حتى لا تنتصب امام اعيننا علامات الاستفهام كالرايات السود على الشواطئ !
ذة. سليمة فراجي
عن افق الاستحقاقات المقبلة ومدى ارتباطها بخلاصات تقرير النموذج التنموي الجديد اتحدث !
نموذج تنموي انطلق من دياكنوستيك مفاده فشل القادة السياسيين في مواجهة تعثر سبل الارتقاء الاجتماعي واعادة الثقة للمواطنين في المؤسسات ، وتخليق الحياة العامة ، وتراخي وتيرة التنمية
نموذج يصبو الى تعبئة الذكاء الجماعي من أجل الرفع من القدرة على صياغة وتنزيل السياسات العمومية بكل فعالية ونجاعة
لكن اثبتت التجارب مرة تلو الاخرى بانه عندما تتصادم المصالح الخاصة سواء لحزب بمختلف مؤيديه ومريديه او جماعة او حتى أفراد نافذين مع المصلحة العامة ، يتم تغليب المصالح الخاصة على حساب العامة وبطرق ملتوية حتى لا تظهر العملية بشكل مكشوف ومحرج ،
وبذلك يتبخر الكلام المنمق عن الارتقاء الاجتماعي وتحسين ظروف عيش المواطنين وتحقيق العدالة المجالية اعتبارا ان من تغنى بالديموقراطية بمجرد ما تمس مصالحه الخاصة ينقلب ضدها ولو بصفة لا شعورية وهذا ما حدث ابان مناقشة القانون التنظيمي المتعلق بالتعيين في المناصب العليا سنة 2012 والذي اعقبه جبر الخواطر بمنح المناصب لكل من خاض المعارك
بمعنى ان القوى السياسية او الاقتصادية التي تتحدث ليل نهار عن ضرورة الإصلاح ومحاربة الفساد عندما تقترب منها السياسات الإصلاحية وقرارات محاربة الفساد نجدها تهاجم وبشراسة تلك السياسات والقرارات وتتهم المصلحين بأنهم مفسدين ومدمرين للقوى الاقتصادية ،
وبما ان الفساد والإصلاح متناقضان وان الإصلاح يفرض وأد الفساد، فان الاول يتطلب الإصلاح المؤسساتي للدولة والمجتمع المدني والقطاع الخاص لتعزيز مبادئ الادارة المعقلنة الرشيدة وإطلاق حريات التعبير والتنظيم وفتح حوار مباشر مع كل القوى الحية الفاعلة في المجتمع وإنشاء شبكات من المنظمات والجمعيات التي تلتقي حول نفس الاهداف مع اشراك المجتمع بجميع شرائحه لا الاكتفاء بالقناعات الشخصية للبعض او استيراد ايديولوجيات او تجارب غير ملائمة من الخارج ،
علما ان الرغبة في في التغيير من اجل الأفضل تبدأ من الفرد ذاته قبل اي شيء اخر وان التحديث لا يكون الا بتحول الفرد من شخصية ساكنة الى شخصية متحركة وهذه الرغبة في التغيير والحركة والبحث عن الأفضل مسألة نابعة من المجتمع، وتغيير الفرد ثقافيا هو مفتاح التقدم او التخلف ،اما المؤشرات الاقتصادية والسياسية فهي مجرد دلائل مادية تعبر عن نجاح المجتمع في حركته من
عدمها ،
وتتجلى دعائم تفعيل الشعارات المغرية للناخب في سيادة مناخ الشفافية في المؤسسات الحكومية ووأد الفساد في مكامنه من رشوة واستغلال النفوذ والغدر والمحسوبية والزبونية والتوزيع غير العادل للثروات والغنى الفاحش وتغليب المصلحة الخاصة على العامة
مع القطع مع سياسة جبر الخواطر بإعطاء المناصب كمكافأة على المساعدة لايصال البعض لمناصب القرا ر ولو تناقضت مع مبدأ الرجل المناسب في المكان المناسب في خرق سافر لشرط الكفاءة والقدرة على تحمل المهام ، انذاك يمكننا الحديث عن استعادة الثقة المجتمعية ومواجهة موجات السخط والاحتجاج والتنديدات التي تهدد امن واستقرار البلاد مع تعديل القوانين المقيدة للنمو الاقتصادي او المشوبة بالغموض والتعقيد وإطلاق الطاقات الكامنة لدى الأفراد في التعبير والمشاركة والتفاعل الحر مع المتغيرات مع التركيز على مجال التعليم بتبني برامج ومؤسسات تعليمية متطورة تكون المخزون الثقافي لمجتمع المعرفة وتتبنى غرس قيم الانفتاح والقبول بالاخر وتنمي الذات المنتجة المبدعة مقابل الذات المستهلكة المقلدة ، فالإبداع والخلق هما الدعامة الرئيسة لنماذج تنموية ناجحة ، مع الانتصار لإدارة رشيدة وحكامة جيدةمع سيادة القانون وتعزيز الحريات واستقلال فعلي للقضاء وتكافؤ الفرص وتعاظم المشاركة على كافة المستويات
واذا كان احد الفلاسفة قال ان المهم هو ان نعمل كي نتحرر وليس المهم ان نفني أعمارنا في البحث عن وجود الحرية ، فان المهم بالنسبة لنا هو ان نتجند من اجل عملية اصلاح شاملة بدل ان نفني أعمارنا في محاولة تعريف الفساد وهلامية شعار محاربة الفساد ونحن نعاين معارضة منادية بمدينة أفلاطون، لتصبح بعد الانتخابات حكومة مشيطنة لا تفقه الا في الفساد والإفساد مع تغيير الأدوار حسب التحالفات الحكومية ،
وبين هذا وذاك يعم الجمود واللامعنى الذي اصبح يطبع الحياة السياسية ويزيد من احباط وسخط المواطن ، ذلك المواطن الثائر المحتج المندد والذي اذا منح المنصب الذي يندد به وبطريقة اشتغاله وكيفية الوصول اليه يصبح بدوره محل اتهام بالفساد و حام لمصالحه الشخصية ،
كم نحن بحاجة إذن لثورة ثقافية روحية اجتماعية وهبّة ما قبل الانتخابات تنتصر لمن يصبو الى تحقيق المصلحة العامة مع القطع مع اسلوب شراء الضمائر و عملية بيع وشراء الاصوات في سوق النخاسة والذل
ونحن على أبواب الاستحقاقات المقبلة نحتاج الى كتلة ناخبة واعية ومشخصة لواقع ما مضى لاستخلاص العبر وعدم تكرار نفس الاخطاء التي افقدت المواطنين الثقة في المؤسسات ،
لا اظن ان الشعارات المسطرة في البرامج الانتخابية ستنطلي على ذكاء المواطن الذي خدع سابقا ببعض البرامج لان المطلوب منه هو تقييمها لاستنتاج مدى قدرة الواعد على تنزيلها على ارض الواقع وقابليتها للتنفيذ بدون تعقيد للمساطر او عدم جدواها
وفي هذا الصدد اشار عاهل البلاد على دور المواطن في العملية الانتخابية في خطابه المؤرخ في 30يوليوز 2016:
“فالمواطن هو الأهم في العملية الانتخابية وليس الاحزاب والمرشحين ، وهو مصدر السلطة التي يفوضها لهم ، وله ايضا سلطة محاسبتهم او تغييرهم بناء على ما قدموه خلال مدة انتدابهم
لذا أوجه النداء لكل الناخبين بتحكيم ضمائرهم ، واستحضار مصلحة الوطن والمواطنين خلال عملية التصويت بعيدا عن اي اعتبارات كيفما كان نوعها
كما ادعو الاحزاب لتقديم مرشحين تتوفر فيهم شروط الكفاءة والنزاهة وروح المسوؤلية والحرص على خدمة المواطن ”
انتهى النطق الملكي السامي
سليمة فرجي