أثر الصيام على صحة الإنسان المسلم
ذ. إسماعيل اسلمي*
– الحديث ” صوموا تصحوا”
– تخريج الحديث من حيث السند و المتن و الرواية و التركيب.
– شرح الحديث ( الجملة الشرطية- معناها و مبناها )
– تحديد دلالات العنوان {أثر – الصوم – على -صحة – الإنسان- المسلم }
١- تعريف الأثر ٢-تعريف الصحة لغويّاً و علميّاً
٣- تعريف الصوم لغويّاً و شرعيّاً و فزيولوجيّاً
٤- من معاني حرف ” على ” ٥- دلالة الإنسان
٦- ماذا تعني كلمة ” مسلم ” ؟
– صلب الموضوع :
1)ماذا يحدث للصائم عندما يمسك عن الأكل و الشرب ؟
2) كيف يلطف من حدّة الجوع و العطش ؟ !
3) ماذا يحدث داخليّاً أثناء الصيام ؟
4) ما هي الأمراض التي يعالجها الصوم ؟
5) ما الحالات التي يستعصي فيها الصوم ؟
– خلاصة : مقاصد عبادة الصوم:
– تخريج الحديث :
هذا الحديث مرويّ من طرق مختلفة غير مثبتة؛ أجمع العلماء على ضعفها ؛و بعضهم عدّه منكراً أو موضوعاً؛ لا صلة له بأيّ سند معروف؛فقد ضعّفه الحافظ العراقي في كتاب “تخريج إحياء علوم الدين” و”المناوي في “التيسير”و العقيلي في”الضعفاء” ثم الألباني في كتابه”السلسلة الضعيفة”؛ حيث ضعّفه سنداً لأنه لم يُرْوَ عن الرسول (صلعم) من جهة الثقات من الرواة لكن متنه صحيح من حيث المعنى ؛ تؤكده أحاديث أخرى ؛ مثل قوله(صلعم):”نحن قوم لا نأكل حتى نجوع ” و في حديث آخر صحيح”بحسب امرئ لقيمات يقمن صلبه؛ فإن كان و لا بد فثلث لطعامه و ثلث لشرابه و ثلث لنفسه” كما تؤكده روح الشريعة العامة و مقاصدها في حفظ البدن و النفس ؛ فصحة الأبدان من صحة الأديان
” المؤمن القويّ خير و أحبّ إلى الله من المؤمن الضعيف ” بشرط أن يوظّف صحته لطاعته و خدمة الناس ” الخلق عيال الله ؛ و أحبّ الخلق إلى الله أنفعهم لعياله”. إذن ، لا يصح إسناده إلى النبي (صلعم) مرفوعاً قطعاً كما لم ينسب إلى الصحابي موقوفاً إلا من جهة الرواية لا غير و إن كان المنذري في كتاب “الترغيب” يوافق الطبراني الذي يعدّ رواته ثقات و قد سار على مصادقته الهيثمي في مجمع” الزوائد “.
– شرح الحديث :
هذا الحديث الضعيف:”صوموا تصحوا”؛جملة شرطية؛ مركبة من جملة فعل شرط و جملة جواب شرط غير مقترنة باسم أو حرف شرط حتى تصل إلى الأذهان بسرعة و تبلغ إلى النفوس بلطف بدون احتمال أو تردّد لأن جواب الشرط مرهون مباشرة بفعل الشرط ،و هذا يدل على أنّ الصيام وحده كاف لتحقيق الصحة أو قادر على تصحيح الإنسان المسلم ليس إلاّ؛ يؤكد هذا المعنى حديث آخر (إن صحّ):”الصوم مِصحّة أو مَصحّة “؛ الصوم مِصحة أو مِصححة بكسر الميم على وزن مِفعلة وهي من أوزان الآلات؛ فهي اسم آلة بمعنى أن الصوم آلة زمنية؛تستعمل لتصحيح المريض أو تقويم صحة المريض و تجديد صحة السليم إذ لا تستعمل هذه الآلة الزمنية بانتظام لصالح الخاص والعام إلا مرة واحدة في العام.و قد تقرأ الصوم مَصحة أو مَصححة بفتح الميم على وزن مفعلة ؛مصدراً ميميّاً بمعنى الصوم صحّة أو اسم زمان أو مكان على وزن مدرسة؛بمعنى أن الصوم -في وقت معلوم بانتظام- هو عبارة عن مشفى زمنية يدخلها كلّ من آمن بالعلاج فيها و كأنّ رمضان مستشفى متنقلة بلا حدود.ففي هذه الفترة تكون المسلمة أو المسلم مستعدّاً لأن يستسلم لبرنامج المعالجة بالجوع المنتظم و يُسلم نفسه و بدنه للعمليات الداخلية التي يقوم بها الجهاز الهضمي و غدّة الكبد خاصة؛ و هو ملتزم بالحمية الغذائية الموقوتة.
تحديد دلالات العنوان :
١- تعريف الأثر:ما يخلفه أو يتركه الصوم من علامة إيجابية ظاهرة أو باطنة على صحة الإنسان المسلم .
٢-تعريف الصحة:أ-لغويّاً:البراءة من كل عيب أو ريب،و من كل سقم و علة و عاهة و آفة.و ضدها المرض و هو العجز أو الفتور في العمل.فتقول مثلاً: المرض في القلب فتور عن الحق،و في الأبدان فتور الأعضاء،و في العين فتور النظر.ب-علميّاً:هي القدرة على أداء الأعمال حسب الطاقة وفق سلامة الأجهزة من الاختلال مع الشعور بعدم الألم و الاعتلال – كحدّ أدنى أو أوسط ، و أمّا أقصاها-كما تعرفها منظمة الصحة العالمية-:هي حالة من الرفاهية الجسمية و العقلية و الاجتماعية الكاملة و ليس مجرد غياب المرض أو العجز ” و لعل أحسن قياس لصحة الفرد هو الفحص الكامل بواسطة الطبيب الماهر الموثوق به مستعيناً بالوسائل التقنية و الأجهزة الحديثة و خبرته الطويلة ؛مدعوماً بعدد من التجارب الصحية و الاختبارات الطبية. و الصحة عموما لها علاقة بالأمن النفسي و نظام الحياة اليومية. وأمّا شروط و كيفية تحققها فهذا موضوع آخر .
٣- تعريف الصوم:أ-تعريفه لغويا و خلقيا و شرعياً:هو الإمساك عن الحركة سواء كانت حركة فلكية أو طبيعية أو حيوانية أو إنسانية تتعلق بالفكر و اللسان.ولذا،أطلق الصوم على الصمت لا على السكوت الذي يعني الإمس ثماك عن الكلام بغير هدف بينما الصمت يفيد معنى الإمساك المنتظم الهادف عن الكلام ؛ لقوله تعالى مخبراً عن مريم (س) : ” إنّي نذرت للرحمان صوماً فلن أكلّم اليوم إنسيّاً”؛ أي إمساكاً عن الكلام اتقاء إلحاق الأذى بالأنام ، و هذا يتناسب مع أخلاق الإسلام إن كان الإمساك عن الكلام-حقيقة-هو الكف عن سوء الكلام أثناء الصيام لأن الصيام شرعا هو الإمساك عن المفطرات بعد عقد النيّة من طلوع الفجر إلى غروب الشمس مع اجتناب المحظورات و الابتعاد عن المحرمات و الاحتراس من الوقوع في الشبهات لقوله (صلعم):”من لم يدع قول الزور و العمل به فليس لله حاجة في أن يدع طعامه و شرابه”.
و من هنا، تصبح الغيبة و ما شاكلها من هذا القبيل نوعاً من الأكل للأعراض و الحرمات لأنها من سوء الكلام الذي يخدش المشاعر حيث تتٱكل كرامة الإنسان؛لقوله تعالى” و لا يغتب بعضكم بعضا؛أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتاً فكرهتموه”.إذن، فالصوم هو الإمساك عن كلّ الحركات المحرمة باعتبارها كفّاً عمّا نهى الله تعالى عنه لأنه مناط التقوى.
ب- تعريفه عضويا( فزيولوجيا):هو إمساك آليات الجهاز الهضمي عن الحركة كأن يمسك الفم عن البلع و المضغ ؛ و الأسنان عن الكسر و الطحن؛و اللسان عن الليّ و الدفع؛و البلعوم عن الزرط و الابتلاع؛و الأمعاء عن الضغط و العصر؛والمعدة عن فرز السوائل الكيماوية (الأنزيمات)و عن خلط الطعام و هضمه ساعات طويلة متكررة يوميا.
حرف ” على” يدل على أكثر من أحد عشر معنى ؛ يفيد هنا الاستعلاء ؛ فأثر الصوم يظهر على بشرة الصائم في أعضائه و أطرافه كما يظهر على ملامح الوجه و قسماته؛ و على أسارير المحيّا و بسماته؛ و على شكله و قدّه.
٥- دلالة الإنسان : لفظة الإنسان في اللغة العربية و القرآن تحمل ثلاث دلالات ( جذراً و اشتقاقاً) : الأولى تدل على الوجود لقوله تعالى على لسان موسى (س) : ” إني آنست ناراً” أي رأيتها و وجدتها ؛ فقد سمّي الإنسان بذلك لأنه مخلوق ظاهر مرئيّ ؛ و ضده الجانّ و هو مخلوق مخفيّ غير مرئي ؛ و الثانية تدل على النسيان لقوله تعالى :” و لقد عهدنا إلى آدم من قبل فنسي و لم نجد له عزماً” و ضدّه التذكر لعلاقة ذلك بالدماغ و الجهاز العصبي؛و الثالثة تدل على الأنس لأنه اجتماعيّ بطبعه ؛ يأنس بغيره و يستوحش بنفسه أي يشعر بالغربة حينما يكون وحيداً فريداً لميله إلى جنسه بالفطرة و الطبع . إذن، فالإنسان ذو ثلاثة أبعاد : أولاً البعد الوجودي ؛ ثانياً البعد النفسي؛ ثالثاً البعد الاجتماعي .
٦-ماذا تعني كلمة “مسلم” جملة ؛ فهي اسم فاعل مشتقة من فعل ” أسلم” بمعنى انقاد لله تعالى مبدئيّاً بالتزام قواعد و أركان الإسلام و تعاليمه ؛ و من بين أركانه صوم رمضان لأنه عبادة يتقرب بها إلى الله تعالى باعتبارها وسيلة تربوية ؛ تقيه من بعض الأعراض النفسية كالبخل العلني ؛ و من بعض الأمراض الجسمية كالتّرهّل البدني ثم من الأدواء الاجتماعية كالغيبة و النميمة و الوشاية لقوله ) صلعم ) : ” الصوم جنّة” أي وقاية نفسيّة و حسّية و اجتماعية أيضاً لحديثه عن الصوم ” فإنّ له وجاء ” .
إذن، فالمسلم من سلم المسلمون من لسانه و يده – كما قال النبي( صلعم ) – لا سيما في رمضان .
صلب الموضوع :
1- ماذا يحدث للصائم عندما يمسك عن الأكل والشرب؟
يحس الصائم بالجوع في البداية لخلو أو نقص معدته من الطعام بسبب انخفاض نسبة السكر في الدم ؛ ثم يشعر بالتوتر العصبي تعلن عنه حالات الصداع أو الدوخة أو الدوار لخروجه عن مألوف النظام الغذائي وتمرده على عادات الأكل و الشرب كما يعتريه نوع من الفتور و التراخي ؛ و قد يتخلل الضعف أنسجة جسمه سيما إذا بذل جهدا أكثر من طاقته أو أدى عملا على غير عادته أو أخلف مواعيد الإفطار و السحور خاصة. إذن ، فالصائم في مستهل أيامه يحس بألم الجوع ثم بتوتر أعصابه ثم بفتور أعضائه ؛ و قد تطول أو تقصر هذه الحال وفق مراعاته قواعد الصيام و طريقة الصوم ، و حسب احترامه قوانين الصحة.
2- كيف يلطف الصائم من حدة الجوع و شدة العطش ؟ يستطيع الصائم أن يلطف من حدة الجوع و يخفف من ألمه إذا عجل الفطور بالماء لتبليل ريقه و ترطيب بلعومه ثم بالحلو من الماكول مثل التمر أو ما يعادله من تين او زبيب أو فاكهة حلوة مجففة؛ فالمقصود من التمر في الحديث هو إيصال الحلاوة الطبيعية إلى الفم بسرعة حتى يحس الصائم بالشبع (الشبع الجزئي) عن طريق الدماغ ( تصور لو أن الناس جميعا أسلموا ، هل تكفيهم هذه التمور الموجودة ؟!) فالتمر يعد فاكهة مجففة لأنه يحتوي على سكر الفواكه بالدرجة الأولى ؛ تمتصه الأمعاء بسرعة و سهولة فضلا عن توفره على مواد معدنية مقوية للعضلات والأعصاب ثم يتناول قليلا من الحليب الكامل لاحتوائه على سكر خاص وعلى زلاليات ( بروتئين) و دسم بنسبة كبيرة و حيامينات (فيتامينات) أساسية و له ما يعادله بشكل نسبي كحليب الأرز أو اللوز أو الجوز الهندي أو الصويا ثم يحتسي بعد ذلك حساء من خضروات مطحونة لأنها أخف و ألطف على المعدة ثم يتناول بيضة مسلوقة أو جبنة بيضاء ثم عصير برتقال أو فاكهة . و إذا أخر السحور فليترك الوقت الكافي للجسم كي يتمثل هذه الأطعمة جيدا .أما عند السحور فيفضل بعد الطعام تناول موزة مع الحليب الخاثر أو اللبن الزبادي أو الرائب حتى لا يحس بالجوع خلال النهار . و لإزالة العطش، يمكن له أن يشرب بين الإفطار و السحور لترا من الماء أو يزيد في فترات مختلفة ، و لا بأس من شرب كأس صغير من منقوع عرق السوس بدون إفراط قبيل السحور بنصف ساعة على أن يدخل في وجبة سحوره الأطعمة التي تحتوي على البوتاسيوم كما يمتنع من تناول المملحات التي تحتوي على الصوديوم حتى لا يحس بالعطش . و اما الظمأ فلا يحس به أبدا و إن لم يتخذ الاحتياطات اللازمة لأن الجسم أثناء الصيام يعتصر تلقائيا ( كأنه في آلة عصير او عصارة ) إذ يفرز سوائل معينة منه ترويه بقدر حاجة الجسد الأصيلة . من هنا ، يتبين معنى الفرق بين الظمإ و العطش لغويا و علميا .
3- ماذا يحدث للصائم داخلياً أثناء صومه ؟ :
أولاً: الكبد الذي يختزن كمية من السكر للطوارئ لا يطرحها إلا عند الصوم بنوع من التدرج حيث يتحرك السكر ليذهب إلى الدم و الأنسجة قصد الاستفادة منه لأن الزيادة قد تؤدي إلى أضرار و خيمة كما تتحوّل الدهنيات الجديدة الموجودة في الكبد إلى سكّريات ثم تخزّن للأيام المقبلة؛ الأيام العجاف و الظرف الجاف .
ثانياً: المخزون من الدهن الموجود تحت الجلد يتحرك أثناء الجوع ليحترق كي يتخلص الجسم من هذا العبء الزائد من الدهون التي تسبب السمنة و ما تجرّه من متاعب و مضاعفات ضارّة على صاحبه.
ثالثاً: بعض الغدد و العضلات تضحي بموادها ؛ و بعض الدهنيات( البروتينات) تتناقص و ذلك بتحركها داخلياً للإبقاء على كمال الوسط الداخلي (انسجاماً مع خطّ الأمة الوسط) مع الحفاظ على سلامة القلب و الجهاز العصبي.
إذن, فالصوم ينظّف الأنسجة و يبدّلها كما ينقّي الدورة الدمويّة و يضفي على الجلد نوعاً من الصفاء و مسحة من الحسن و هالة من الجمال ؛ ألم تسمع هذا الحديث(إن صحّ):
“جاءكم الطاهر المطهّر”( يمكن للمرأة المسلمة أن تستغني عن استعمال مواد تطهير الوجه مادام الصوم يقوم مقامها أثناء فترة الصيام ) ؛ فالذي يتمّ استهلاكه عند الصوم الأنسجة الزائدة أو غير الرئيسة ؛ فالعضلات -مثلاً- تفقد 40% و الطحال 70% و الكبد 55% تقريباً.أمّا القلب فلا يفقد إلاّ 3%.و لذا ، تقلّ ضرباته حتى يأخذ قسطاً من الراحة في هذا الشهر الكريم كي يكون على استعداد لتلقّي الواردات الربّانية ؛ و استقبال النفحات الإلهية .
و أما المخّ و الأعصاب فلا تمسّ أبداً حتى يستطيع الدماغ أن يركًز أثناء القيام سيّما في فترة السجود ( أقرب ما يكون العبد من ربه و هو ساجد) و حاله إبّان الصيام أكثر لأن نزواته و شهواته تكون فاترة كما يستعين بقوة أعصابه مع صومه على ضبط هذه الشهوات .
إذن, فالصوم فرصة زمنية لتدريب النفس على ضبط رغباتها و في الوقت ذاته حمية زمنية لتطهير الجسم من السموم و كأن زوائد الشهوات هي سموم الذات معنويا و حسيا أو أنّ هذه الشحوم ( زوائد الجسم) نتجت من رغبات النفس الزائدة كالشجع و الطمع و الإسراف.
4- ما هي الأمراض التي يعالجها الصوم ؟ :
على العموم ، فالأمراض التي يعالجها الصوم هي أمراض المعدة إلا إذا كانت بها قرحة ، و أمراض الدم ما عدا الفقير دمويّاً( اليرقان أو الأنيميا ) ، و أمراض الجلد و آلام المفاصل( الروماتيزم) كما يتّخذ الصوم في بعض المصحّات الأسيوية و المستشفيات الأوربية علاجاّ لكثير من الأمراض مثل اضطرابات الهضم و الحبط( الغازات) و البدانة ، و بعض أمراض القلب و الكبد ، و ارتفاع ضغط الدم و البول السكري الناجم عن داء السكر الغذائي …
5) ما هي الحالات المرضية التي يستعصي فيها الصوم ؟ :
هي حالة الإسهال الشديد و حالة القيء ثم حالة التهابات الصدر الحادة و حالة السل الرئوي وداء ،”كورونا” و الحمى الشديدة ثم حالة قرحة المعدة و حالة تليِف الكبد أو التهاباته الحادة و حالة فقر الدم ثم حالة هبوط القلب و حالة تجلط الأوعية الدموية و بعض حالة انخفاض ضغط الدم ثم بعض حالة أمراض الكلى ثم حالة البول السكري الشديدة أو حالة انخفاض نسبة السكر في الدم بشكل غير معتاد .
و من الجدير بالتنبيه ، ينبغي للصائم المريض أن يزور الطبيب المسلم الموثوق به قصد الفحص و تشخيص المرض حتى لا يوهمه أو يغرر به فيحمله على الأكل بدعوى أن به داء يحول دون الصوم أثناء العلاج .
و لذا ، ينبغي على المسلم الصائم أن يفرق بين المرض العضال الذي يحمل صاحبه على الأكل و المرض الذي يشارك الصوم في علاجه مع الالتزام بقواعد الصحة و شروط التطبيب.
– خلاصة:
يقوم الصوم بعملية تجديد لبشرة الجلد و ذلك بتنقيتها من الدهنيات أثناء الصوم حيث تحترق بالجوع تحت الجلد ثم يقوم بعملية تنظيف الكبد من مخزون السكريات إذ تزوّد الأنسجة و خلايا الدم داخلياً دون أن يحس الصائم بذلك . إذن، هو يطعم من الداخل لأن جسده يستقبلها من غير فمه و لا بلعومه و لا معدته و لا من جلده بواسطة الإبر بل من كبده بالدرجة الأولى ( يطعمني و يسقين…).
الجلد يتجدد من فضلات الدهنيات بإهاب جديد ، و النفس تتجدد من أسوإ العادات بسلوك جديد ، و العقل يتجدد من سوء الظن الزائد ، و القلب يتجدد من زوائد الدم الفاسد ، و الإحساس الحاسد ، كما ينقى من بعض وساوس إبليس المارد بشعور سليم رائد، و النفس تتطهر و لو نسبيا من الأنانية و حب المصلحة الشخصية و من بعض الهواجس القسرية.و بعد نهاية رمضان ، يستقبل المسلم الصائم العيد في يوم جديد بثوب جديد على جلد جديد كما تكسو الطاعات النفس بستار لطيف شديد “و لباس التقوى ؛ ذلك خير” و مفيد لمن ألقى السمع و النظر و هو شهيد
إسماعيل اسلمي أستاذ علوم و آداب اللغة العربية و التربية الإسلامية / ألمانيا
أستاذ سابق بكلية العلوم الإنسانية بفرنكفورت