لقاء “البام” و”البيجيدي”..استعراض أم تحالف جاد؟!
د.محمد بالدوان
أعاد لقاء الأمينين العامين لكل من “البام” و”البيجيدي” إلى الطاولة نقاشا سياسيا يخص العلاقات والتحالفات والخطوط الحمراء والزرقاء والصفراء.
فهل ما يجري يشير إلى تحول في المواقف والتحالفات؟ أم أنه استعراض روتيني يسبق دوما معركة الانتخابات؟
إن المسار الذي سلكه “البام” بعد الربيع، إلى حدود تنحي العماري وفرار بعض قياداته الى الخارج ومنع أخرى من السفر، شكل أساسا منطقيا لإمكانية تحالفه مع حزب رأسماله الضخم تخليق الحياة العامة.
لم يكن سؤال التقارب بين الحزبين وليد اللحظة، بل بدأ مع بنكيران، إبان ولايته، الذي أجاب عنه بذكاء واختصار؛ التحالف مقابل إنهاء الفساد والتسلط.
كما لم يكن تقلد المحامي والحقوقي عبد اللطيف وهبي أمانة حزب صديق الملك بعد عزل رموز التسلط فيه، عبثا، إذ أعطى إشارة مفادها أن “بام” اليوم هو “بام” الحقوق لا التسلط و”بام” الشعب لا “بام” الاوليغارشية المهيمنة.
قد تكون هذه التطورات تكتيكا مرحليا، وهذا وارد، إلا أن استحضار معطيات أخرى يبعث على التفاؤل بخصوص تطور الحياة السياسية المغربية إلى الافضل.
سبق أن أشرت في مقالات سابقة إلى أن مربع السلطة في المغرب يشهد صراعا خفيا بين رجال السلطة والادارة من ناحية، ورجال المال والاعمال من ناحية أخرى، قبيل تنصيب العثماني رئيسا للحكومة، فكان من مخرجات هذا الصراع مرحليا؛ انفلات رجال الاعمال من يد رجال السلطة وفوز ا”لبيجيدي” برئاسة الحكومة، وترجم هذا الصراع فيما بعد إلى إشهار سلاح المقاطعة في وجه سلطة رجال الاعمال والسياسيين منهم خاصة، ثم إلى تفجير ملف المحروقات الذي بات يشكل إدانة ثابتة لهم، كما ينذر بحدوث مفاجآت قبيل الانتخابات إذا لم ينته الامر بتوافقات متعددة المصالح.
لا شك في أن السياق الحالي للقاء قيادات “البام” و”البيجيدي” هو التشاور بخصوص المستقبل السياسي قبيل تشريعيات شتنبر 2021، لكن ثمة سياق تاريخي سابق دشنه بنكيران بمواقفه الثابتة والمعتدلة، وها هو الآن العثماني يواصل هذا المسار الذي نضج في لحظة سياسية جد دقيقة وطنيا وإقليميا ودوليا.. إذ لا يمكن اعتبار الانقلاب الذي ضرب تونس صدفة، ولن تقف تداعياته إلا في تونس.
لا يستبعد بأن تكون من مخرجات هذه الدينامية تكليف وهبي بعد التشريعيات بتشكيل الحكومة، بعد عجز العثماني عن تشكيل أغلبية، أو حتى قبلها إذا لم يحتل البيجيدي الرتبة الأولى، مع مشاركة مضمونة ووازنة للإسلاميين فيها، إذا ضُمنت محاصرة زواج المال بالسلطة، وإذا تنازل كل الفرقاء من أجل المصالح الحيوية والاستراتيجية للوطن.