قراءة منهجية في قانون المسطرة الجنائية، الصادر بتاريخ 30 يناير 2003، كما تم تغيير وتتميم وإضافة أو نسخ العديد من أحكام مواده
(الجيلالي شبيه، أستاذ التعليم العالي في العلوم القانونية ومنهجية العلوم، جامعة القاضي عياض، مراكش)
إذا تصفحنا باهتمام وبنظرة تقييمية متأنية كمحللين منهجيين لمضمون قانون المسطرة الجنائية الحالي، فسنلاحظ أن محتواه بالرغم من كونه يحمل في طياته تجربة حقبة طويلة من الزمن، منذ 1959 إلى 2003، وما بعدها، مرورا بسنة 1974، يتشكل من ديباجة وثمانية كتب، ليست فقط غير متساوية، بل تشيبها، كما تشيب مجموع عناصرها (أقساما وأبوابا وفروعا) اختلالات توازنية مطلقة٠ناهيك عن مصطلح “الكتاب” نفسه، الأول أو الثاني أو الثالث أو الرابع٠٠٠مستعار من التقسيمات الفرنسية، كعنوان لتقسيم مضمون هذا القانون، لا يمت بصلة لقواعد المنهجية الأولية٠
فالديباجة، بدون عنوان، تتألف من إثني عشر صفحة ونصف صفحة، حسب مقاييس الدعامة الورقية التي بين أيدينا: 12/17 سنتمتر، وحجم 12، كما هو الشأن بالنسبة لباقي صفحات المدونة٠ وتحتوي هذه الديباجة على بعض المقتضيات مثل قرينة البراءة، دور القضاء في مراقبة وتقييم وسائل الإثبات، ضمانات المحاكمة العادلة، وعدد من “المستجدات” التي جاء بها هذا القانون والتي تتعلق أساسا بمكافحة الجريمة وحماية الضحايا، توفير أجوبة ملائمة للانحراف البسيط والمتوسط، ثنائية التحقيق، بدائل للاعتقال الاحتياطي كالوضع تحت المراقبة القضائية، وسائل إضافية في طرق الطعن، إحداث سبل إضافية كذلك لحماية الأحداث، وحضور القضاء في مجال تطبيق العقوبة٠
لكن ما نآخذه بحق على هذه الديباجة هو أنها، أولا، لا تنص بصريح العبارة على أنها جزء لا يتجزأ من هذا القانون٠ثانيا، إن “المستجدات” سالفة الذكر، ليست بالفعل مستجدات، بل توجد منذ فترة طويلة في كل دولة عريقة تعترف بالمحاكمة العادلة وحقوق الضحايا والمتقاضين، غير أن المشرع المغربي لم يعترف بهذه الحقوق إلا مؤخرا٠ثالثا، إن هذه الديباجة لم تعالج قط الاختلالات الشكلية الكثيرة التي يتضمنها هذا القانون، كما سنوضح ذلك لاحقا، والتي تنعكس حتما سلبيا على مضمونه٠
الكتاب التمهيدي، بدون عنوان كذلك، في ثلاث صفحات، يتضمن أربعة أبواب: قرينة البراءة، إقامة الدعوى العمومية والدعوى المدنية، الدعوى العمومية، الدعوى المدنية (المواد من 1 إلى 14)٠تتخلل هذه الأبواب، ناهيك عن التكرار، اختلالات صارخة: مادة واحدة (الباب الأول والثاني) أو أربعة مواد (الباب الثالث) أو ثمانية (الباب الرابع)٠ زيادة على أن هذا المصطلح “التمهيدي” غير ملائم، ولا محل له هنا منهجيا: أمهد لماذا؟ لأن في هذه المرحلة نوثق لمقدمة وهي مدخل أساسي لا غنى عنه في أي إنتاج علمي، قد يكون عنوانه مثلا “أحكام أو مقتضيات عامة بشأن قرينة البراءة وإقامة الدعوى”٠
الكتاب الأول، التحري عن الجرائم ومعاينتها، في إثنين وستين صفحة، وخمسة أقسام، القسم الثاني مكرر، تضم مئتين وستة وثلاثين مادة، موزعة، على ستة وعشرين باب، بطريقة تجهل كليا قواعد التوازن المنهجي· القسم الأول، السلطات المكلفة بالتحري عن الجرائم، يشمل أربعة أبواب: سرية البحث والتحقيق، الشرطة القضائية، النيابة العامة، والقضاة المكلفون بالتحقيق (في إثنين وأربعين مادة) يختلف عدد هذه المواد من مادة واحدة (الباب الأول) أو أربعة مواد (الباب الرابع) إلى واحد وعشرين مادة (الباب الثاني)، ومن جملة واحدة (المواد 29 و30 و33 و34 و37 و50) إلى صفحة بكاملها أو صفحة ونصف صفحة (المواد 40 و41 و49)· القسم الثاني، إجراءات البحث، يشتمل على ثلاثة أبواب: حالة التلبس بالجنايات والجنح، البحث التمهيدي، تقنيات البحث الخاصة (في ثلاثين مادة)، وفي غاية التباين كذلك٠الباب الأول، يضم إثنين وعشرين مادة، والثاني خمسة مواد، والثالث ثلاثة٠ يختلف حجمها من سطر واحد (المادة 82) أو سطرين (المواد 63 و69 و70 و76 و78) إلى صفحة كاملة (المادة 59 و80) أو صفحتين (المادة 66)٠ القسم الثاني مكرر، حماية الضحايا والشهود والخبراء والمبلغين، يحتوي على أربعة أبواب: حماية الضحايا، حماية الشهود والخبراء، حماية المبلغين، ونطاق الحماية، غير متكافئة تماما، ويتراوح توزيعها ما بين مادة وحيدة (الباب الثالث والرابع) وثلاثة أو أربعة مواد (الباب الثاني والأول)٠القسم الثالث، التحقيق الإعدادي، في ثلاثة وثلاثين صفحة وخمسة عشر بابا، في أقصى التباين (أنظر خاصة الباب التاسع، الوضع تحت المراقبة القضائية والاعتقال الاحتياطي، ثمانية صفحات وتسعة وعشرين مادة، والباب الخامس عشر، إعادة التحقيق بسب ظهور أدلة جديدة، ثلاثة مواد، في ثلاثة جمل، في ربع صفحة٠ وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على أن هذا الباب الأخير في غير محله، أو بالأحرى، باب بدون مضمون٠القسم الرابع، الغرفة الجنحية بمحكمة الاستئناف، يتألف من ثلاث صفحات، وبابين: أحكام عامة، والسلطات الخاصة برئيس الغرفة الجنحية٠ يبدو أن هذا القسم، هو الآخر قسم أجوف، لا من حيث الكيف و لا الكم٠فالكيف ضئيل جدا مقارنة مع القسم، والكم شبه فارغ، لأن “أحكام عامة” تبقى عامة، رغم كثرة موادها (17 مادة) وإن كانت هزيلة الحجم، ويمكن إدماجها في أي قسم أو باب يناسبها، مادامت عامة، والباب الثاني، السلطات الخاصة برئيس الغرفة الجنحية، يختلف في مضمونه، كما هو واضح، عن مضمون عنوان القسم: الغرفة الجنحية بمحكمة الاستئناف٠
الكتاب الثاني، الحكم في الجرائم، في إثنين وأربعين صفحة، وأربعة أقسام، وستة أبواب، ومئتين وعشرة مواد، أي من 251 إلى 457، مصنفة بطرق ساذجة، بحيث نلاحظ قسما، تجريح القضاة، بدون أبواب، وبابا، الأحكام والقرارات والأوامر وآثارها، بدون فروع، وأبوابا (القسم الرابع) تتزاحم فيها الفروع، وأخرى (القسم الأول) تكاد تنعدم، وفروع تحتل حيزا شاسعا وأخرى يضيق حجما أكثر فأكثر٠القسم الأول، الاختصاص، في خمس صفحات ونصف صفحة، يتضمن بابين غير متكافئين، قواعد الاختصاص العادية والفصل في تنازع الاختصاص، وقواعد الاختصاص الاستثنائية، وستة فروع، المواد من 251 إلى ٠272القسم الثاني، تجريح القضاة، يتكون من صفحتين، وثلاثة عشر مادة فقط، من 273 إلى 285، بدون أبواب و لا فروع٠القسم الثالث، بشأن عقد الجلسات وصدور الأحكام، يتألف من ستة عشر صفحة ونصف صفحة، وسبة وثمانين مادة، من 286 إلى 372، كلها في بابين متباينين، أشد التباين: الأول في سبعة فروع والثاني خالي من أي فرع٠القسم الرابع، القواعد الخاصة بمختلف درجات المحاكم، يشمل ثمانية عشر صفحة، وسبعة وثمانين مادة، من 373 إلى 457، في بابين، المحاكم المختصة في قضايا الجنح والمخالفات، والهيئة المختصة في قضايا الجنايات، كل باب يستوعب ستة فروع، لكنها غير متساوية إطلاقا، من حيث الحجم٠
الكتاب الثالث، القواعد الخاصة بالأحداث، في خمسة عشر صفحة وربع صفحة، المواد من 458 إلى 517، قسم إلى سبعة أقسام، هزيلة جدا، غير متساوية وبدون أبواب، باستثناء القسم الثاني، يضم سبعة أبواب، بدون فروع، وقد حذف منه الباب الثالث والمادة 477، وبعض أبوابه تتكون من مادة واحدة (الباب الخامس والسادس) أو من ثلاثة مواد (الباب الرابع)٠ نلاحظ كذلك، زيادة على هذه الاختلالات المنهجية والتي تمس في العمق هذا القانون، هفوات أخرى مثل “أحكام تمهيدية” القسم الأول و”أحكام عامة” الباب الأول من القسم الثاني٠إن كل ما سمي بمقتضيات “عامة” أو “تمهيدية” لا أساس له من الصحة في العلوم المنهجية٠لأن حقيقة العناوين تأخذ من مضمون النص وبدقة تركيبية٠
الكتاب الرابع، طرق الطعن غير العادية، في إثني عشر صفحة وربع صفحة، المواد من 518 إلى 574، وزع على ثلاثة أقسام: النقض، إعادة النظر وتصحيح القرارات، والمراجعة، تتناقض من حيث الحجم٠فالقسم الأول، النقض، في تسع صفحات، يشمل ثلاثة أبواب متناقضة: الباب الأول، أحكام عامة، في مادتين، وفي خمسة سطور، والثاني، طلب النقض لمصلحة الاطراف، في ثمان صفحات إلا ربع، وأربعة فروع غير متكافئة، والباب الثالث، طلبات النقض المرفوعة لفائدة القانون، هزيل، بدون فروع ويقتصر على خمسة مواد، والقسم الثاني، إعادة النظر وتصحيح القرارات، مجمل في صفحة، والثالث، المراجعة، في صفحتين وربع صفحة٠
الكتاب الخامس، مساطر خاصة، في ست صفحات، وواحد وثلاثين مادة، من 575 إلى 595 مكرر عشر مرات، صنف إلى أربعة أقسام – المسطرة الخاصة بدعوى تزوير الوثائق، إعادة ما تلف أو فقد من وثائق الإجراءات أو المقررات القضائية، التحقق من الهوية، وأحكام خاصة بتمويل الإرهاب – هزيلة، ضعيفة البنية، وغير متساوية، وخالية من أي باب أو فرع٠
الكتاب السادس، تنفيذ المقررات القضائية والسجل العدلي ورد الاعتبار، في ثلاثة وعشرين صفحة، ومئة وثمان مادة، من 596 إلى 703، صنف إلى ثلاثة أقسام، وخمسة عشر باب، بدون فروع، وفي غاية التناقض٠القسم الأول، تنفيذ المقررات القضائية، يضم ستة أبواب غير متساوية: أحكام عامة، تنفيذ عقوبة الإعدام، تنفيذ الاعتقال الاحتياطي والعقوبات السالبة للحرية، الإفراج المقيد بشروط، تنفيذ العقوبات المالية والإكراه البدني، وتقادم العقوبات٠القسم الثاني، السجل العدلي، يشمل ستة أبواب كذلك، وغير متساوية كذلك: أحكام عامة، البطائق رقم 1 ونظائرها، البطائق رقم 2 والبطائق رقم 3، تعديل السجل العدلي، التبادل الدولي للبطائق رقم 1، أحكام خاصة ببطائق الأشخاص المعنوية٠ القسم الثالث، رد الاعتبار، يحتوي على ثلاثة أبواب، في غاية التباين: أحكام عامة، رد الاعتبار بحكم القانون، رد الاعتبار القضائي٠يتميز هذا الكتاب بكونه يحتوي على مواد قصيرة جدا في أغلبيتها، وأحكام عامة في الباب الأول من كل قسم، ويتألف الباب الأول، من القسم الثالث، من مادة واحدة، مجملة في ثلاثة سطور ونصف سطر٠
الكتاب السابع، الاختصاص المتعلق ببعض الجرائم المرتكبة خارج الوطن والعلاقات مع السلطات القضائية الأجنبية، في إثني عشر صفحة تقريبا، وتسعة وأربعين مادة، من 704 إلى 749 مكرر مرتين، قسم إلى ثلاثة أقسام غير متناسبة تماما٠القسم الأول، أحكام عامة، اختزل في ثلاثة مواد ونصف صفحة تقريبا٠القسم الثاني، الاختصاص المتعلق ببعض الجرائم المرتكبة خارج الوطن، حصر في سبعة مواد٠القسم الثالث، العلاقات القضائية مع السلطات الأجنبية، شمل سبعة أبواب، هزيلة جدا، ضمت مادة أو إثنين، باستثناء الباب الرابع، تسليم المجرمين، وغير متكافئة إطلاقا، وخاصة الباب الرابع الذي اشتمل على سبع صفحات تقريبا، وثمانية وعشرين مادة٠
الكتاب الثامن، أحكام مختلفة وختامية، يتضمن صفحة وربع صفحة، وسبعة مواد، من 750 إلى 756، خالي من كل قسم أو باب أو فرع٠
قسم قانون المسطرة الجنائية إلى كتب وأقسام وأبواب وفروع، ومقتضيات تمهيدية وأحكام عامة٠كل هذه المصطلحات مبهمة لا تعبر منهجيا عن شيء ولا عن توزيع علمي لمضمون الكتاب٠بالإضافة إلى أن قانون المسطرة (الجنائية في هذه الحالة) هو نفسه تكرارا، لأن القانون والمسطرة هما كما يقول الماوردي في الأحكام السلطانية، ولاية الصدقات، بشأن الزكاة والصدقة، فالقانون مسطرة، والمسطرة قانون، يفترق الإسم ويتفق المسمى٠
On dit en français : le code pénal, et non pas « le droit du code pénal », de même en anglais, on dit : the penal code and not « the law of the penal code ».
وعلى هذا الأساس أريد أن أقترح تقسيم المسطرة الجنائية إلى مقدمة وأربعة أقسام وخاتمة٠
المقدمة: المحاكمة العادلة ومكافحة الجريمة وحماية الضحايا والمجتمع
تتكون المقدمة من تعريف المسطرة الجنائية، وتحديد إطارها العام ومبادئ وأحكام مضمونها، وتضم زيادة على بعض المقتضيات الواردة في “الديباجة” وفي “الكتاب التمهيدي” مثل أسس المحاكمة العادلة وطرق مكافحة الجريمة، بجميع أنواعها وأشكالها، وحماية الضحايا وتأمين النظام العام، وإقامة الدعوى العمومية والمدنية، قواعد أخرى كثيرة تتعلق بالتنظيم القضائي الزجري وحقوق الإنسان٠تدخل كذلك في مرحلة المقدمة المبادئ العامة للقانون الجنائي، وعلم الاجرام، وقواعد تفسيرهما وتطبيقهما، ومبادئ العدالة والمحاكمة والإجراءات المطبقة على الأساليب القضائية المتعلقة بالجريمة وأنواع الانحرافات والأمن العام وحماية الأفراد والمجتمع٠
القسم الأول: التحري عن الجرائم ومعاينتها
يتألف هذا القسم من ثلاثة مباحث، والمباحث نفسها تقسم إلى ثلاثة مطالب أو أربعة، حسب طبيعة الموضوع٠المبحث الأول: السلطات المكلفة بالتحري عن الجرائم، بما فيها السلطات الخاصة برئيس الغرفة الجنحية، المبحث الثاني: إجراءات البحث وحماية الأطراف المعنية (الضحايا والشهود والخبراء والمبلغين)، المبحث الثالث: التحقيق الاعدادي٠
القسم الثاني: الحكم في الجرائم
يشتمل هذا القسم على أربعة مباحث، ويوزع كل مبحث بدوره إلى ثلاثة أو أربعة مطالب٠ المبحث الأول يضم الاختصاص، بما فيه الاختصاص المتعلق ببعض الجرائم المرتكبة خارج الوطن، وتجريح القضاة، والمبحث الثاني يشمل عقد الجلسات وصدور الأحكام، والمبحث الثالث يتضمن المحاكم المختصة في قضايا الجنح والمخالفات، والمبحث الرابع يحتوي على القواعد الخاصة بمختلف درجات المحاكم٠
القسم الثالث: القواعد والمساطر الخاصة
يتكون هذا القسم من ثلاثة مباحث، كل مبحث يصنف إلى ثلاثة أو أربعة مطالب٠ المبحث الأول يضم القواعد الخاصة بالأحداث، والمبحث الثاني يشمل المسطرة الخاصة بدعوى تزوير الوثائق، وإعادة ما فقد منها والتحقق من الهوية، والمبحث الثالث يتعلق بإشكالية تمويل الإرهاب٠
القسم الرابع: تنفيذ المقررات القضائية وآثارها وطرق الطعن
يحتوي هذا القسم على ثلاثة مباحث، كل منها يقسم، حسب مضمونه، إلى ثلاثة أو أربعة مطالب٠المبحث الأول يضم تنفيذ المقررات القضائية، المبحث الثاني يشمل السجل العدلي ورد الاعتبار، والمبحث الثالث يحتوي على طرق الطعن غير العادية٠
الخاتمة: تطبيق أحكام المسطرة الجنائية، ودخولها حيز التنفيذ والغاية من وضعها
إن المقدمة انطلاق الإنتاج العلمي والخاتمة امتداد له٠وعلى هذا الأساس فالخاتمة هنا يجب أن تتضمن، زيادة على نظام الآجال وتطبيق أحكام المسطرة الجنائية وتاريخ دخولها حيز التنفيذ، أحكاما وقواعدا ومبادئا في علم الإجرام تعبر عن الغاية من وضع هذه المدونة٠بحيث لا يستطيع المجتمع حماية نفسه من الانحراف والجريمة باستخدام المراقبة والتهديد والعقاب فقط، بل يجب أن تضع هياكل تعزز الأمن العام والعيش الجماعي الكريم والرفاهية، وأن لا تكون هذه الأمور مجرد كلمات فارغة أو قيم جميلة، إنها تنطوي على خيارات اجتماعية واقتصادية وسياسية٠إن الجنوح وانحراف الأحداث والإجرام ليسوا من قبيل الصدفة، بل لهم جدور وأسباب في المجتمع٠فمن واجب الدولة أن تقوم بمجهود قبل حدوث الواقعة وأن تتساءل عن نموذج المجتمع، ولا سيما الاختلالات الاجتماعية والاقتصادية والأمنية التي يعيشها الأفراد والمجتمع٠فمن واجب الدولة أن تفكر بجد ومسؤولية في إيجاد حلول كالشغل والتعليم والتكوين والسكن والمناطق الخضراء والأمن العام كذلك لمحاربة الانحراف والعود وإصلاح نظام السجون، وأن تستعد لإدماج الأحداث في المجتمع قبل أن ينحرفوا، ولإعادة إدماج المعتقلين الذين تم الإفراج عنهم بعض أن قضوا فترة عقوبتهم٠
(الجيلالي شبيه، أستاذ التعليم العالي في العلوم القانونية ومنهجية العلوم، جامعة القاضي عياض، مراكش)٠