مسطرة إهمال الأسرة ظلم في حق الرجل
الأستاذة سليمة فراجي محامية بهيئة وجدة
من الثابت ان المتتبع لصياغة النصوص التشريعية في مختلف العصور والحقب يدرك ان اي نص تشريعي يحدث الظلم اكثر مما يشيعه من العدل يكون مصيره التحايل او التجاهل او العزوف عن اتخاذ اي موقف او مركز يجعل الشخص مواجها بتطبيق هذا النص القانوني عليه ، وهذا هو حال الكثيرين من الشباب العازفين عن الزواج خوفا من مسطرة اهمال الاسرة وتطبيق العقوبة السالبة للحرية في حقهم ، في زمن انتشار البطالة وفقدان مناصب الشغل و غزو المرأة ايضا لسوق الشغل وما يستتبع ذلك من ضرورة تحملها مسؤلية الانفاق في حالة يسرها و عسر الزوج طبقا للمادة 199 من مدونة الاسرة والتي لا تطبق في اغلب الحالات اذ يتم الحكم بالمستحقات على الزوج وبعد عجزه عن الاداء يواجه طبعا بالعقوبة السالبة للحرية رغم قاعدة لا يضار والد بولده ، وكيف بالامكان تضميد جرح مستصعب الالتئام لأب ادخلته اسرته الى السجن الذي هو أقسى وضع بعد مرض الموت ؟
صحيح ان قدسية الاسرة وضرورة حمايتها مسألة جوهرية ، لذلك تناول المشرع جريمة اهمال الاسرة في اطار زجري ، خصوصاأن الاطفال يستحقون النفقة اعتبارا لعجزهم عن المطالبة بها ونصت المادة 202 من مدونة الاسرة على ان مجرد التوقف عن اداء نفقتهم من الاب او الام لمدة اقصاها شهر دون عذر مقبول يشكل جنحة اهمال الاسرة المنصوص عليها وعلى عقوبتها في المواد من 479الى 483 من القانون الجنائي ، و ما يستتبع ذلك من تطبيق العقوبة السالبة للحرية .
لكن احيانا تكون الزوجة موسرة ومقتضيات المادة 199 صريحة ، ومع ذلك يواجه الزوج المعسر بالحكم الصادر في مواجهته وتطبيق مسطرة اهمال الاسرة وقضاء العقوبة رغم كون التجريم مشروط بالعنصر المعنوي.
مؤخرا في ايران تبين ان عدد الرجال المسجونين بسبب عدم قدرتهم على دفع مؤخر المهر ارتفع الى ما يزيد عن 4500 شخص الشيء الذي جعل المشرع الايراني يسن قانونا جديدا يمنع سجن الرجال المعدمين بعد عدم تمكنهم من دفع مبالغ المهور التي تطلبها العائلات ، لكن اذا تبين انهم يملكون ما يمكن من الدفع فانهم يصبحون مهددين بالسجن
اظن انه حان الوقت ان يتدخل المشرع لتعديل بعض النصوص القانونية التي لم تعد تتلاءم مع بعض المستجدات ، او ابانت عن حيف و اجحاف ، و رفع التجريم والعقوبة الحبسية عن المعسرين من المعذبين في الارض المسلط عليهم سيف قضاء عقوبة سالبة للحرية بسبب تكوينهم لاسرة وانجاب اطفال يكونون السبب في الزج بهم غي غياهب السجون رغم حالة الفقر المدقع والوضع الموجع والعسر البين .
التفتوا الى مسطرة اهمال الاسرة وفكروا في المعسرين عسرا بينا من العاطلين او اشباه العاملين من الرجال !
اذا كان هناك من ينادي بالغاء عقوبة الاعدام فلنطالب ايضا برفع العقوبة البدنية على من عجز فعلا عن اداء نفقة ابناء صلبه !
سليمة فراجي