ذاكرة مدينة وجدة المعرفية: سيدي محمد بن الأخضر المُؤَقِّت (1896-1964) – الحلقة 114
بدر المقري
عَرَّفْتُ مِنْ قبلُ في بعض كتبي ومقالاتي بالفقيه العلامة سيدي محمد بن الأخضر (بَلَّخْضَرْ) المؤَقِّت العتيقي اليزناسني (1896-1964) بِاعتبارهِ خَيْرَ منْ وَرِثَ بمدينة وجدة إِمامَ علم التوقيت بالمغرب من علماء الطبقة الأولى بالقرويين، سيدي محمد العَلَمي الفاسي (توفي سنة 1953).
و قَصْدُنا في هذه الحلقة من سلسلة (ذاكرة وجدة المعرفية) إلى بيان بعض أَوْجُهِ ما كان فيه الفقيه العلامة سيدي محمد بن الأخضر المؤَقِّت رائداً بمدينة وجدة، مع العلم أن الإسم العائلي (المؤَقِّت) يُحيلُ على تَمَيُّزِهِ:
1- التوقيت عِلْمٌ تُتَعرَّفُ منه أزمنة الأيام والليالي وأحوالها وكيفية التوصُّل إليها، ومنفعته معرفة أوقات العبادات وتوخّي جهتها، ومعرفة الطوالع والمطالع من أجزاء البروج والكواكب الثابتة التي منها منازل القمر ومقادير الظلال والارتفاعات، وانحراف البلدان بعضها عن بعض وسُموتِها. والسَّمْتُ في العلوم الفلكية هو النُّقْطَةُ الَّتِي تَقَعُ فَوْقَ رَأْسِ الْمُشَاهِدِ عَمُودِيّاً.
2- علم التوقيت قواعد كلية وقوانين عامة تهتم بالنجوم وأفلاكها، وبِما ينشأ عن ذلك من معرفة فصول السنة، وما مضى وما بَقِيَ من أجزاء الليل والنهار، ومعرفة أوقات الصلوات الخمس وتعيين جهة القبلة، ومعرفة حساب الأهِلَّة، وكسوف الشمس وخسوف القمر، ومعرفة عدد السنين والحساب.
3- يكفي علم التوقيت شرفاً، أنه مفتاح أداءِ الصلوات في أوقاتها المحققة ومفتاح الصوم والحج.
4- أركان علم التوقيت أربعةٌ:
(أ)- الارتفاع: أي ارتفاع الشمس نهاراً أو الكوكب ليلاً أو غيرهما، وهو بعد الشمس أو الكوكب عن دائرة أفق البلد في الجهة التي هو فيها من شرقٍ أو غربٍ، أو شمالٍ أو جنوبٍ، وهو قَوْسٌ من دائرة عظيمة تمر بِقُطْبَيْ الأفق وبالجزء المرتفع فيما بين مركزه وبين الأفق.
(ب)- الميْل: أي بُعْد الشمس عن مدار الاعتدال إلى الشمال أو الجنوب.
(ت)- عَرْضُ البلد: وهو قوس صغرى من دائرة نصف النهار، فيما بين سمت رؤوس أهل ذلك البلد ومعدل النهار وما بين قطب معدل النهار والأفق.
(ث)- طول البلد: أي بُعْده من المشرق أو المغرب، مع العلم أن ذلك نِسْبِي في علم الفلك، لأنه ليس للمشرق والمغرب نهاية. فَكُل نقطةٍ من دائرة خط الاستواء هي مشرقٌ لموضعٍ ومغربٌ لموضعٍ آخر. فإذا ذُكِرَ المشرق على الإطلاق عُنِيَ به أقصى الشرق، وإذا ذكر المغرب على الإطلاق عُنِيَ به أقصى الغرب، وبينهما نصف الأرض طولاً.
وقد يُدْرِكُ من كان مُدْرِكاً قيمة علم التوقيت وعلوم الفلك قيمةَ نداءٍ أُوَجهُهُ إلى القائمين على تدبير الشأن الجامعي بمدينة وجدة: ماذا لَوْ أطلقنا اسم (سيدي محمد المؤَقِّت) على مدرج من مدرجات كلية العلوم، باعتبار الرجل آخر علماء التوقيت والتعديل بوجدة من خريجي جامعة القرويين بفاس ؟
