فالنتاين سعيد “سعيد شنقريحة”
نورالدين زاوش
يُروى أن قيس مجنون ليلى كان يَتْبع كلبها علّه يدلّه على مكانها؛ فمر على جماعة يصلون، وعندما عاد مارًّا بهم قالوا له: أتمرّ علينا ونحن نصلي ولا تصلي معنا؟ قال لهم: أكنتم تصلون؟ قالوا: نعم، قال: ما رأيتكم، ووالله لو كنتم تحبون الله كما أحب كلب ليلى ما رأيتموني مثلما لم أركم. هذا ما يقع بالضبط للنظام الجزائري هذه الأيام؛ فحبه المفرط للمغرب دولة وملكا وشعبا والذي تجاوز كل الحدود وتخطى كل الأعراف والتقاليد جعله في عمى عن طوابير الخبز والحليب، وعن جيوش المعطلين العُزَّل الذين التصقت مؤخراتهم بأعمدة الكهرباء وبالجدران عقودا من السنين، وعن كل الألغام المزروعة وسط الشعب المسكين والتي توشك أن تنفجر في أي حين.
لم يعد لسان السياسيين والإعلاميين والمنتخبين الجزائريين يلهج إلا بذكر المغرب وصحرائه وقراراته السيادية ومشاريعه التنموية وسياساته الداخلية والخارجية، حتى سهرة نهاية الأسبوع لم تعد تكتمل فرحتها على شاشات الجزائريين إلا بإطلاق مزحة عنه أو مزحتين، أو عرض طريفة أو طريفتين؛ ولا عيب في هذا أو لوم، فالمرء إذا أحب شيئا أكثر من ذكره وبالغ في تذكره، وعشق الجزائر الفاتنة للمغرب اللَّعوب لا يخفى عن كل حصيف يقرأ بين السطور ويجيد لغة العيون؛ وقد قالت العرب قديما: الصَبُّ تخدعه عيونه.
صحيح أن هذا النظام الولهان قد يخطئ بين الفينة والأخرى في التعبير عن الهيام الذي يخترق كيانه كشلال متدفق؛ مثلما فعلت قناة الشروق قبل يومين؛ لكن المحب يحمل دوما أعذاره معه مثلما يحمل جمل الصحراء سنمه، أو بالأحرى مثلما يحمل الكلب ذيله؛ يكفي أن الشارع جعل مقام العاشق أحيانا كالصبي حتى يحلم، أو المجنون حتى يعقل، أو السكران حتى يفيق، وقد يكون خطؤه أصلا من باب “إذا زاد الشيء عن حده انقلب إلى ضده” ليس إلا.
بمناسبة عيد الحب المجيد أتوجه بعبارات الوجد والأشواق للجنرال “سعيد شنقريحة” الهائم في ملكوت العشق والعائم في مملكة الهُيام، ومن ورائه للنظام الجزائري المتيم بنار الهوى والذي تجرع من كأس الغرام جرعات أفقدته عقله حتى صار بدل أن يستقبل القبلة في الصلاة رجع يستقبل وِجهة الرباط، كما صار يغني أغنية الأصم الأبكم، ويرقص رقصة الديك المذبوح لغير الله. كما لا يفوتني أن أنبه بكل حب وحنان قناة الشروق، المرفوع عنها القلم، لتأخذ حذرها من الإفراط في المشاعر الجياشة ومن الاستسلام للأحاسيس الجارفة؛ فالعرب لم تكن تمزح حينما قالت: ومن الحب ما قتل.
نورالدين زاوش
عضو الأمانة العامة لحزب النهضة والفضيلة