لما نتحدث عن المعارضة نستحضر حقوقها الدستورية
ذة.سليمة فراجي
المعارضة لها سلطة نافذة ذات قوة اقتراحية،على اعتبار أنه إذا كنا في حاجة إلى حكومة سياسية منسجمة متضامنة متكتلة حولمشروع حكومي واضح وقابل للتحقيق وليس حكومة تأتي بمشروع قانون وتصوت ضده في البرلمان ، فإننا في حاجة إلى معارضة قوية جادةومسؤولة، وذات سلطة كابحة contre pouvoir ذلك أنها تشكل بديلا ذا مصداقية لمواجهةالأغلبية وتساهم في الرقابة والانتقادات البناءة للعمل الحكومي، وخلق جو من الشفافيةوالنزاهة والحكامة في التسيير، والحد والحيلولة دون تعسفات وتجاوزات السلطاتالسياسية، بالإضافة إلى الدفاع عن المال العام وعن حقوق الإنسان والحريات الفرديةوالأساسية؛
لذلك لا مجال له أن ينظر إليها بمنظار عدائي أو تآمري
كما أن تقزيم دور المعارضة والحكم على مقترحات القوانين التي تسجلها بعدم البرمجةوالإقبار ومحاولة إسكات صوتها والتشكيك في مصداقيتها يعد تراجعا خطيراللديمقراطية، اذ تساهم في تجويد النصوص بدل الاعتماد على الكم، وتقديم البدائل الواقعية التي تصبوإلى خدمة مصالح المواطنين؛ علما أن الخطاب الملكي كان واضحا في هذا الشأن لما ذكرالبرلمانيين اللذين يستمدون ولايتهم من الأمة بأن على عاتقهم الارتقاء إلى مستوى الصالح العام وتغليب المصالح العليا للأمة كيفما كانت انتماءاتهم السياسية
بريطانيا مثلا منحت لقبا رسميا لرئيس المعارضة، وهو “رئيس المعارضة لدى صاحبةالجلالة”، كما أن مجلس التفكير في سير المؤسسات الجمهورية الخامسة بفرنسا المحدثسنة 2007 برئاسة Édouard Balladur سجل اعترافا صريحا وقويا بحقوق المعارضةبخصوص الحيز الزمني والتمثيلية في الرئاسات ومهام مقرري لجان التقصي. كما أنالدستور الفرنسي لسنة 2008 أقر جلسة في الشهر يكون جدول أعمالها مخصصاومبرمجا من طرف المعارضة. كما عرفت سنة 2007 ظاهرة تمثلت في منح رئاسة لجنةالمالية للجمعية العامة، أي ما يوازي برلماننا للمعارضة.. وهذه الخطوة كانت التزاما أخذهعلى نفسه رئيس الجمهورية السابق ساركوزي أثناء حملته الانتخابية.
لهذا إذا كنا نصبو إلى حكومة قوية لمواجهة الصعاب والتحديات الخارجية والداخلية،فما علينا إلا تغيير النظرة الدونية وانتقاء النواب بناء على كفاءتهم وانتصارهم للمصلحة العامة وتمكين المعارضة من حقوقها الدستورية المسطرة بمقتضى الفصول 60 -10–82-100-101-من الدستورالمغربي.
ولا غرابة في كون الخطاب الملكي بناسبة افتتاح الدورة الأولى من الولاية التشريعيةبتاريخ 14/10/2016 أشار إلى كون المرحلة القادمة أهم بكثير من سابقاتها؛ ذلك أنه إذاكانت الأولى بعد دستور 2011 تأسيسية، فإن المقبلة محكومة بمشاكل المواطنينالحقيقية، وبتحسين خدمات المرافق العمومية لجعلها في خدمة المواطنين بدل خدمةالمصالح الشخصية.
ولا يتسنى ذلك إلا بمؤسسة تشريعية مسؤولة قوية وجادة، أغلبية ومعارضة، حتى يتمإنتاج قوانين منتجة ومتناغمة مع مصالح المواطن، وديمقراطية قوية؛ وبحكومة قويةمنسجمة متضامنة حول مشروع حكومي يضمن تنفيذه وزراء أكفاء ولديهم قناعاتالوطن، بدل إسناد الحقائب تطبيقا لنظرية جبر الخواطر والتمادي في العبث وهدر المالالعام.
وبما اننا مقبلون على محطة انتخابية مقبلة نلتمس ان يكون هاجس المواطنة ومواجهةالهشاشة والفقر والجهل وتداعيات الوباء هي العوامل و المحرك والدافع الباعث لانتقاءالنخب ووضع الرجل المناسب في المكان المناسب لمواكبة النموذج التنموي الجديد
سليمة فرجي