من وجدة: الفوتوغرافيا المغربية تنظم نفسها وتستشرف آفاقها المستقبلية
اللجنة الإعلامية
على مرمى حجر من الثالث عشر والرابع عشر من شهر ماي 2022، يستعد مركز الدراسات والبحوث الإنسانية والاجتماعية بوجدة، للإعلان عن انطلاق مهرجان وجدة الوطني الثاني للفن الفوتوغرافي، والذي سينظم بشراكة مع كل من جمعية الصورة والسينما بوجدة، وجمعية مغرب الصورة بالدار البيضاء وجمعية نادي أكادير للتصوير الفوتوغرافي، وبدعم من جامعة محمد الأول والمديرية الجهوية للثقافة بجهة الشرق، تحت شعار: الفن الفوتوغرافي وتثمين التراث الثقافي اللامادي المغربي.
سيحضر هذا الملتقى الوطني الفني أزيد من ستين فوتوغرافيا ينحدرون من أزيد من 18 مدينة مغربية، يتوزعون على تراب المملكة توزيعا معتبرا، لبوا نداء الصورة والضوء من شمال وجنوب وشرق وغرب المملكة، متحملين مشقة السفر وطول الطريق في اتجاه مدينة الألفية، حبا في هذا الوطن، وخدمة له، وإسهاما منهم في تنميته من خلال أحد أجمل الفنون التي يتقنونها وهو فن الفوتوغرافيا، وكلهم استعداد للعمل في إطار مشاريع تبرز الإمكانيات التي يتمتع بها هذا الوطن على جميع المستويات، انطلاقا من إبراز التراث اللامادي المغربي الأصيل.
وسيعرف هذا الملتقى الوطني العديد من الأحداث الهامة التي يمكن اعتبارها سابقة وطنية سواء تعلق الأمر بميكانيزمات التعامل مع التراث اللامادي المغربي كموروث ثقافي يستحق التثمين والصون والعناية، أو تعلق الأمر بمجال الفن الفوتوغرافي في المملكة.
فأما من حيث التراث اللامادي المغربي، فإن المهرجان سيعمل على تأسيس أول لبنة في مشروع وطني ثقافي بعيد المدى من خلال استراتيجية مدروسة أبطالها المصورون المغاربة لوضع موسوعة ورقية ورقمية تجمع كل ما يتعلق بالتراث اللامادي المغربي في أبعاده الأربعة، أي: الحرف التقليدية، تقاليد أداء العروض، الممارسات الاجتماعية والطقوس والاحتفالات، وكذا المعارف والممارسات المتعلقة بالطبيعة والكون.
وهو مشروع يعد سابقة وطنية وسيعمل على تحقيق العديد من المكتسبات منها أولا: تشجيع المواهب والمبدعين وبث روح المنافسة في مجال توظيف الفن الفوتوغرافي في توطين العلاقة بين الأجيال، والتحفيز على الاهتمام بالتراث وتوثيقه حماية للهوية المغربية، وتطوير آليات العمل المشترك بين المهتمين بالفن الفوتوغرافي هيئات وأفراد، مما سيفتح المجال الأرحب في وجه إقامة معارض للصور وإصدار مطبوعات تتعلق بالتراث اللامادي المغربي، فضلا عن توفير نسخ الكترونية من الصور لاستخدامات النشر وتزيين المحيط.
ثاتيا: بداية إشتغال المصور المغربي على مشاريع تشاركية في إطار عمل جماعي متكامل، لأن العمل الجماعي والقبول بالاصطفاف في الصف، ومد يد العون والقدرة على الإسهام ..كلها أمور من شأنها أن تقطع مع الفردانية والانزواء، وتحقق التكامل وتبادل التجارب والخبرات وبالتالي تحقيق رقي عال في مستوى ما تستحقه البلاد من إشراك لهذا الفن في التنمية المستدامة جنبا إلى جنب مع جميع الفعاليات والطاقات المتنوعة والمتعددة التي تزخر بها بلادنا..
ثالثا: هو مشروع سيحول انتباه الفنان الفوتوغرافي المغربي من التصوير العادي والمألوف إلى تصوير الموضوع والقضية والمعنى والحكاية المعبرة التي تترجم موقفا وقضية، في سياق خدمة قضايا كبرى تشكل لبلدنا تحديا، وهو المكان الطبيعي الذي يناسب المصور المغربي من حيث وجوده، وهو أهل لأن يكون له رأي فيه وكلمة.
ولقد كان المدخل الرئيس لهذا المشروع هو الإعلان عن مسابقة وطنية بعنوان: “نظرات فنية في الحرف التقليدية” موجهة للمصورين المغاربة ليقاربوا مجال الحرف التقليدية المغربية من خلال خمس صور تحاكي مراحل معينة من عمر الحرفة، وذلك وفق قانون يحدد معايير فنية ومعرفية من شأنها أن تساعد اللجنة التحكيمية في الإفراز الموضوعي للفائزين بهذه المسابقة. وحسب اللجنة المنظمة، فإن هذه المسابقة، ستكون مجرد بداية تؤسس لعمل كبير يفتح مجالات واسعة من الحركية والدينامية في وجه الفوتوغرافيين، مما سيحقق تراكمات، السيدُ فيها هو العمل الهادف، والسلوك الحضاري، والفعل التنموي البارز. وهي أمور من شأنها أن تغير من فكر وعقل الفوتوغرافي المغربي ليتحول من فرد معزول في مدينة أو قرية، يكتفي بالتقاط صورة لجبل أو زهرة أو إنسان، إلى فاعل مندمج في مشاريع وطنية كبرى، واندماجه هذا سيوفر له من التكوين والمعرفة ما يصقل موهبته ويفتح فرصا جديدة أمامه.
أما الحدث الثاني الأهم في هذا المهرجان الفني الكبير فهو تأسيس الفيدرالية المغربية للفن الفوتوغرافي، والتي جاءت كنتيجة لتراكمات وتفاعلات حوارية بين الفاعلين في مجال الفوتوغرافا من أكادير إلى وجدة مرورا بالدار البيضاء، والتي دامت لأزيد من خمس سنوات، مما جعل هذه الهيئة كمشروع قد أخذ وقته الكافي للنضج والنمو، ليخرج من مدينة وجدة للوجود كمؤسسة تحمل على عاتقها مسؤولية تنظيم هذا الفن وجمع أبنائه ومحبيه، والسهر على الرفع من مستواه ليكون ندا لكل التجارب العالمية، خصوصا وأنها كهيئة وطنية تضم أبرز الفوتوغرافيين العالميين المشهود لهم بالكفاءة والخبرة والأستاذية، مما سيعطيها من القوة ما يجعلها قادرة على إنتاج خطاب عملي وازن يجعلها ذات مصداقية، كأحد أهم الهيئات المتواجدة في الساحة المغربية بمشاريعها الكبرى وإنجازاتها المتميزة، سلاحها في ذلك الصورة نفسها التي تعتبر أفصح لغة وأقواها ولا يمكن الاستغناء عنها بأي وجه من الوجوه.
وإذا كان من أهم الوسائل التي ستعتمدها الفيدرالية في الرفع من مستوى الفوتوغرافيين المغاربة هو التكوين، سواء على المستوى النظري المعرفي أو العملي التطبيقي، فإن من بوادر الانسجام والتفاعل مع رؤية الفيدرالية ما تضمنه المهرجان من حلقات تكوينية علمية ومعرفية وأوراش تفاعلية، إذ سيتضمن برنامج هذا الملتقى الوطني الفني عرض محاضرتين هامتين تتناول الأولى موضوع: قراءة كرونولوجية في المدارس الفوتوغرافية الكبرى، وتتناول الثانية موضوع: عندما تتحول الفوتوغرافيا إلى صباغة، أو عندما تتحول الصورة إلى لوحة، Lorsque la photographie devient peinture وعلى جانب هاتين المحاضرتين سيتم فتح ورشات تكوينية الأولى بعنوان: L’approche artistique de la photographie de Rue ستعمل على إبراز بعض استراتيجيات التصوير الفوتوغرافي والتي تعتمد أساسا على تصوير الشارع من جهة وعلى المنتجات من جهة ثانية، والثانية بعنوان: تصوير المناظر الطبيعية مع دراسة خاصة: تصوير درب التبانة.
فضلا عن هذا، فإن البرنامج سيفتح المجال في وجه الفوتوغرافيين، محترفين وهواة، للاطلاع على تجارب وخبرات فوتوغرافيين مغاربة، فاتحا في ذلك مجالات للحوار والتفاعل حبا في المعرفة وجلبا للخبرة واطلاعا على مشاريع فوتوغرافية كابد أصحابها لأزيد من ستين سنة من العمل الدؤوب المبني على السفر والرحلة والمغامرة.
وسيكون الحفل الموسيقي الذي سيقام بالمعهد الجهوي للموسيقى والفن الكوريغرافي، هو أنسب مكان ينسجم مع عملية الإعلان عن الفائزين بمسابقة الحرف التقليدية ، ليتم في الأخير الإعلان الرسمي لنهاية المهرجان بتلاوة البيان الختامي.
وختاما نقول: يكفي مهرجان وجدة الوطني للفن الفوتوغرافي شرفا أن يكون قد أسس لخطوات أولى، سيكون لها ما بعدها، خصوصا في وجود فيدرالية وطنية قادرة على حمل المشعل للسير في الطريق من أجل إتمام ما بدئ خدمة للتراث اللامادي المغربي، واستكمالا للموسوعة الوطنية، وتأهيلا للمشهد الفوتوغرافي الوطني حتى يكون قادرا على الإجابة عن الأسئلة المطروحة، وحتى يكون حاضرا بكل قوة في مختلف المجالات إسهاما منه مع كافة الفعاليات في تنمية وازدهار ورقي بلدنا العزيز.