من أولى بتقرير المصير، مشاركة الصحراويين المغاربة بأكثر من 70% في التشريعيات المغربية أو مقاطعة شعب القبائل بأزيد من 99% للاستحقاقات الجزائرية ؟
عبدالقادر كتــرة
أكدت نسبة مشاركة ساكنة الأقاليم الصحراوية الجنوبية في الاستحقاقات التشريعية لثامن من شتنبر ، بما لا يدع مجالا للشك، على تشبث ساكنة الأقاليم الصحراوية بالوحدة الوطنية ونجاح الدولة المغربية في ترسيخ قيم المواطنة والديمقراطية بعد استرجاع هذه المناطق.
كما تعتبر هذه الاستحقاقات، كما في السابق، محطة بارزة ردت فيها الساكنة بشكل قاطع على ادعاءات النظام العسكري الجزائري وصنيعته البوليساريو، وأكدت على مغربيتهم التي لا تساوم “أحب من أحب وكره من كره”.
ونشرت الأمانة العامة للأمم المتحدة، كوثيقة رسمية لمجلس الأمن وباللغات الست للمنظمة، الرسالة التي وجهها السفير الممثل الدائم للمغرب، السيد عمر هلال، إلى مجلس الأمن والأمانة العامة للأمم المتحدة، في العاشر من شتنبر الجاري، بشأن سير الانتخابات العامة لثامن شتنبر بالمملكة، بما في ذلك الصحراء المغربية.
وهي الوثيقة التي أكدت على أن نسبة المشاركة المرتفعة لسكان الصحراء المغربية “تمثل تأكيدا جديدا من خلال صناديق الاقتراع على التشبث الراسخ للمواطنين في الأقاليم الجنوبية بمغربيتهم “.
وأضاف أن “نسبة المشاركة على المستوى الوطني بلغت 50,35 بالمائة، وهو معدل قياسي مقارنة بالاستحقاقات الانتخابية السابقة، وذلك بالرغم من الإكراهات التي فرضها تفشي جائحة كوفيد-19 “.
وأضاف أنه “على الصعيد الإقليمي، كانت نسبة المشاركة بالصحراء المغربية أكثر أهمية. ففي جهة الداخلة – وادي الذهب، بلغت نسبة المشاركة 79,64 بالمائة في إقليم أوسرد، و54,40 في المائة في إقليم وادي الذهب. أما بأقاليم جهة العيون – الساقية الحمراء، بلغت نسبة المشاركة 85,20 في المائة بإقليم طرفاية، و67,37 في المائة بإقليم السمارة، و68,65 في المائة بإقليم العيون، و64,10 في المائة في إقليم بوجدور.
من جهة أخرى، أشار الدبلوماسي المغربي إلى أن “هذه الانتخابات تمت ملاحظتها وتتبعها، باستقلالية وحياد تام، من قبل 5020 ملاحظا محليا ودوليا. ويتعلق الأمر بـ 4 آلاف و891 ملاحظا محليا، من بينهم 568 ملاحظا تابعين للمجلس الوطني لحقوق الإنسان، و129 ملاحظا دوليا، يمثلون عدة دول من إفريقيا وأوروبا وآسيا والعالم العربي، ومنظمات دولية وإقليمية، وبرلمانات وطنية ودولية، ومنظمات غير حكومية والمجتمع المدني “.
وخلص إلى أن “هؤلاء المراقبين أكدوا أن هذه الانتخابات جرت في ظل ظروف عادية “، مشيرا إلى أنه ” لم يسجل أي حادث من شأنه التأثير على شفافية الاقتراع على مستوى جميع مناطق المملكة”.
ويتزامن توزيع هذه الوثيقة بالغة الأهمية، الإثنين 20 شتنبر 2021، مع بدء أعمال الاجتماعات رفيعة المستوى للجمعية العامة، بحضور كبار قادة الدول الأعضاء في الأمم المتحدة في نيويورك.
من جهة أخرى، أكدت مقاطعة شعب منطقة “القبائل” بنسبة 99 في المائة للانتخابات التشريعية بالجزائر في 12 يونيو الماضي، تمسك “جمهورية القبائل” بالاستقلال الذاتي عن الجزائر التي ترزح تحت حكم النظام العسكري الجزائري منذ 70 سنة بعد خروج الاستعمار الفرنسي.
ولم تتجاوز نسبة المشاركة بولايتي بجاية وتيزي وزو، 0.82 في المئة، و0.65 في المئة، يوم الاقتراع الذي شهد امتناع 86 مركز انتخاب عن فتح أبوابها في محافظة تيزي وزو من مجموع 704 مراكز، إضافة إلى رفض 40 مؤطراً الالتحاق بمراكز التصويت، بينما فتحت 7 مكاتب فقط من مجموع 1705 مكاتب في محافظة بجاية مع تسجيل اشتباكات بين مناهضي الانتخابات وقوات مكافحة الشغب.
وشهدت بعض مراكز ومكاتب التصويت الموجودة في بعض بلديات محافظة البويرة، عمليات تخريب للصناديق وتمزيق لأوراق الانتخاب، وسط منع المواطنين من التصويت، الأمر الذي خلق وضعاً متوتراً بلغ حدّ المناوشات بين شباب المنطقة وقوى الأمن.
وتوقّع النظام العسكري الجزائري هذه النتيجة حيث سبق أن صرح الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون ضعفاً في نسب المشاركة، ما دفعه إلى استباق التأويلات والتصريح بأن نسبة المشاركة في الانتخابات التشريعية لا تهمه كثيراً، مشيراً إلى أن ما يهمه الأشخاص الذين يخرجون من صناديق الاقتراع بالشرعية الكافية التي يأخذون بها السلطة التشريعية، مضيفاً أن “هذا الشيء يجعلني متفائلاً”.
ولا تُعتبر مقاطعة القبائل مفاجئة بعد إعلان أكبر حزبين متمركزين في المنطقة عدم مشاركتهما في الانتخابات، وهما “جبهة القوى الاشتراكية” و”التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية”، تحت تبرير “إصرار السلطة على مسار غير توافقي”. وحذّر تبون من “مساهمة الانتخابات في عزل أكبر لمنطقة القبائل، بشكل يفتح الأبواب أمام طروحات حركة “الماك” التي تطالب بانفصال المنطقة عن بقية البلاد”.
القيادي في حزب “التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية” المقاطع مراد بياتور يعتبر أنه في كل ربوع الوطن، لاقت هذه الانتخابات رفضاً شعبياً واسعاً، والملاحظ أن منطقة القبائل تحقق نسبة صفر في المئة للمرة الثالثة على التوالي، بعد الرئاسيات وتعديل الدستور، الأمر الذي يضع سلطة الأمر الواقع أمام مأزق التمثيل في هذه المنطقة، مضيفاً أن الخوف من المقاطعة دفع الرئيس تبون إلى تبرير الرفض الشعبي بالقول إن نسبة المشاركة غير مهمة. ويوضح بياتور أن الشرخ بين السلطة والشعب يزداد يوماً بعد يوم، ولم يعُد بإمكان السلطة القائمة استعادة الثقة المفقودة التي جعلت المواطن يرى في مؤسسات الدولة أدوات قمعية وتعسفية.
وتحول المدن القبائلية، خلال الجمعة 127 إلى مدن ميتة في محاولة من النظام العسكري الجزائري إجهاض تجمهر كان ينوي تنظيمه بجلب مجموعة من المرتزقة والشياتة و”ماسحي أحدية الكبرانات” من خارج منطقة القبائل والزج بهم في مظاهرات الحراك القبائلي للاحتجاج على وثيقة ممثل المملكة المغربية الشريفة بالأمم المتحدة عمر هلال، ذكر فيها النظام العسكري الجزائري بتطبيق تقرير المصير التي تتبجح به والدفاع عنه في الملتقيات الدولية ، على شعب القبائل الذي لا زال يرزح تحت أقدم احتلال…
وبمجرد شروع نظام كبرانات ثكنة بن عكنون في خطتهم البئيسة طلبت حركة استقلال منطقة القبائل (MAK) من السكان القبائليين التزام بيوتهم وعدم الخروج هذه الجمعة للحراك، فتحولت المدن القبائلية إلى مدن مهجورة أربكت النظام العسكري الجزائري وألغى ما كان ينوي الإقدام عليه ، فكان موقف الشعب القبائلي البطل استفتاء للتأكيد مرة أخرى على التمسك بتقري المصير والاستقلال.
وتتواصل الاحتجاجات في مختلف مدن وقرى منطقة القبائل الجزائرية تعيد للذاكرة الطابع المتمرد الذي ميز منطقة القبائل منذ عقود عدة وعلاقة التوتر السياسي بين أمازيغ المنطقة والسلطات الحاكمة التي وصلت في بعض مراحلها إلى صدام دام خلف عشرات المئات من القتلى والجرحى.
جمهورية القبائل تتوفر على جميع مقومات الدولة بحيث لها أرض وعاصمة (تيزي وزو) وحكومة في المنفى برئيس (فرحات مهني) وعشرة وزراء في فرنسا وراية وطنية وبطاقة تعريف وجواز سفر وممثلين للجمهورية القبائلية في بعض البلدان وملف ثقيل بهيئة الأمم المتحدة.
من جهة أخرى، أشاد أكسل بلعباسي، القيادي في حركة استقلال منطقة القبائل (MAK) والمقيم في فرنسا، بدعم السفير الممثل الدائم للمغرب لدى الأمم المتحدة لمطالب استقلال منطقة القبائل، داعيا إلى تعزيز العلاقات بين الطرفين عبر استقبال وفد قبائلي رسمي في الرباط وفتح سفارة للحركة السياسية بالعاصمة المغربية وقنصلية بالأقاليم الجنوبية للمملكة المغربية.
واستغرب القيادي في حركة استقلال منطقة القبائل ازدواجية خطاب النظام الجزائري بعد ردود الفعل العنيفة ضد المغرب، وقال إن الجزائر تتعامل بمنطق “حرام عليك وحلال عليّ”؛ أي إنها من حقها أن تحتضن وتمول وتسلح جبهة البوليساريو في حين ترفض الدعم المغربي الذي لا يتعدى الموقف الدبلوماسي المعبر عنه.
القيادي ذاته أكد في حواره مع جريدة هسبريس الإلكترونية أن الجزائر تحكمها “جماعة لصوص” تعمل على “نهب خيرات وثروات الجزائريين” دون حسيب أو رقيب، مؤكدا أن الشعب القبائلي لا يمكن أن يعيش إلى جانب نظام جزائري مستبد مارس القمع الوحشي والتهميش والتقتيل لسنوات طويلة ضده