جريمة فظيعة : الجزائر تطرد أكثر من 600 مهاجر إفريقي وتتسبب في مقتل وإصابة العشرات منهم في حادثة سير لقافلة من 82 حافلة رمت بهم في صحراء النيجر(صور صادمة)
عبدالقادر كتــرة
أقدم النظام العسكري الجزائري، في خطوة إجرامية ضد المهاجرين الأفارقة، من يوم الثلاثاء 23 إلى يوم السبت 27 مارس 2021، على تجميع أكثر من 600 مهاجر إفريقي من 17 بلدا من بلدان الساحل وشحنهم في 82 حافلة نقل من الجزائر العاصمة في اتجاه تمنراست الحدودية مع دولة مالي ووصلوا إليها يوم السبت 27 مارس 2021، أين تم ّ الإلقاء بهم في فيافي الصحراء.
لكن الأخطر والأفظع ما تمّ التستر عليه هو حادثة سير وقعت في الطريق، يوم الخميس 25 مارس 2021، خافت العشرات من القتلى الذين تم دفنهم في مكان ما، أما الجرحى تمكنوا من الوصول إلى مستشفيات النيجر أين تمّ التكفل بهم.
وقام النظام العسكري الجزائري، حتى لا يفتضح أمره ويشيع الخبر، بمصادرة جميع الهواتف لدى المهاجرين والضحايا المطرودين، لكن نجح أحدهم في إخفاء هاتفه الذي تمكن بواسطته من تصوير الكارثة الفضيحة وتم تداولها عبر وسائل التواصل الاجتماعي والتراسل الفوري، وهي شهادة تدين النظام الجزائري وتدعو الدول الإفريقية والمنظمات الدولية والأوربية والجمعيات الحقوقية إلى فتح تحقيق في هذه الجريمة ضد الإنسانية ومحاسبة المجرمين.
وغرّد المبعوث الخاص لمفوضية اللاجئين “فينسنت كوشتيل”، على حسابه على تويتر قائلا “عملية طرد كبيرة أخرى نفذتها الجزائر لـ601 مهاجرا إلى النيجر الثلاثاء 23 مارس 2021، من بينهم ستة من النيجر والباقون يتوزعون على 16 دولة مختلفة”، وهي تغريدة المندوب الأممي سلطت الضوء على ملف الهجرة غير النظامية في الجزائر وآلية تعاطي السلطات معها.
ونشر “فينسينت كوشتيل”، المبعوث الخاص لمفوضية اللاجئين لمنطقة وسط وغرب المتوسط، تغريدة على حسابه على تويتر ذكر فيها أن السلطات الجزائرية قامت بإبعاد المئات من المهاجرين باتجاه دولة النيجر.
موقع “مهاجر نيوز” تواصل مع المندوب الأممي، الذي أفاد أن هذا النهج مستمر منذ ثلاث سنوات، مشيرا إلى أن “الجزائريين واجهوا ضغوط هجرة قوية للغاية، ولكن لم يتم وضع نظام لتحديد من يحتاج للحماية الدولية، أو تفعيل عمليات العودة الطوعية” (أكثر إنسانية من عمليات الطرد في الصحراء).
ودعا “كوشتيل” السلطات الجزائرية لمراجعة النظام القائم حاليا، مشيرا إلى أن “الجزائر باتت مثل باقي بلدان شمال أفريقيا، دولا مقصدا للمواطنين الأفارقة… هناك أشخاص تم ترحيلهم إلى النيجر، في حين بقيت زوجاتهم وأطفالهم في الجزائر. بعض هؤلاء متواجد في الجزائر منذ نحو عشر سنوات”.
وأبدى المندوب الأممي قلقه من أن تثير عمليات الطرد هذه إشكالية كبيرة للنيجر التي تواجه مشاكل أمنية، فضلا عن افتقارها للوسائل المناسبة لإدارة عمليات الطرد هذه”.
وخلص إلى أنه “للمهاجرين أيضا حقوق، وبعضهم لديه حاجة للحصول على الحماية الدولية. نقوم بتشجيع السلطات على إنشاء نظام لإدارة حركات الهجرة يكون أكثر إنسانية وضمن إطار معياري”.
وقامت السلطات الجزائرية، حسب نفس المصدر الذي اعتمد على لائحة للمفوضية، بترحيل 3,779 خلال العام الجاري، معظمهم من غينيا كوناكري (608) ومن مالي (550) ومن ساحل العاج (148). كما ضمت اللائحة سودانيين (63) ويمنيين (4) سوريين (2) وموريتاني ومصري وفلسطيني.
وحسب مفوضية اللاجئين في النيجر، فقد تم ترحيل أكثر من 20 ألف مهاجر من الجزائر إلى النيجر خلال 2020، كما احتجزت السلطات الجزائرية 312 لاجئا وطالب لجوء مسجلين لدى المفوضية في الجزائر، في حين تم طرد 164 لاجئا وطالب لجوء أو إبعادهم إلى مناطق حدودية.
ولم يقتصر إبعاد المهاجرين من الجزائر إلى النيجر فقط، فقد قامت السلطات بإبعاد 281 مهاجرا إلى مالي خلال 2020 أيضا.
منظمة هيومان رايتس ووتش الحقوقية كانت قد أصدرت تقريرا في شتنبر 2020، تحدثت فيه عن عمليات طرد منهجية وتعسفية بحق المهاجرين، ومعظمهم من دول أفريقيا جنوب الصحراء، باتجاه النيجر.
المنظمة ذكرت حينها أن “الآلاف تم الزج بهم في حافلات نقلتهم إلى الحدود مع النيجر، حيث تمكن معظمهم من الدخول إلى ذلك البلد، في حين ترك آخرون في الصحراء يواجهون مصيرهم”.
وكشفت منظمة “هيومن رايتس ووتش” عن جملة انتهاكات بحق طالبي لجوء ارتكبتها السلطات الجزائرية، وأكدت أنه منذ أوائل شتنبر 2020، طردت الجزائر أكثر من 3.400 مهاجر بينهم أطفال ونساء من 20 جنسية على الأقل، إلى النيجر. وطالبت المنظمة السلطات بإعطاء الفرصة للأشخاص بتقديم اللجوء بشكل عادل قبل أن تباشر بعملية الترحيل.
خلال الأسابيع الأخيرة، طردت السلطات الجزائرية آلاف المهاجرين وطالبي اللجوء إلى النيجر، يتحدرون بشكل رئيسي من دول أفريقيا جنوب الصحراء إضافة إلى بعض اليمنيين والفلسطينيين والسوريين، كانوا في تسع مدن على الأقل، وفقا لتقارير حقوقية.
وقالت “هيومن رايتس ووتش” في بيان “فرّقت عناصر الأمن الأطفال عن عائلاتهم خلال اعتقالات جماعية، وحرمت المهاجرين وطالبي اللجوء من مقتنياتهم، ولم تسمح لهم بالطعن في قرار ترحيلهم أو فحص وضع اللجوء الخاص بهم. من بين المعتقلين أعداد من طالبي اللجوء المسجلين لدى المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، وتم فعلا طرد العديد منهم”.
منذ أوائل شتنبر الماضي، طردت الجزائر أكثر من 3.400 مهاجر من 20 جنسية على الأقل إلى النيجر، بمن فيهم 430 طفلا و240 امرأة، وفق منظمات إنسانية في النيجر. بذلك، يتخطى عدد الأشخاص المطرودين بإجراءات موجزة إلى النيجر هذا العام، 16 ألفا، أكثر من نصفهم بقليل من مواطني النيجر. و”زجت السلطات الجزائرية بأغلبهم في شاحنات أو باصات وسلمتهم إلى جيش النيجر، في ما يُعرف بقوافل ‘رسمية’ للإعادة إلى الوطن، بينما تُرك غيرهم في قوافل من جنسيات مختلطة في الصحراء قرب الحدود”.
وبحسب مقابلات أجرتها المنظمة مع طالبي لجوء وعمال إغاثة، قبضت السلطات على المهاجرين من الشوارع أو من منازلهم وأماكن عملهم. وذلك في مدن تلمسان ووهران والجزائر العاصمة والبليدة وبومرداس وتيبازة وزرالدة وسطيف وعنابة.
الباحثة في حقوق اللاجئين والمهاجرين لدى “رايتس ووتش” لورين سايبرت، علّقت قائلة، “يحق للجزائر حماية حدودها، لكن لا يجوز لها احتجاز المهاجرين، بمن فيهم الأطفال وطالبي اللجوء، تعسفا، وطردهم جماعيا من دون أي أثر لإجراءات قانونية واجبة. قبل التحرك لترحيل أي شخص، ينبغي أن تتحقق السلطات من وضع الهجرة أو اللجوء الخاص بهم بشكل فردي وتؤمن مراجعات من المحاكم لكل فرد”.
وفي 1 أكتوبر الماضي، أعلن وزير الداخلية الجزائري عن عملية جديدة لمكافحة “الهجرة غير الشرعية” مؤكدا على أنها تحترم حقوق الإنسان. وفي 3 أكتوبرا، طردت الجزائر 705 راشدين وأطفال من 18 جنسية، إلى الصحراء، وأعادت بعد ذلك 957 مواطنا من النيجر قسرا في قافلة في 5 أكتوبر/تشرين الأول، و660 شخصا من 17 جنسية طردوا إلى الصحراء في 8 أكتوبر/تشرين الأول، بحسب موظفي إغاثة في النيجر