مباراة في كرة اليد بطعم غزوة بدر
نورالدين زاوش
فجأة، وبدون سابق إنذار، تنفس النظام الجزائري الصعداء، وشعر بالفخر ورد الاعتبار وهو يرى بأنه من كومة رماد المصائب التي انهالت عليه من كل جانب، انبعث خبر مفرح مفاده فوز المنتخب الجزائري لكرة اليد على نظيره المغربي في إطار إقصائيات كأس العالم المنظمة بمصر الشقيقة، فأخذ هذا الخبر أبعادا أكثر من قدره وارتدى لباسا أكبر من قياسه، إلى درجة أن الرئيس “تبون” انتشى به واحتفى بتضخيمه، ولم يتمالك نفسه إلا وهو يغرد مثلما يغرد الصبيان: ألف مبروك.. شرفتمونا يا أبطال، و البقية ستأتي إن شاء الله.
لقد نسي “تبون” معاناة شعبه وهم يقفون في طوابير طويلة من أجل اقتناء أقراص الخبز وقطرات الحليب، وتناسى حجم المشاكل الاجتماعية والصحية والسياسية التي تئن تحت وطأتها بلاده، ونسي أن داء كورونا الذي ضرب قدمه يوشك أن يضرب لسانه وباقي أطرافه، ثم ألقى كل ذلك جانبا ليتفرغ لإشعال نار البغضاء والشحناء بين الشعبين الشقيقين.
في غياب الأخبار السارة وشبه السارة، والتي صارت لدى النظام الجزائري أعزَّ من بيض الأَنُوق، نتفهم جيدا محاولاته البئيسة في خلق نصر وهمي متعلق بمباراة رياضية جمعت بين بلدين شقيقين الرابح فيها كالخاسر؛ فالشعب المغربي والجزائري ليس إلا شعبا واحدا فرق بينهما نظام أرعن، ومثلهما كمثل اليد والعين؛ فإذا أصابت اليد سوءا بكت لآلامها العين، وإذا بكت العين مسحت دموعها اليد.
يحرص هذا النظام اللقيط على تنشئة أجياله منذ الصغر على كره المغرب وبغض الشعب المغربي العظيم، وذلك بتجييش إعلامه الذي صار يخصص نصف مدة البث للحديث عن المغرب ونصفه الآخر للحديث عن باقي العالم، ويصرف نصف أموال خزينته على شعب قادم من الفضاء، ونصفه الآخر على شعبه المسكين، كما أنه ينتقي برامجه التعليمية والتربوية من وحي هذا الكره والشنئان؛ وآخر فتوحاته أن جيَّش منبر رسول الله عليه الصلاة والسلام من أجل إذكاء نعرة الشحناء بين البلدين الشقيقين؛ لذا، من الطبيعي أن تراه يصور مباراة رياضية مع المغرب وكأنها واحدة من الفتوحات الإسلامية العظيمة أو أنها غزوة كغزوة بدر أو أحد.
أخيرا، أهنئ المنتخب الجزائري الشقيق بفوزه، كما لا يفوتني أن أُذَكر النظام الجزائري الذي يحتفي بما حققته أيادي فريقه، بأننا في المغرب يكفينا حفاوة بيد وزيرنا في الخارجية، والتي تقص كل يوم شريطا ملونا بالأحمر والأخضر لتدشين قنصلية جديدة بالصحراء المغربية. أما نتائج المباريات فهي في نهاية الأمر مجرد مباريات.
نورالدين زاوش
عضو الأمانة العامة لحزب النهضة والفضيلة