يرغمونهم على الأداء بغير قانون وتحت التهديد والوعيد، مواطنون يعانون مع متسلطين على فضاءات ركن السيارات بوجدة
عبدالقادر كتــرة
حكى أحد رجال التعليم حادثا جرى له مع أحد المتسلطين على الملك العمومي المدعين حراسة السيارات أمام ثانوية يشتغل بها، نشره على مواقع التواصل الاجتماعي: “أنا أستاذ ركنت سيارتي أمام الثانوية التي أشتغل فيها كالعادة، وهو مكان مخصص لسيارات رجال التعليم التابع للمؤسسة. ومساء هذا اليوم لما خرجت من المؤسسة أوقفني شخصان ماران من جانب الثانوية يحملان على ظهريهما قميصين أصفرين، بعد أن ركبت السيارة وطلبا مني أداء مبلغ . شرحت لهما بكل لباقة أن هذا المكان مخصص للعاملين بالمؤسسة، لكن انهالا علي ب”المعيور والسبّان” من قبيل “جيعانين، ولاد ال..”. ولما هممت بالإقلاع وتحركت السيارة، وَجَّها ضربات لزجاج السيارة بقوة ولحسن الحظ لم يتكسر…لحدّ الساعة لم أستوعب هذا الحادث ولم أفهم كيف وصل الحدّ بالبعض الذي يضح بزة صفراء، إلى هذه الدرجة من الاعتداء والابتزاز والعنف…”.
وهذا حادث من الحوادث التي لا تعد ولا تحصى والتي يعاني منها المواطن المغلوب على أمره في غياب الردع والحساب والعقاب، قد تتطور الأمور في بعض الأحيان إلى ما لا تحمد عقباه وتكون نتائجه وخيمة على أصحاب السيارات ظلما وعدوانا مع أنهم يؤدون واجباتهم وضرائبهم ومخالفاتهم للدولة…إذ كيف يستسيغ المواطن أن يُجْبر على أداء 3 أو 5 دراهم إذا توقف أمام مخبزة ليشتري خبزة بدرهم واحد، أو تذهب لمسجد لتؤدي صلاة فتُجْبر على أداء ثمن صلاتك لأنك ركنت سيارتك إلى جانب رصيف المسجد ؟
من الظواهر الغريبة بمدينة وجدة حجز الأرصفة والساحات والأزقة وخوصصتها، حيث أصبح بعض الأشخاص الذين يدعون حراسة مواقف السيارات بوجدة، يحوزون الأرصفة بالطرقات والشوارع العمومية ويحجزونها بوضع حواجز من مختلف الأشكال والأنواع والحجام، عجلات مستعملة وأحجار ضخمة وصناديق خشبية وبراميل حديدية مصبوغة بالأحمر والأبيض، ويمنعون أصحاب السيارات من ركنها على الرصيف المحجوز، ثم يمنحونها لمن يشاؤوا ومتى شاؤوا.
من الأشخاص من يضع صدرية صفراء مثل تلك التي يضعها سائقو السيارات عن إصلاح عطب ويحوزون مكانا أمام مؤسسات أو مساجد أو تجمعات مناسبتية وينصبون أنفسهم حكاما وحراسا عليها في غياب القانون ومن يطبق هذا القانون، حسب تصريحات المواطنين، ويرغمون سائقي السيارات المتوقفة على الأداء وإلا أشبعوهم سبّا وشتما قد يصل الأمر إلى اشتباكات بالأيدي واعتداءات وإتلاف جانب من السيارة ولو بخدشها بمسمار أو آلة حادة.
ينضاف هذا إلى حيازة أرصفة الشوارع والطرقات من طرف أصحاب الدكاكين والمقاهي والورشات وكلّ من سوّلت له نفسه “السطو” الملك العمومي وحيازته بشتى الطرق في غياب السلطات المحلية والأمنية وخاصة السلطات المنتخبة وعلى رأسها المجلس البلدي لمدينة وجدة الغائب عن تدبير شؤون المدينة وتنظيمها وفرض سلطة القانون.
وضع يتميز بالفوضى والتسيب ولا مبالاة مسؤوليها في الحفاظ على النظام وأمن وسلامة مواطنيها، الأمر الذي دفع بالعديد من الجانحين وذوي السوابق القضائية، بحثا عن بعض المال لتلبية نزواتهم، إلى تنصيب أنفسهم حراسا لمواقف السيارات، بدون سند قانوني ويعمدون إلى ابتزاز أصحابها وإرغامهم على تأدية “واجب التوقف والحراسة”، تحت طائلة التهديد بالسبّ والشتم وحتى السلاح الأبيض في حالة رفض الآداء.
“أصحاب السيارات الذين يسارعون إلى منح هؤلاء الخارجين عن القانون الذي يقضون أوقاتهم في احتساء الخمر واستهلاك أنواع المخدرات، ما يريدون مخافة بطشهم أو الانتقام منهم بإتلاف سياراتهم ولو بخدشها، في غياب رادع”، حسب ما صرح به أحد المواطنين الذي سبق له أن دخل في صراع مع أحد هؤلاء الحراس المزيّفين.
من جهة أخرى، غالبا ما يدخل هؤلاء الحراس في صراعات ومواجهات تستعمل فيها جميع الأسلحة البيضاء، بعد أن تلعب الخمرة بعقولهم أو بسبب دراهم سلمت لأحدهم أو نتيجة التسابق على حراسة موقف للسيارات، تنتهي بضحايا فيما بينهم وتزرع الرعب وسط الساكنة والمواطنين، بل إلى القتل كما وقع خلال الصيف الماضي بمدينة السعيدية حين أجهز أحد الحراس على شاب من المصطافين صاحب سيارة من أجل دريهمات قليلة.
مشهد لمواجهة دامية بين حارسين للسيارات ببني أنصار الواقعة تحت النفوذ الترابي لإقليم الناظور، تم تسجيله أبريل 2017، قرب النقطة المدارية الطرقية المتواجدة وسط مركز المدينة، أسفرت عن إصابة أحدهما بجروح بليغة اِستدعت نقله إلى مستعجلات المستشفى الإقليمي الحسني بالناظور.
سلوك مخالف للقانون، أجهز على حرية المواطنين حيث عمد البعض إلى تثبيت أعمدة حديدية على الأرصفة بحجة منع السيارات من الوقوف وإغلاق منافذ متاجره ومضايقة الزبائن المرتادين عليه، ومنهم من يقوم بطلاء الرصيف باللونين الأبيض والأحمر في إشارة إلى “ممنوع الوقوف” أو يصفف على طول الطريق بجانب الرصيف صناديق أو مزهريات أو أي حاجز من الحواجز يمنع وقوف السيارات أو أي آلية، ومنهم من يكوم سلعه وبضائعه على الرصيف ويترك الطريق للمارة والمتبضعين معرضا حياتهم لخطر حوادث السير كما سبق أن وقعت ولا زالت تقع يوميا.
سبق لرئيس الجماعة الحضرية لمدينة وجدة، أن صرح “أن ضبط الفوضى واحتلال الملك العمومي بوجدة يحتاج إلى ألف شرطي”، وهذا اعتراف بالتسيب والفوضى وعجز المصالح القائمة على الشأن المحلي وفشل عملية تحرير الملك العمومية واستفحال ظاهرة الباعة الجائلين والقارين والفراشة واحتلال أزقة وشوارع وأرصفة المدينة الألفية وعدد الساحات والأماكن بالقوة في غياب سياسة الردع والصرامة التي حلت محلها سياسة المهادنة والتهدئة وغض الطرف.