرافق لرئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون، المتواجد في مستشفى ألماني متخصص، أن الرئيس تبون “أنهى بروتوكول العلاج الموصى به ويتلقى حاليا الفحوصات الطبية لما بعد البرتوكول”، حسب ما أفاد به اليوم الأحد 15 نونبر 2020، بيان لرئاسة الجمهورية.
وجاء في البيان: “تنفيذا لتعليمات رئيس الجمهورية، السيد عبد المجيد تبون، باطلاع الرأي العام على تطور حالته الصحية، يؤكد الفريق الطبي المرافق له أن السيد الرئيس قد أنهى بروتوكول العلاج الموصى به ويتلقى حاليا الفحوصات الطبية لما بعد البرتوكول”.
ورغم هذا البلاغ الذي عممته وكالة الأنباء الجزائرية الفاقدة للمصداقية، لازال الغموض يلف الوضع الصحي للرئيس الجزائري الذي يقضي أسبوعه الثالث في رحلته العلاجية إلى ألمانيا، وهي ثاني أطول فترة يقضيها رئيس جزائري في مستشفى خارج البلاد، بعد الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة الذي كان قضى 81 يوما عام 2013 في فرنسا.
وحسب مصادر من داخل قصر المرادية، فإن الرئيس الجزائري قبيل نقله من مستشفى عين نعجة، حيث كان يعالج بجناح COVID-19، كان قد تعرض لتطور سلبي – مفاجئ في حالته، تسبب له في انهيار جهازه التنفسي وانسداد معظم مسام رئتيه، وأن هذا التطور السلبي كان نتيجة ارتفاع معدل تركيز السكر في الدم الذي يؤثر سلبا على الدورة الدموية وأداء القلب، وأيضا نتيجة استجابة الرئتين للبروتوكول العلاجي بسبب التلف الذي تسبب فيه التدخين لسنوات طوال، و يزيد المصدر أن الرئيس الجزائري وإثر انهيار رئتيه أصيب بتلف في جزء من الدماغ جراء نقص الأكسجين الحاد الذي كان عليه خلال تواجده بمستشفى عين نعجة، وأن كل المحاولات التي جرت لإرجاعه إلى وعيه باءت بالفشل بمستشفى عين نعجة، ليقرر بعدها كبار أطباء الجيش نقله إلى خارج البلاد.
وحصل “العربي الجديد” على معلومات من مصادر مطلعة في ألمانيا، تؤكد أن “الوضع الصحي للرئيس تبون مستقر وفي تحسن بصورة لا تدعو إلى أي قلق”، وأوضحت أن” الفريق الطبي المشرف عليه مرتاح لنتائج العلاج الذي يتلقاه، ويفرض عليه قضاء فترة نقاهة”.
وفيما تذكر بعض التسريبات الأخرى أن الرئيس الجزائري قد يكون نقل إلى مستشفى ثان في ألمانيا قبل أيام لاستكمال العلاج وقضاء فترة نقاهة قصيرة قبل العودة إلى الجزائر، بعد فترة أولى قضاها في مصحة خاصة في منطقة كولن بألمانيا منذ27 أكتوبر الماضي، بعد إصابته بفيروس كورونا بحسب تأكيدات الرئاسة الجزائرية، إلا أن وسائل إعلام محلية في الجزائر ذكرت أن هناك عودة وشيكة للرئيس تبون إلى البلاد، من دون أن تحدد موعدا لذلك.
بيان الرئاسة لم يستوعب حالة القلق العام في البلاد والغموض الذي يرافق الوضع الصحي لتبون، حسب نفس المصدر، إذ تطالب عدة قوى سياسية في البلاد السلطات بكشف الحقائق للرأي العام، ودعت حركة مجتمع السلم، أكبر الأحزاب الإسلامية في البلاد، في بيان نشرته الخميس الماضي السلطات “بضرورة اعتماد الشفافية في تسيير ملف مرض الرئيس تبون لتفادي التسريبات والإشاعات المضرة بالوضع وبصورة الرئيس نفسه”.
وذكرت الرئاسة أن الرئيس أصيب بفيروس كورونا، ويرجح أنه نقل إليه من أحد أفراد عائلته، إذ توفي خلال الأسبوعين الماضيين أربعة من أفراد عائلته، وهم صهره وشقيقته وزوجها وعمته، بسبب إصابتهم بفيروس كورونا.
وزادت حالة القلق السياسي والشعبي في البلاد إثر التوترات الأخيرة التي تشهدها المنطقة، وخاصة اندلاع المواجهات المسلحة بين قوات عصابة “بوليساريو” والجيش المغربي قرب الحدود جنوبي الجزائر، واستحقاقات إقليمية أخرى، إضافة إلى الجمود السياسي والاقتصادي الذي تشهده الجزائر، بعد تعطل اجتماعات مجلس الوزراء بسبب غياب الرئيس تبون، والدستور الجديد المعلق على توقيع الرئيس حصرا لنشره في الجريدة الرسمية ودخوله حيز التنفيذ.
المحلل السياسي عبد الحميد منصوري قال ” إن الجزائريين عادوا للأسف، وفي فترة قصيرة، إلى سؤال ظل يشغل بالهم طوال السنوات السبع الأخيرة من حكم الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة”.
وذكر منصوري، في تصريح لـ”العربي الجديد”، أنه “عدنا مرة أخرى للجدل حول صحة الرئيس، وأين الرئيس؟ ومن يحكم في غياب الرئيس؟، أعتقد أن هذا الوضع قد فرض على النظام ولم يكن متعمدا، الرئيس مريض حقا ولكن لا ندري مدى خطورة وضعه الصحي، المشكلة أن الوضع السياسي والمالي للبلاد هش لدرجة لا يمكن أن يتجاهل الناس هذه المسألة، كما أن الإخراج السيئ للاستفتاء على الدستور جعل النظام في وضع لا يحسد عليه”.
وشدد على أنه “ليس من الجيد بالنسبة لرئيس أن يبدأ سنته الأولى في الحكم بالمرض والغياب عن المشهد منذ ثلاثة أسابيع، كما أنه من سوء حظ البلاد أن تجد نفسها في هذا الوضع، في مرحلة تحول دقيقة”، مضيفا أنه “إذا وضعنا في الاعتبار الكثير من العوامل، فاعتقد أن المؤشرات تذهب إلى أن الرئيس تبون قد لا يجد الظروف”.