هولنــدا : 50 سنة على الهجــرة العمالية المغربية الى الأراضي المنخفضة
بقلم لحسن بنمريت – هولندا
بمناسبة مرور 50 سنة على الهجرة العمالية المغربية الرسمية الى هولندا بعد الاتفاقية الموقعة سنة 1969 بين الحكومتين لجلب اليد العاملة المغربية . نظمت تسع جمعيات ومؤسسات مغربية نشيطة بمدينة روتردام وتعمل في الحقل الثقافي والاجتماعي، ندوة متعددة الفقرات احتفاء بهذه المناسبة .حيث كان من المفروض أن يقام هذا الحفل قبل 3 سنوات ، لكن ظروف جائحة كورونا أحالت دون ذلك، وتم في نهاية المطاف ، تننظيم الندوة يوم الخميس 12 ماي 2022. بحضورعدة شخصيات ومؤسسات وفعاليات مغربية وهولندية . من بينهم السيد محمد البصري سفير صاحب الجلالة بلاهاي ونائبه السيد السغروشني والسيد عمر الخياري القنصل العام للمملكة المغربية بمنطقة روتردام رايموند والسادة القناصلة بكل من اتريخت وأمستردام ودنبوش، اضافة الى رؤساء الجمعيات والمؤسسات المغربية ،أما عـن الجانب الهولندي فحضرموظفون وفعاليات من المجتمع المدني، تتقدمهم المديرة العامة للمكتبة المركزية بروتردام وبعض السياسيين .
ومما أضاف الى اللقاء حماسا وعزيمة هوالموقف الايجابي للحكومة الهولندية تجاه وحدتنا الترابية وصحراءنا المغربية ، حيث أعلن وزيـر خارجيتها السيد “فوبك هوكسترا” قبل ايام ،عن تبني المقترح المغربي والمتمثل في الحكم الذاتي كحل وحيد وأوحد لطي هذا الملف.هذا الموقف الرائع والواقعي لهولندا التقطته الجالية المغربية ومعها العديد من الفعاليات الهولندية وبعض النشطاء بمزيد من الارتياح لأنه يعزز العمل المشترك ويعمل على تقارب الشعبين ويتيح الفرصة للسياسيين للعمل على تعاون أكبر في المجالين الاقتصادي والثقافي والأمني وهو ما يعود بالنفع على البلدين .
رجوعا الى الحفل الذي نظم بهذه المناسبة . فلقد تم تقديم كتاب للكاتبة والمؤرخة الهولندية المتخصصة في مجال الهجرة ، السيدة هــانيكا فربيـك ، حيث عملت على ادراج مجموعة من الأشخاص من أصول مغربية من الجيلين الأول والثاني ومن الجنسين . حيث تحدث المستجوبون عن مساره حياتهم في بلد الاقامة ،وعن ظروفهم الصعبة في البداية، سواء تعلق الأمر بجهلهم للغة الهولندية التي كانت المفتاح الرئيسي للتواصل في حيلتهم اليومية سواء لقضاء متطلباتهم أو التحدث مع الجيران وأرباب العمل وباقي المؤسسات الأخرى. ولقد حكى بعضهم طرائف عجيبة صادفتهم في حياتهم اليومية تضمنها الكتاب .المسالة الثانية تتعلق بظروف العمل التي كانت صعبة وشاقة للغاية ، كالعمل في المناجم والبناء والموانئ وغيرها، اضافة الى هذا العوامل المناخية، حيث كانت أوروبا عامة وهولندا خاصة معروفة ببردها القارس وتساقط الثلوج وانخفاض درجة الحرارة، مما كان يتطلب التأقلم مع الوضع.من جانب آخر، تحدث أغلب الأشخاص الذين شملهم الاستجواب ،عن فخرهم واعتزازهم بالارتباط القوي بالوطن الأم ، ومساعدة عائلاتهم في المغرب، وتحسين ظروفهم المعيشية والاجتماعية، وهو الاعتراف بالجميل والعرفان للهولنديين سياسيين ومواطنين عاديين . نقطة أخرى ركزعليها المستجوبون هي انه رغم مستواهم الدراسي المتدني، فلقد استطاع الجيل الأول بالاهتمام بتربية الأطفال والحرص على تعليمهم وتحفيزهم على الحصول على مراكز عليا في المجتمع ،ما دامت كل الظروف كانت متوفرة هذه المجهودات المذكورة أعطت اكلها وهو ما تحقق في السنوات الأخيرة، حيث أصبح المجتمه الهولندي غنيا بكفاءات من اصل مغربي من محاميين وأطباء وسياسيين وبرلمانيين وكتاب وصحافيين ورياضيين ومستثمرين الخ .
بالنسبة لبرنامج الندوة ، استهل السيد لحسن بنمريت القاء بكلمة ترحيبية بجميع الحضور يتقدمهم السيد سفـيرالمملكة المغربية والمديرة العامة للمكتبة المركزية كما تم تقديم الضيوف ومن بينهم الكاتبة المذكورة مع تقديم الشكر للعاملين في القاعة الكبرى للمسرح وهو المكان الذي نظمت فيه الندوة حيث قدمت جميع التسهيلات اللازمة من لوجستيك وترتيبات ساعدت على انجاح اللقاء حسب شهادة الجميع . بعد كلمة السيدة مديرة المكتبة المركزية التي أشادت فيها بالدورالايجابي والفعال للجالية المغربية في المجتمع الهولندي. تناولت الكلمة الكاتبة السيدة هانيكا وتحدثت باسهاب عن ظروف اصدار الكتاب وارتساماتها حول ما جاء على لسان المستجوبين ،وبالمناسبة سبق لها أن اصدرت كتبا اخرى من بينها كتاب ” “البولنديون في هولندا” سنة 2012 علما أنها متخصصة في مواضيع الهجرة والقليات واللاجئين .السيد سفير صاحب الجلالة تطرق في كلمة مقتضبة على دورالجالية المغربية سواء قي بلد الاقامة او البلد الأصلي، واشاد بتضحيات الجيل الأول، وشكر المنظمين مغاربة وهولنديين، وكذلك أثنى على الكاتبة الهولندية وعلى جهدها الذي دام أكثر من 6 اشهر بين الاتصال
بالمستجوبين وتحرير ما جاء على لسانهم بكل موضوعية ومصداقية . كما تخلل اللقاء دردشة مع بعض الفعاليات النشيطة على الساحة الهولندية حيث اشار السيد محمد السعيدي ، رئيس نقابة المسنين المغاربة بهولندا فرع روتردام (موبين)، بانه كان بالامكان تنظيم حفلة تقتصرعلى مداخلات وتناول الشاي، لكنه فكـر شخصيا و بدعم من الجمعيات المنظمة ، بأن اصدار كتاب بهذا الحجم، سيحفظ الذاكرة المغربية في هذا البلد وسيبقى ارثا للجيل الحالي والقادم، وذهب ابعد من ذلك ، حيث ذكر بأنه ستتم في الأيام المقبلة ، اتصالات مع المسؤولين الهولنديين لطلب تخصيص حصص لما جاء في الكتاب وكتب أخرى سابقة ، في المنظومة التعليمية لابراز المساهمة والتضحيات التي بذلها المغاربة منذ قدومهم الى هولندا، سواء تعلق الأمر بالدفاع عن اوروبا عامة وعن هولندا خاصة بعد الغزوالنازي أثناء الحرب العالمية الثانية، حيث لا زالت قبورالجنود المغاربة الموجودة بمنطقة زايلوند الهولندية شاهدة على ذلك ، أو من حيث المساهمة في بناء الاقتصاد الهولندي من خلال الأعمال الشاقة والاشتغال في الظروف الصعبة .اخيرا يمكن القول ، أن اللقاء كان ناجحا بشهادة الجميع، وصدورالكتاب وتقديمه ،كان بمثابة ثمرة هذا الجهد الكبير.اضافة الى الفقرات الموسيقية وتوزيع الورود وتسليم النسخة الأولى من الكتاب الى أحد الأشخاص من الجيل الأول الذي سلمه بدوره الى شخص آخر من الجيل الثاني وصولا الى فتاة عمرها 8 سنوات وكانت فكرة رائعة ومعبرة استحسنها الحاضرون .أخيرا نشيرالى أن العديد من القنوات الرسمية التلفزية قامت بتغطية هذا الحدث بغية بثها لاحقا.