ذكرياتنا مع القطار ـ الكاطريام ـ ايام زمان
بقلم : عبد الرحمان أمقران
لعلنا نحن ابناء تاوريرت كنا محظوظين لأن بلدتنا كانت تتوفر
على محطة القطار وبالتالي ونحن صغار كان عاديا لدينا نحن
الأطفال التاوريرتيون ان نرى القطارات المتجهة للشرق في
اتجاه وجدة أوالغرب في اتجاه الدار البيضاء عبر مجموعة
من المدن ……….بل إن كثيرا منا أتيحت له عملية الركوب في
قطار ” الكاطريام” من تاوريرت في اتجاه مدينة أخرى…..نعم
إننا ونحن نتحدث عن ذكرياتنا مع القطار بطبيعة الحال نستحضر قطار الكاطريام . أيام كنا اطفالا وشبابا وتلاميذ وطلبة…. ونحن نردد أغنية شعبية مشهورة تقول :” إلى
عطتك ليام دير كاطريام….”………فمن منا ينسى ذلك القطار
العجيب يو م كان المسافرون يجلسون بعضهم البعض متقابلين في جلسات عائلية تناقش فيها مواضيع كثيرة ونتبادل الكرم بيننا فيمنح بعضنا البعض بعضا من الطعام او الشراب ونحن نستمتع بالنظر عبر النافذة رغم دقات القاطرة
وضجيج العربات التي تطقطق وتدكدك ” dag ….dag …da
ونحن نتجاوب مع كل ذلك؟ ………ومن منا من لايتذكر أولئك
الرجال بائعوا السندويتشات ” البيض المسلوق الزيت البلدي
والحلويات…..وبعض.من خبزات صغيرة ” إضافة إلى مشروبي
الشاي او القهوة اللذان كانا يوضعان في أباريق خاصة ….نعم
هؤلاء البائعون المتجولون كانوا يعرضون خدماتهم على
المسافرين وهم يتحركون عبر العربات من أقصى القطار إلى اقصى القطار ونحن ننتشي بتدخين تبغ ” كازا سبور ” و” ماركيز” …خصوصا ايام فصل الشتاء البارد……كما انني لازلت
أذكر كيف كان مفتش التذاكر ” الكنطرولور” يدقدق بمفتاح
حديدي مطالبا الركاب بتذاكر السفر من اجل مراقبتها …والذي
كان من حين لآخر يكتشف كثيرا من الركاب الذين لم يدفعوا
ثمن التذاكر وكنا نقول حينها لمثل هؤلاء الأنواع من الركاب
راهم ” سارقين التران”…….. ….وقد يستعين المراقب ببعض معاونيه للبث في أمر هم .
بل اذكر كم كانت انفاسنا تنقبض والقطار يمر عبر تلك الأنفاق
الطويلة والمظلمة الجبلية الواقعة بين تازة وفاس …وعندما
ينتهي القطار من الخروج منها نتنفس الصعداء ……..بل اذكر
ذات يوم كيف أن عطبا حل بالقطارالذي كنت أركبه ليقف بين مكناس وفاس وسط الحقول – وكان الوقت ربيعا – واستغلها المسافرون للنزول وقطف سنابل ” القميرة ” لنعود لقطارنا ثانية بعد أن بدأت القاطرة تصدر صفيرا ودويا معلنة عن
استئناف.السير ……