جولة في مؤلف ج.رابح قاسم الجديد
محمد شحلال
أنهى الأخ ج.رابح قاسم منذ أيام الجزء الثالث من السلسلة التي اختار لها عنوانا رئيسيا هو:صدى السنين،بينما كان العنوان الفرعي لباكورة عطائه:ثافلوث ثم جاء الجزء الثاني بعنوان: فرسان الأنفاق،في حين اختار للجزء الثالث عنوانا مثيرا: دموع الجمر.
لقد شرفي المؤلف بالاطلاع على مسودة كتابه،فجرني محتواه إلى قراءته في ظرف قياسي رغم ظرف عائلي طارىء ومعاناة مع اختلال في البصر.
لن يتمكن القارىء من فهم سر العنوان حتى يتوغل في أعماق الكتاب ،فيدرك أن الكاتب لو لم يتخلص من ثقل بعض الابتلاءات عبر الكتابة،لكان الثمن من سلامته العقلية والجسمانية-لا قدر الله-
لقد استأنف الكاتب الحديث عن المرحلة الموالية من مساره الدراسي بعد انتقاله للمستوى الثانوي بمدينة وجدة،وشاء قدره أن يتزامن ذلك مع فترة مظلمة من تاريخ بلادنا السياسي،حيث بلغ الصراع أوجه بين قوى اليسار والنظام ،كل بوسائله التي كان الحسم فيها للعنف والعنف المضاد الذي جعل حقبة من مسار البلاد تعرف بسنوات الرصاص، وسنوات الجمر وكل المسميات التي تحيل على ماض لا يريد أحد أن يتكرر.
لم يجد التلميذ،،رابح،،بدا من الانغماس في السياسة حتى لا يكون نشازا في فترة طبعها اليسار المتطرف بأفكاره الحالمة التي تكسرت فيما بعد على صخرة واقع عنيد.
لقد انخرط صاحبنا مبكرا في العمل الحزبي عبر ،،حزب التحرر والاشتراكية،،(الحزب الشيوعي على الطريقة المغربية التي لبسها المرحوم علي يعتة).
لم يكن ،،المناضل،، ليسلم من تذوق نصيبه من العقاب الذي تعرض له كافة ،،الخارحين عن القانون،،كما كانت تنعتهم السلطات.
وبالرغم من مغامرة التلميذ،،رابح،، بالزج بنفسه في متاهات السياسة وتداعياتها خاصة على البؤساء مثله،فقد تمكن من الحصول على شهادة البكالوريا بعد أن صدم بخطإ في اسمه اعتبر معه من الراسبين أول الأمر قبل أن يتأكد نجاحه لكن بعد حسرة وألم! ولعمري،فذلك ابتلاء آخر من جنس ما كتب في صحيفة هذا الفتى الذي لا يقوم من عثرة حتى يكبو كبوة أقوى مما سبقها !
انتقل ،،الطالب رابح،،إلى الرباط ليعانق الحرم الجامعي الذي يؤهل لحجز مكان لائق في المجتمع، وكان من حسن طالع الطالب الحالم أن يبتسم له الحظ مجددا فينخرط في عوالم الجامعة المفتوحة على كل الواجهات لكن النحس يابى الا أن يشد الرحال الى الرباط بدوره،فتندلع احداث بالجامعة تنتهي باغلاقها في وجه الطلبة،ليجد صاحبنا نفسه يعود الى أتون الانكسارات وتداعياتها على احلامه الوردية.
،
صدم الطالب الجامعي مرة أخرى حين تم الاعلان عن إغلاق الجامعة، ليعود صاحبنا إلى الصفر مجددا، ولا يتردد في ممارسة الرعي واعتزال الناس حتى صار إنسانا مشبوها يتعرض لملاحقة واستنطاق السلطات.
لم تكن عزلته من جنس الاستسلام السلبي،فقد أتى على العديد من الكتب التي جعلت مداركه تتسع بشكل لافت ، وهو ما ترجمه تفاعله مع المحيط والأحداث ،إلى درجة أنه تخلى عن معاناته مرحليا ليهتم بتسليط الضوء على تاريخ بلدتنا المشترك ومونوغرافيتها، قبل أن يعود لاستكمال الحديث الشيق والمحزن في ذات الوقت عن استئناف الدراسة بالرباط قبل مواصلتها بالاتحاد السوفياتي.
حسبي هذا، وأدعو محبي القراءة وذوي الفضول الإيجابي لقراءة الجزء الثالث الذي خرج إلى الوجود قبل ايام ا،كما أدعو إلى تشجيع كل الطاقات الإبداعية لأبناء وبنات بلدتنا حيثما كانوا، وتحية أخوية للجميع.
،*ملحوظة:
للراغبين في اقتناء نسخةمن المؤلف،فليتصل بي ،اما ثمن الكتاب،فقد تحدد في50ده.