المخلوقات الانتخابية العجيبة
فريد بوجيدة
توجد في بعض الاساطير حكايات غريبة عن بعض المخلوقات البشرية ، مخلوقات تملك قدرة عجيبة على البقاء ، وتقاوم الموت بصعوبة مستعملة قوتها الخارقة في التشبث بالحياة ، وسحق المخلوقات الأخرى . وتظهر قوة المخلوقات العجيبة في أشكال متعددة ، فهي إما مادية جسدية غريبة ، أولا مادية ترتبط بالأرواح . وفي الاساطير أيضا نكتشف صراعا بين قوى الخير وقوى الشر . ومن أجل القضاء على الشر لابد من مواجهة هذه المخلوقات ، وهذا ليس بالهين ، ويتطلب من بطل الاسطورة البحث عن عناصر الضعف التي تجعل المخلوقات العجيبة تنهار . وقد استفادت السينما الأمريكية من هذه الاساطير لخلق الفرجة وإمتاع المشاهد وإشباع غريزته في الانتقام من الشر ، ودفعه إلى أقصى حالات الغليان ضده . إن النهايات السعيدة للقصص والمغامرات العاطفية والبوليسية أصبحت قديمة ومعروفة للمشاهد ، هكذا أصبح السوسبانس بيت القصيد عند دعاة التجديد والمغامرة الإبداعية، فلايكفي صنع مشاهد سعيدة للنهاية الدرامية ، بل خلق نماذج بشرية لاتموت بسهولة . وكلما أحس المشاهد بأن البطل قد تخلص من غريمه إلا وظهر من جديد كقدر محتوم . وهذا ما يخلق السوسبانس خصوصا في أفلام الرعب التي تظهر فيها شخصيات غريبة لايعرف قوتها إلا أصحاب الفكرة ومخرجوها .
إذا كنا في السينما نشرب المقالب كما يقول المصريون ، فإننا في الواقع نشرب المر. لنتأمل مشهدنا السياسي ، وبالضبط المشهد الانتخابي ، (أو لسنا أمام شريط مغربي مطوله من نوع الانتخابات ؟ ) نكتشف المرارة بل الحقيقة : مخلوقات انتخابية حقيقية تغيب ثم تظهر فجأة على الشاشة وكأنها تملك القدرة الأسطورية على مقاومة الموت ، أو لعلها عنصر تشويق بيد مخرج ذكي مغرم بالسوسبانس . فرغم أنف الجميع تنهض الصور القديمة لوجوه لاتعرف الحياء .أين تكمن قوة هذه المخلوقات ؟ أوليس من حقنا أن ننعم بنهاية جميلة تنهزم فيها المخلوقات المصبوغ وتنتصر الديمقراطية ؟
نشر سنة 93 من القرن الماضي في الصفحة الأولى لجريدة أنوال المغربية ……