مقاطعة ” شعب القبائل” لانتخابات البرلمان الجزائري ب 99% استفتاء شعبي لتأكيد التمسك بالاستقلال الذاتي
عبدالقادر كتــرة
أكدت مقاطعة شعب منطقة “القبائل” بنسبة 99 في المائة للانتخابات التشريعية بالجزائر في 12 يونيو الماضي، تمسك “جمهورية القبائل” بالاستقلال الذاتي عن الجزائر التي ترزح تحت حكم النظام العسكري الجزائري منذ 70 سنة بعد خروج الاستعمار الفرنسي.
ولم تتجاوز نسبة المشاركة بولايتي بجاية وتيزي وزو، 0.82 في المئة، و0.65 في المئة، يوم الاقتراع الذي شهد امتناع 86 مركز انتخاب عن فتح أبوابها في محافظة تيزي وزو من مجموع 704 مراكز، إضافة إلى رفض 40 مؤطراً الالتحاق بمراكز التصويت، بينما فتحت 7 مكاتب فقط من مجموع 1705 مكاتب في محافظة بجاية مع تسجيل اشتباكات بين مناهضي الانتخابات وقوات مكافحة الشغب.
وشهدت بعض مراكز ومكاتب التصويت الموجودة في بعض بلديات محافظة البويرة، عمليات تخريب للصناديق وتمزيق لأوراق الانتخاب، وسط منع المواطنين من التصويت، الأمر الذي خلق وضعاً متوتراً بلغ حدّ المناوشات بين شباب المنطقة وقوى الأمن.
وتوقّع النظام العسكري الجزائري هذه النتيجة حيث سبق أن صرح الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون ضعفاً في نسب المشاركة، ما دفعه إلى استباق التأويلات والتصريح بأن نسبة المشاركة في الانتخابات التشريعية لا تهمه كثيراً، مشيراً إلى أن ما يهمه الأشخاص الذين يخرجون من صناديق الاقتراع بالشرعية الكافية التي يأخذون بها السلطة التشريعية، مضيفاً أن “هذا الشيء يجعلني متفائلاً”.
ولا تُعتبر مقاطعة القبائل مفاجئة بعد إعلان أكبر حزبين متمركزين في المنطقة عدم مشاركتهما في الانتخابات، وهما “جبهة القوى الاشتراكية” و”التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية”، تحت تبرير “إصرار السلطة على مسار غير توافقي”. وحذّر تبون من “مساهمة الانتخابات في عزل أكبر لمنطقة القبائل، بشكل يفتح الأبواب أمام طروحات حركة “الماك” التي تطالب بانفصال المنطقة عن بقية البلاد”.
القيادي في حزب “التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية” المقاطع مراد بياتور يعتبر أنه في كل ربوع الوطن، لاقت هذه الانتخابات رفضاً شعبياً واسعاً، والملاحظ أن منطقة القبائل تحقق نسبة صفر في المئة للمرة الثالثة على التوالي، بعد الرئاسيات وتعديل الدستور، الأمر الذي يضع سلطة الأمر الواقع أمام مأزق التمثيل في هذه المنطقة، مضيفاً أن الخوف من المقاطعة دفع الرئيس تبون إلى تبرير الرفض الشعبي بالقول إن نسبة المشاركة غير مهمة. ويوضح بياتور أن الشرخ بين السلطة والشعب يزداد يوماً بعد يوم، ولم يعُد بإمكان السلطة القائمة استعادة الثقة المفقودة التي جعلت المواطن يرى في مؤسسات الدولة أدوات قمعية وتعسفية.
وتحول المدن القبائلية، خلال الجمعة 127 إلى مدن ميتة في محاولة من النظام العسكري الجزائري إجهاض تجمهر كان ينوي تنظيمه بجلب مجموعة من المرتزقة والشياتة و”ماسحي أحدية الكبرانات” من خارج منطقة القبائل والزج بهم في مظاهرات الحراك القبائلي للاحتجاج على وثيقة ممثل المملكة المغربية الشريفة بالأمم المتحدة عمر هلال، ذكر فيها النظام العسكري الجزائري بتطبيق تقرير المصير التي تتبجح به والدفاع عنه في الملتقيات الدولية ، على شعب القبائل الذي لا زال يرزح تحت أقدم احتلال…
وبمجرد شروع نظام كبرانات ثكنة بن عكنون في خطتهم البئيسة طلبت حركة استقلال منطقة القبائل (MAK) من السكان القبائليين التزام بيوتهم وعدم الخروج هذه الجمعة للحراك، فتحولت المدن القبائلية إلى مدن مهجورة أربكت النظام العسكري الجزائري وألغى ما كان ينوي الإقدام عليه ، فكان موقف الشعب القبائلي البطل استفتاء للتأكيد مرة أخرى على التمسك بتقري المصير والاستقلال.
وتتواصل الاحتجاجات في مختلف مدن وقرى منطقة القبائل الجزائرية تعيد للذاكرة الطابع المتمرد الذي ميز منطقة القبائل منذ عقود عدة وعلاقة التوتر السياسي بين أمازيغ المنطقة والسلطات الحاكمة التي وصلت في بعض مراحلها إلى صدام دام خلف عشرات المئات من القتلى والجرحى.
جمهورية القبائل تتوفر على جميع مقومات الدولة بحيث لها أرض وعاصمة (تيزي وزو) وحكومة في المنفى برئيس (فرحات مهني) وعشرة وزراء في فرنسا وراية وطنية وبطاقة تعريف وجواز سفر وممثلين للجمهورية القبائلية في بعض البلدان وملف ثقيل بهيئة الأمم المتحدة.
من جهة أخرى، أشاد أكسل بلعباسي، القيادي في حركة استقلال منطقة القبائل (MAK) والمقيم في فرنسا، بدعم السفير الممثل الدائم للمغرب لدى الأمم المتحدة لمطالب استقلال منطقة القبائل، داعيا إلى تعزيز العلاقات بين الطرفين عبر استقبال وفد قبائلي رسمي في الرباط وفتح سفارة للحركة السياسية بالعاصمة المغربية وقنصلية بالأقاليم الجنوبية للمملكة المغربية.
واستغرب القيادي في حركة استقلال منطقة القبائل ازدواجية خطاب النظام الجزائري بعد ردود الفعل العنيفة ضد المغرب، وقال إن الجزائر تتعامل بمنطق “حرام عليك وحلال عليّ”؛ أي إنها من حقها أن تحتضن وتمول وتسلح جبهة البوليساريو في حين ترفض الدعم المغربي الذي لا يتعدى الموقف الدبلوماسي المعبر عنه.
القيادي ذاته أكد في حواره هذا مع جريدة هسبريس الإلكترونية أن الجزائر تحكمها “جماعة لصوص” تعمل على “نهب خيرات وثروات الجزائريين” دون حسيب أو رقيب، مؤكدا أن الشعب القبائلي لا يمكن أن يعيش إلى جانب نظام جزائري مستبد مارس القمع الوحشي والتهميش والتقتيل لسنوات طويلة ضده