من حقوق الموظف حق التوصل بالرد على مراسلاته الإدارية
في ما يلي مقتطف من نص الخطاب السامي الذي ألقاه جلالة الملك محمد السادس نصره الله وأيده في افتتاح الدورة الأولى من السنة التشريعية الأولى من الولاية التشريعية العاشرة الرباط، 14 أكتوبر 2016:
“… ومن غير المقبول ، أن لا تجيب الإدارة على شكايات وتساؤلات الناس وكأن المواطن لا يساوي شيئا ، أو أنه مجرد جزء بسيط من المنظر العام لفضاء الإدارة.
فبدون المواطن لن تكون هناك إدارة. ومن حقه أن يتلقى جوابا عن رسائله، وحلولا لمشاكله، المعروضة عليها. وهي ملزمة بأن تفسر الأشياء للناس وأن تبرر قراراتها التي يجب أن تتخذ بناء على القانون .”
من خلال نص الخطاب الملكي السامي، تبدو الرسالة واضحة ألا وهي حق الموظف بصفته مواطن في التوصل بالرد على مراسلاته واستفساراته و شكاياته بجميع الطرق المتاحة سواء عبر السلم الإداري أو رسالة مضمونة أو عبر البريد الالكتروني. لكن الغريب في الأمر- وهو موضوع هدا المقال – أن بعض الإدارات العمومية تتجاهل الرد الكتابي على رسائل المواطنين لأسباب مجهولة.
أمام هذه الإشكالية الغريبة أطرح الأسئلة التالية : ما هي أسباب هدا الصمت الإداري ؟وهل هناك شيء ما يخيف المسؤولين من الإقبال على الرد على مراسلات المواطنين رغم أن الإدارة ملزمة بذلك؟ لماذا يصر بعض المسؤولين على تكريس سياسة الغموض والتجاهل و رفض الآخر في زمن الشفافية والمسؤولية المرتبطة بالمحاسبة ؟
فالتراسل الإداري يعتبر آلية من آليات التواصل. وليس من الضروري أن تكون الرسالة عبارة عن وثيقة مكتوبة بطريقة تحترم مواصفات تقنية معينة ترسل عبر السلم الإداري وتستغرق وقتا طويلا . لأن أغلب الإدارات العمومية أصبحت تتواصل مع مرتفقيها عبر الرسائل الالكترونية بل أحيانا عبر وسائل التواصل الاجتماعي. الأهم في الأمر هو أن تصل الرسالة إلى المصلحة المختصة ويتم الرد عليها عاجلا احتراما للشخص المرسال وخدمة لمصالحه.لأن تجاهل الشكايات ورسائل التظلم يعتبر عنفا في حق المرسل الذي ينتظر الجواب وهو نوع من التواصل السلبي الذي يساهم في تكريس ثقافة الاستعلاء وانكارالاخر.
واذا أردنا الحديث عن التراسل الإداري بقطاع التربية الوطنية على سبيل المثال، نجد العديد من الموظفين مستائين من تماطل الإدارات للرد على استفساراتهم خاصة فيما يتعلق بحل بعض المشاكل أو تسوية الحالات، أو المطالبة ببعض الحقوق، أو اتخاذ مواقف تتعلق بالتسيير الإداري والتربوي، وغير ذلك من المواضيع المختلفة، سواء منها الموجهة إلي المصالح المركزية للوزارة أو الأكاديميات الجهوية، أو المتعلقة بالمصالح والمكاتب الإقليمية.
والغريب في الأمر أن التراسل الإداري يخضع لضوابط تقنية وأدبية يجب احترامها كاستعمال كلمات : يشرفني_سيادتكم_ألتمس_تقبلوا _التقدير و الاحترام…لكن في المقابل لا يحظى صاحب الطلب بأي احترام متبادل في حالة رفض الإدارة الرد على رسالته. مما يرسخ في نفسيته إحساس بالدونية وكأنه متطفل يشتغل في القطاع الغير المهيكل،أو أن موضوع رسالته هراء لا يرقى إلى مستوى الرد. في حين ترسل رسالة الكترونية لإدارات أخرى يصلك الجواب الشافي في الوقت المناسب على غرار: وزارة التجهيز والنقل NARSA أو الخزينة العامة للمملكة TGR أو البوابة الوطنية للشكايات Chikaya.ma…..
أخيرا أعتقد شخصيا أن نهج سياسة الصمت وتجاهل تساؤلات وشكايات الموظفين-المواطنين- هو إنكار لوجود المرسل وطمس لحقوقة وتكريس لواقع متشنج وتهرب من المسؤولية. و الجسد الممزق بسبب غياب التواصل الايجابي لا يمكنه بتاتا تحقيق العدالة والإنصاف
. عبد الكريم السباعي