الممثل الدائم للمغرب لدى الأمم المتحدة يدين الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في مخيمات تندوف،
انفلات أمني وسرقات ونهب بمخيمات تندوف واستعراضات لعناصر “بوليساريو” للتخويف
عبدالقادر كتــرة
تعيش مخيمات الذل والعار بتندوف بالجزائر انفلاتا أمنيا خطيرا، ساهم في تفاقمه حالة الطوارئ التي تفرض عدم الخروج من المخيمات، وبالتالي جمع المئات من المنحرفين في مكان واحد، يعيثون فسادا ونهبا.
قيادة “بوليساريو” جمعت الرجال والشباب باستثناء المقربين، حسب منتدى “فورساتين” لدعم مبادرة الحكم الذاتي في الأقاليم الجنوبية، ووجهتهم لمناطق خارج المخيمات باسم “الحرب”، ولم تسمح لغالبيتهم بالوصول لما تصفها بميادين القتال، لانعدام الثقة فيهم، وعدم قبولها تسليح من ظلوا يعيشون في الحرمان طيلة 45 سنة، مخافة أن يتهوروا أو يتقووا بالأسلحة فيصلح ما لا يحمد عقباه.
عدم الثقة في الغالبية، جعل القيادة تهتدي لحل وسط يروم إخراج القادرين من الرجال لأماكن قريبة من المخيمات، في حين أبقت على المشكوك فيهم، والمنحرفين والمجرمين وذوي السوابق عموما بالمخيمات حيث استفحل انتشار السرقات والنهب ، والاعتداء على الخيم ليلا ونهارا، والسطو على المحلات اماكن تخزين المواد الغذائية، وصراعات مسلحة بين مجموعتين من تجار المخدرات، استخدم فيه الرصاص الحي .
كما تعرضت المدارس لسرقة ليلية، حسب نفس المصدر، وسرقت منها مؤونة خاصة بالأطفال تتمثل في أكياس من مسحوق الحليب المجفف ، ومئات من الأكياس من البسكويت ( مخصصة لفطور الصباح للأطفال ) وقنينات غاز خاصة بالمطعم المدرسي.
وتمت سرقة أماكن تخزين المحروقات، وتم نهب 4 أطنان من الوقود، وتم تسجيلها كتسرب في الصهاريج المخصصة للتخزين، ونهب نصيب العائلات الصحراوية من المساعدات، بالتسلل للخيم والبيوت الطينية، وسرقة المواد الغذائية وقنينات الغاز ، اضطرت معه العائلات للتناوب على حراسة بيوتها.
ووصل خبر مقتل عنصر من البوليساريو، حسب منتدى “فورساتين” لدعم مبادرة الحكم الذاتي في الأقاليم الجنوبية، وجرح أفراد من المجموعة التي ينتمي لها بمنطقة بوگربة بقطاع تويزگي.
وقد حاولت قيادة البوليساريو إخفاء الخبر، وتغطيته إلا أنها لم تستطع بسبب اتصالات من أصدقاء الضحايا أخبروا عائلات الضحايا قبل تدخل قيادة البوليساريو لطي الموضوع، حفاظا على المعنويات.
الخبر انتشر وانطلقت أفواج المعزين الصحراويين لعائلة القتيل المسمى قيد حياته “باني ولد امسيعيد ولد السالك ولد المحجوب”، والقاطن بمخيم بوجدور دائرة 27 ، وينتمي لعناصر الناحية العسكرية الرابعة.
وتعيش المخيمات في هذه اللحظات أجواء من الصدمة والحزن، وعمت حالة من الهلع والقلق لدى عائلات المقاتلين بشأن مصير أبناءهم الذين ذهب أغلبهم إلى ميادين القتال دون خبرة أو تجربة قتالية.
من جهة أخرى، نبه السفير الممثل الدائم للمغرب لدى الأمم المتحدة، السيد عمر هلال، الأمين العام للأمم المتحدة ومجلس الأمن إلى موضوع الانتهاكات الجسيمة والممنهجة لحقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي في مخيمات تندوف بالجزائر.
وأعرب السيد هلال، في رسالة موجهة إلى السيد أنطونيو غوتيريس، الأمين العام للأمم المتحدة وأعضاء مجلس الأمن الخمسة عشر، يوم الخميس 25 فبراير 2021، عن أسفه ل “كون تحلل “البوليساريو” من وقف إطلاق النار في 13 نونبر 2020، واكبه تدهور خطير في وضعية حقوق الإنسان الهشة أصلا، والمتسمة بتفاقم قمع السكان المحتجزين في مخيمات تندوف وإشاعة خطاب يحرض على الكراهية والعنف من طرف قادة “البوليساريو”.
وفي هذا الصدد، توقف السفير هلال عند مظاهر الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في مخيمات تندوف، لا سيما “تعدد المهرجانات الخطابية التي تحرض سكان المخيمات على اغتيال معارضي قيادة” البوليساريو “والسكان الصحراويين الوحدوييين في مدن الجنوب المغربي، وتشديد حالة الحصار التي يفرضها الجيش الجزائري حول مخيمات تندوف وانتشار عناصر من الأجهزة الأمنية الجزائرية داخل هذه المخيمات “.
كما لفت الانتباه إلى “حظر خروج السكان من مخيمات تندوف، بما في ذلك البحث عن رعي قطعانهم في الصحراء، واستدعاء المدونين لحثهم على الامتناع عن أي منشور ينتقد قيادة” البوليساريو “والاكتفاء بنقل الخطابات والبلاغات الكاذبة للقادة الانفصاليين تحت طائلة الملاحقة القضائية، وتعبئة المقاتلين في منطقة الساحل والصحراء وتسهيل استقرارهم في مخيمات تندوف التي أطلقوا منها دعوات لمقاتلين في صفوف مجموعات مسلحة مختلفة من أجل القتال إلى جانب مليشيات “البوليساريو” .
وندد السيد هلال أيضا بمعارضة الجزائر تسجيل وإحصاء السكان المحتجزين في مخيمات تندوف، وهو ما يشكل انتهاكا خطيرا للقانون الإنساني الدولي، والتحويل المستمر للمساعدات الإنسانية المخصصة لسكان مخيمات تندوف، وعسكرة هذه المخيمات.
كما تطرق إلى الانتهاكات المتعددة والخطيرة التي يتعرض لها السكان المحتجزون في مخيمات تندوف بشكل يومي، بما في ذلك الاعتقالات التعسفية والتعذيب والاختفاء القسري وانتهاكات الحق في الحياة والتعليم وحرية الرأي، والتعبير، والتظاهر، والحركة، فضلا عن ممارسة العبودية.
وفي هذا الصدد، سجل سفير المغرب أن “استقالة الجزائر من مسؤوليات الدولة على جزء من ترابها، وتفويضها، ضدا على أبسط قواعد القانون الدولي، إلى جماعة انفصالية مسلحة،” البوليساريو “، يخلق غياب إطار قانوني محدد ينظم حقوق والتزامات الأفراد في هذا الجزء من التراب الجزائري، ونتيجته الطبيعية، الإفلات الكلي من العقاب من أجل الانتهاكات الجسيمة لحقوقهم وحرياتهم الأساسية “.
وقال السيد هلال إن “هذه الوضعية الاستثنائية غير مقبولة وتنتهك القانون الدولي، ولا يمكن في الواقع، أن يكون هناك تفويض للسيادة، وبالتالي للمسؤولية، من طرف دولة، على ترابها، إلى فاعل مسلح غير تابع للدولة”.
كما أدان الدبلوماسي المغربي لجوء “البوليساريو” إلى التجنيد الإجباري لأطفال مخيمات تندوف وإرسالهم إلى مراكز التدريب العسكري في شمال الجزائر، مشيرا إلى أن “هذه الممارسة الشنيعة والمدانة تشكل واحدة من أسوأ انتهاكات حقوق الانسان، لأنها تحرم هؤلاء الأطفال، الذين تتراوح أعمارهم بين 12 و 13 سنة، بل وحتى أقل، من براءتهم وحقوقهم الأساسية، لا سيما التعليم والحياة الأسرية “.
ولتدعيم هذه الوقائع، سلم السيد هلال للأمين العام وأعضاء المجلس صورا وفيديوهات تبين الحجم الكبير والمقلق لهذه الظاهرة في مخيمات تندوف.
وفي الختام ، شدد السفير هلال على أن “الجزائر ، البلد المستضيف لمخيمات تندوف، تتحمل المسؤولية التامة عن مصير هؤلاء الأطفال وعن كافة انتهاكات حقوق الإنسان والقانون الإنساني التي تحدث على ترابها، والتي يتعين مساءلتها، شأنها شأن البوليساريو، أمام المجتمع الدولي”.