عبد العزيز وسميه
محمد شحلال
أخيرا،وبعد العديد من الاشاعات السابقة،تعلن الدوائر الرسمية في الجزائر عن رحيل الرئيس عبد العزيز بوتفليقة،وذلك -ربما-اثر استنفاذ كل الأدوار التي كلف بها قسرا وهو على كرسي متحرك.
لقد تعسف النظام على الرجل وهو في أرذل العمر،وظل يتاجر بصورته أمام أنظار العالم محتقرا مشاعر الشعب الجزائري قبل غيره.
ولولا انطلاق الحراك وتصاعده،لفكر النظام العسكري في تحنيط الرئيس المسلوب الارادة ،ليستمر حاكما لبلد لا يعلم عنه شيئا.
تميز مسار الرئيس بوتفليقة بمحطات هامة،لعل أبرزها انتزاع عشق ممرضة وجدية هامت في حبه،قبل أن يلتحق بالثوار تاركا هذه الفتاة تندب حظها الى الأبد.
كان الرئيس بوتفليقة شخصا يتقاسم كثيرا من الدهاء والحيوية مع الراحل بنبركة ،مما خوله أن يتولى حقيبة الخارجية لمدة طويلة،تحول خلالها الى نجم يصول ويجول في المحافل الدولية خاصة في عهد بومدين.
فرط السيد بوتفليقة في حقوقه،،الأهلية،،واختار أن يتزوج السياسة التي، ما لبث أن وظف فيها كل أوراقه لكسر شوكة المغرب ،مستفيدا من احتدام الصراع الاديولوجي الذي لخصه بعض زعماء العالم الثالث في ضرورة التخلص من الأنظمة ،،الرجعية،،وعلى رأسها الملكيات.
. وهكذا تمكن بوتفليقة ورئيسه ،من تأليب العديد من الدول ضد بلادنا، بعد افتعال قضية الصحراء التي أصبحت قضية النظام الأولى في الجزائر.
تردد بعض الأوسا المتابعة،بأن بوتفليقة هو من عرقل كل تسوية لملف الصحراء ،وحولها الى جرح غائر في علاقة البلدين ،تصفية لحسابات عديدة، وتسابقا نحو زعامة تشرعنها الجزائر لمصلحتها بناء على ثورتها التي احاطتها بهالة من التميز والقدسية، حتى تحولت الى عقدة تطبع السلوك العام.
هاهو السيد بوتفليقة يغادر الدنيا وعلى كاهله وزر مقتل الاف المغاربة في الصحراء ،بكل ما ترتب عن ذلك من تمزق عائلي ومعاناة لا حدود لها، ناهيك عن الأضرار التي لحقت مسار بلادنا التنموي، طيلة العقود الخمسة الماضية.
. لكل عاقل أن يتصور حال السيد بوتفليقة وهو يلقى ربه بملف ثقيل، لم يعتبر فيه بما صنع سلفه ،وكيف له أن يبرر كل الفظاعات التي لحقت بمواطنينا الذين كان يدعي أخوتهم ؟ هل فكر يوما في مأل سلفه من الرؤساء الذين انتهوا نهايات سوريالية ؟
. ألا يراجع النظام الحالي نفسه بهذه المناسبة، ويقدر عواقب العداء الذي يذكيه تجاه بلادنا وهو يدرك أنه يعاكس حقائق التاريخ ؟
لقد رحل بوتفليقة وفي نفسه حلم لم يتحقق : حلم تركيع المغرب، واقامة كيان هجين، يقطع جذور المغرب في القارة،ولا بأس،فقد تبخركذلك حلم الرئيس،،الدمية،،محمد بن عبد العزيز في ترؤس جمهورية الوهم ،وحكم عليه حظه العاثر أن يتوارى في كثبان الرمال بعيدا عن الأسرة الحقيقية.
. وللإمانة التاريخية،فان الرئيس بوتفليقة لم يجمع بين ايذاء الجار وعقوق الوالدين الذي اختاره عبد العزيز المراكشي ،حيث امتنع عن لقاء والده ففاز بالفشل وسخط الوالدين مجتمعين.
. أسأل الله أن تنتهي المشاهد السوريالية في بلد بوتفليقة، لإن صورة اغتيال الراحل بوضياف، لن يخفف من وقعها الا قيام نظام مدني نابع من ارادة الشعب ،يطوي صفحة المكائد والأحقاد التي مكنت قوى الاحتلال الغربية من أن تؤجل حلول الغد المشرق في بلاد تنشد الانعتاق من التخلف.
.