مغاربة العالم… بين العطف الملكي و جشع شركة الطيران…
الاستاد محمد كنون
قرر الملك محمد السادس تسهيل تنقل مغاربة العالم في منتصف شهر يونيو 2021، بإصداره أمرا تاريخيا يقضي بتخفيض أثمنة تذاكر التنقل جوا، و بحرا، و برا لفائدة مغاربة العالم، لتمكينهم من العودة إلى أرض الوطن، بعد غياب قسري لسنتين، فرضته الشروط الصحية الاحترازية المرتبطة بتفشي وباء كورونا Covid-19. و قد كان لهذا القراري الملكي نتيجتين أساسيتين : أولهما، تمكين مغاربة العالم من الدخول إلى أرض الوطن بأعداد مهمة، مما ساهم في تقوية روابط الانتماء للوطن اجتماعيا و ثقافيا… و ثانيهما، أن القرار ساهم في جلب العملة الصعبة التي حققت أرقاما مهمة في ظروف الأزمة.
لكن فرحة مغاربة العالم المقيمين بكندا على سبيل المثال، لم تعمر طويلا، بحيث أن الحكومة الفيدرالية الكندية قررت إغلاق الأجواء الكندية لمدة شهرين كاملين غشت/سبتمبر في وجه شركة الخطوط الملكية المغربية التي تُؤمن النقل المباشر للمسافرين بين البلدين، على خلفية التشكيك في سلامة و صحة نتائج الكشف عن كورونا PCR، ثم يأتي بعد ذلك قرار مفاجئ للحكومة المغربية يقضي بإغلاق الأجواء المغربية كليا خلال شهر دجنبر 2021، بكل ما للقرار من تداعيات اقتصادية و اجتماعية على العالقين هنا و هناك.
و قد يُفسّٓر قرار الحكومة المغربية بأنه قرار سيادي و احترازي لمنع عدوى الفيروس المتحور omicron، لكن إغلاق الأجواء المغربية لم يكن كليا و لا شاملا، بعد منح شركة الخطوط الملكية المغربية امتياز تنظيم رحلات جوية “استثنائية” بين المغرب و بعض دول إقامة مغاربة العالم، مما يجعل من قرار الاستثناء مدخلا للالتفاف على الإرادة الملكية. فتنظيم ما تطلق عليه هذه الشركة الوطنية للنقل الجوي “برحلات استثنائية”، لم يكن إلا تحايلا على مغاربة العالم العالقين في الوطن الأم، الذين استنفذوا مُدد عطلهم، بحيث أنه رغم أن المسافرين يتوفرون على تذاكر سفر العودة إلى بلدان الإقامة في هذه الفترة الاستثنائية، إلا أن الخطوط الملكية المغربية تُشعرهم في آخر لحظة بإلغاء رحلاتهم المبرمجة، لكنها في واقع الأمر يتم الاحتفاظ بتنظيم نفس الرحلات الجوية، و يُطلب من المسافرين الراغبين في السفر، تأكيد حجزهم في نفس اليوم و الرحلة، مقابل زيادة في ثمن التذكرة قدرها 11 ألف درهم بين مطار الدار البيضاء و مطار مونتريال بكندا، علما أن ثمن الرحلة كاملا ذهابا و أيابا يتراوح بين 5500 درهم و 6000 درهم في هذه الفترة.
هكذا إذن، يتم الإيقاع بمغاربة العالم من طرف هذه الشركة، نظرا لما لهذا القرار من آثار سلبية تُفقدهم وظائفهم أو حقوق الإقامة الدائمة أو التسجيل في المعاهد و الكليات… للكثير منهم، و فوق كل هذا، من غير المقبول الالتفاف على الإرادة الملكية الهادفة إلى تيسير تنقل مغاربة العالم…
الاستاد محمد كنون